< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/06/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / تعلّق الشيء بالعهدة أو تعلّقه بالذمّة

 

قال المحقّق الحلي:

«وإذا تزوّجها بمهر سرّاً وبآخر جهراً، كان لها الأوّل[1]

هذه المسألة من تفريعات العامّة التي طرحها الأصحاب تبعاً لهم.

قال في المغني: «مسألة: قال: «وإذا تزوّجها على صداقين سرّ وعلانية، أُخذ بالعلانية وإن كان السرّ قد انعقد به النكاح.»

ظاهر كلام الخرقيّ أنّ الرجل إذا تزوّج المرأة في السرّ بمهر ثمّ عقد عليها في العلانية بمهر آخر، أنّه يؤخذ بالعلانية...

وقال القاضي: «الواجب المهر الذي انعقد به النكاح سرّاً كان أو علانية» وحمل كلام أحمد والخرقيّ على أنّ المرأة لم تقرّ بنكاح السرّ فثبت مهر العلانية، لأنّه الذي ثبت به النكاح...

ووجه قول الخرقيّ أنّه إذا عقد في الظاهر عقدا بعد عقد السرّ، فقد وجد منه بذل الزائد على مهر السرّ، فيجب ذلك عليه، كما لو زادها على صداقها. ومقتضى ما ذكرنا من التعليل لكلام الخرقيّ أنّه إن كان مهر السرّ أكثر من العلانية، وجب مهر السرّ؛ لأنّه وجب عليه بعقده ولم تسقطه العلانية فبقي وجوبه. فأمّا إن اتّفقا على أنّ المهر ألف وأنّهما يعقدان العقد بألفين تجمّلاً ففعلا ذلك، فالمهر ألفان، لأنّها تسمية صحيحة في عقد صحيح فوجبت، كما لو لم يتقدّمها اتّفاق على خلافها...

ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يكون السرّ من جنس العلانية ـ نحو أن يكون السرّ ألفاً والعلانية ألفين ـ أو يكونا من جنسين ـ مثل أن يكون السرّ مائة درهم والعلانية مائة دينار ـ وإذا قلنا: إنّ الواجب مهر العلانية فيستحبّ للمرأة أن تفي للزوج بما وعدت به وشرطته على نفسها من أنّها لا تأخذ إلا مهر السرّ.

قال أحمد، في رواية ابن منصور: إذا تزوّج امرأة في السرّ بمهر وأعلنوا مهراً، ينبغي لهم أن يفوا ويؤخذ بالعلانية، فاستحبّ الوفاء بالشرط لئلا يحصل منهم غرور، ولأنّ النبيّ(ص) قال: ﴿المؤمنون على شروطهم﴾.

وعلى قول القاضي إذا ادّعى الزوج عقداً في السرّ انعقد به النكاح فيه مهر قليل فصدّقته، فليس لها سواه. وإن أنكرته، فالقول قولها، لأنّها منكرة. وإن أقرّت به وقالت: هما مهران في نكاحين وقال: بل نكاح واحد أسررناه ثمّ أظهرناه، فالقول قولها؛ لأنّ الظّاهر أنّ الثاني عقد صحيح يفيد حكماً كالأوّل، ولها المهر في العقد الثاني ونصف المهر في العقد الأوّل إن ادّعى سقوط نصفه بالطلاق قبل الدخول. وإن أصرّ على الإنكار سئلت المرأة، فإن ادّعت أنّه دخل بها في النكاح الأوّل ثمّ طلّقها طلاقاً بائناً ثمّ نكحها نكاحاً ثانياً، حلفت على ذلك واستحقّت، وإن أقرّت بما يسقط نصف المهر أو جميعه، لزمها ما أقرّت به.»[2]

وقد وردت رواية واحدة في هذا الشأن في أخبارنا أيضاً وهو خبر زرارة بن أعين عن أبي جعفر(ع): «في رجل أسرّ صداقاً وأعلن أکثر منه؟ فقال: هو الذي أسرّ وکان عليه النکاح.»[3] [4]

وأمّا الفروض المتصوّرة في المسألة فهي:

1 ـ أن يقرّ الزوج والزوجة كلاهما جعل مهر في النكاح المنعقد سابقاً، وأنّه جعل في العقد الثاني اللاحق مهر أكثر من مهر العقد الأوّل.

ولا إشكال في هذا الفرض أنّ المهر هو المقدار المذكور في العقد الأوّل، لأنّ العقد الثاني وقع حال الزوجيّة، فكان فاسداً، فيكون المهر المذكور في ضمنه فاسداً تبعاً له.

2 ـ أن يقرّ الزوج والزوجة كلاهما بالاتّفاق قبل العقد على مقدار المهر، والاتّفاق أيضاً في ضمن العقد على أن يذكر مقدار المهر أكثر من المتّفق عليه ظاهراً.

فالمهر في هذه الصورة هو المقدار المتّفق عليه ولا يؤدّي مجرّد ذكر المهر الزائد عليه ظاهراً في ضمن العقد، إلى تبدّل مهر الزوجة إلى غير ما اتّفق عليه، كما أنّ قصد الزوجين الجدّي في ضمن العقد أيضاً كان اعتبار المقدار الأوّل مهراً للزوجة.

ولکن قال الشيخ في المبسوط: «إذا اتّفقا على مهر وتواعدا به من غير عقد فقالت له: «جمّلني حال العقد بذكر أكثر منه» فذكر ذلك، لزمه ما عقد به العقد ولا يلتفت إلى ما تواعدا به، لأنّ العقد وقع صحيحاً، سرّاً كان أو علانية.»[5] ومثله کلام القاضي في المهذّب.[6]

وقال الشهيد الثاني في المسالك: «الثانية: أن يتّفقا على ذكر ألفين ظاهراً وعلى الاكتفاء بألف باطناً في عقد واحد، بأن يتواطئا على إرادة الألف بعبارة الألفين.

وفيه وجهان مبنيّان على أنّ اللغات هل هي توقيفيّة أو اصطلاحيّة‌؟ وعلى أنّ الاصطلاح الخاصّ‌ هل يؤثّر في الاصطلاح العامّ‌ ويغيّره أم لا؟ فعلى الأوّل يفسد المهر، لأنّ الألف غير ملفوظة والألفين غير مقصودة ولم تقع عبارة عنها لمباينتها لها وينتقل إلى مهر المثل. وعلى الثاني يحتمل الصحّة ويكون المهر الألف، لاصطلاحهما عليه، وكونه الألفين، لوقوع العقد عليه باتّفاقهما، والوضع العامّ‌ لا يتغيّر. وهذا الاحتمال يجري أيضاً على الأوّل...

ولو قيل بثبوت الألف خاصّة اعتباراً بما تواضعا واصطلحا عليه، لأنّ الألفاظ لا تعنى بأعيانها وإنّما ينظر إلى معانيها ومقاصدها، كان حسناً.»[7]

وقال کاشف اللثام: «لا يبعد القول بفسادهما، لخلوّ العقد عن الأوّل وخلوّ لفظه عن قصد الثاني.»[8]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo