< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / إمتناع الزوجة من تسليم نفسها قبل قبض المهر

 

ثالثاً: بناءً على العوضيّة بين البضع والمهر، يجب الالتزام بأنّه إن علم الزوج بأنّ الزوجة لن تمكّنه من نفسها على أيّ حال، فيحقّ له أن يمتنع عن دفع المهر، وهذا غير وجيه، وإن التزم به جماعة كما سيأتي ذكره لاحقاً. وعدم الوجاهة سببها أنّ الزوجة تملك جميع المهر بالعقد، وملكيّتها غير متوقّفة على التمكين، فإذا لم يكن دليل على تنصيف المهر في صورة الطلاق قبل الدخول، لكان مقتضى القاعدة أن يدفع الزوج جميع المهر إليها، بينما لو سلّم بالمدّعى لوجب القول بأنّ الزوجة إذا لم تمكّنه من نفسها وطلّقها الزوج في هذه الحالة، فلا يجب عليه أن يدفع إليها شيئاً من المهر، وإشكاله واضح.

وأما ما تقدّم في كلمات المحقّق الكركيّ من أنّ للزوجة أن تودع المهر عند شخص أمين حتّى يدفعه إليها بعد تحقّ الدخول بها، فهو لا يتلاءم مع كلمات الأصحاب من حقّ الزوجة للامتناع من التمكين حتّى استيفاء المهر.

نعم قال في المسالك: «إنّ الزوجة إن كانت كاملة صالحة للاستمتاع ولم يكن قد دخل بها الزوج والمهر حالّ‌ وهو موسر، فلها الامتناع من التمكين حتّى تقبض مهرها بتمامه اتّفاقاً، لا بمعنى وجوب ابتداء الزوج بتسليم المهر أوّلاً، بل إمّا بذلك أو بتقابضهما معاً بأن يؤمر الزوج بوضع الصداق في يد من يتّفقان عليه أو يد عدل وتؤمر بالتمكين، فإذا مكّنت سلّم العدل الصداق إليها. وهذا في الحقيقة في معنى إقباض المهر أوّلاً، إلا أنّ ما يخافه الزوج من فواته بوصوله إليها يستدرك بوضعه على يد العدل، فيصير في معنى التقابض معاً، حيث إنّ القابض نائب عنهما...

وفي المسألة وجهان آخران:

أحدهما: أنّه يجبر الزوج على تسليم الصداق أوّلاً، فإذا سلّم سلّمت نفسها... والثاني: أنّه لا يجبر واحد منهما، لكن إذا بادر أحدهما إلى التسليم أُجبر الآخر على تسليم ما عنده. وأصحّهما الأوّل، لما فيه من الجمع بين الحقّين.»[1]

ولکن استشکل عليه في الجواهر بقوله: «هو ـ مع أنّ الوضع في يد العدل حكم على الزوج لا دليل على وجوب امتثاله بناءً على ثبوت الحقّ لكلّ منهما بمقتضى المعاوضة... ـ قد يشكل بظهور الفتاوى كالعبارة ونحوها باستحقاق المرأة تسليم المهر أوّلاً.»[2]

قد يقال: إنّ المهر وإن لم يكن عوضاً عن البضع في النكاح، ولكن إذا جُعل حكمان شرعيّان ذوا موضوع واحد لشخصين بحيث يتسبّب كلّ من الحكمين بثبوت حقّ لأحدهما على عهدة الآخر، فالعرف يحکم بالعوضيّة في استيفاء الحقّين، بمعنى أنّ أداء حقّ أحدهما متوقّف على أدائه لحقّ الطرف الآخر.

ولكن يرد عليه أوّلاً: أنّه لا يمكن الالتزام بعموم هذا المعنى وإن أمكن الالتزام به جزئيّاً.

وثانياً: إذا تمّت الدعوى فيلزم منها إمكان امتناع كلّ من الزوج والزوجة عن إعطاء المهر والتمكين، ولا يختصّ حقّ الامتناع بالزوجة.

ولذلك ذهب بعض الأصحاب إلى عدم جواز امتناع الزوجة عن التمكين استيفاءً للمهر.

قال السيّد العاملي: «لم نقف في هذه المسألة على نصّ‌. والذي يقتضيه النظر فيها أنّ تسليم الزوجة لنفسها حقّ‌ عليها، وتسليم المهر إليها حقّ‌ عليه، فيجب على كلّ‌ منهما إيصال الحقّ‌ إلى مستحقّه، وإذا أخلّ‌ أحدهما بالواجب عصى ولا يسقط بعصيانه حقّ‌ الآخر، فإن تمّ‌ الإجماع على أنّ لها الامتناع من تسليم نفسها إلى أن تقبض المهر ـ كما ذكره الأكثر ـ أو إلى أن يحصل التقابض من الطرفين، فلا كلام، وإلا وجب المصير إلى ما ذكرناه.»[3] واستحسنه صاحب الحدائق.[4]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo