< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/07/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / النصوص الدالّة على لزوم إعطاء المهر قبل الدخول

 

ومنها: صحيحه عبد الرحمن‌ بن‌ الحجّاج‌، قال: «سألت‌ أبا عبدالله(ع) عن‌ الزوج والمرأة‌ يهلكان‌ جميعاً فيأتي ورثة‌ المرأة‌ فيدّعون‌ على ورثة‌ الرجل‌ الصداق‌؟ فقال: وقد هلكا وقسّم‌ الميراث؟‌ فقلت: نعم. فقال: ليس‌ لهم‌ شي‌ء. قلت: وإن‌ كانت‌ المرأة‌ حيّة‌ فجاءت‌ بعد موت‌ زوجها تدّعي صداقها؟ فقال: لا شي‌ء‌ لها وقد أقامت‌ معه‌ مقرّة‌ حتّى هلك‌ زوجها. فقلت: فإن‌ ماتت‌ وهو حيّ‌ فجاءت‌ ورثتها يطالبونه‌ بصداقها؟ فقال: وقد أقامت‌ معه‌ حتّى ماتت‌ لا تطلبه؟‌ فقلت: نعم. فقال: لا شي‌ء‌ لهم. قلت: فإن‌ طلّقها فجاءت‌ تطلب‌ صداقها؟ قال: وقد أقامت‌ لا تطلبه‌ حتّى طلّقها؟ لا شي‌ء‌ لها. قلت: فمتى حدّ ذلك‌ الذي إذا طلبته‌ كان‌ لها؟ قال: إذا أُهديت‌ إليه‌ ودخلت‌ بيته‌ ثمّ‌ طلبت‌ بعد ذلك‌ فلا شي‌ء‌ لها، إنّه‌ كثير، لها أن‌ تستحلف‌ بالله‌ ما لها قِبَله‌ من‌ صداقها، قليل‌ ولا كثير.»[1] [2]

قال المجلسي في المرآة: «قوله(ع): «إنّه كثير» لعلّ المعنى أنّ الزمان ما بين العقد والدخول كثير يكفي لعدم سماع قولها بعد ذلك. وحمل على أنّه اختلف الزوجان بعد الدخول في أصل تعيين المهر، فالقول قول الزوج. ويشكل بأنّه يلزم حينئذٍ مهر المثل. وحمله بعض المتأخّرين على ما إذا ادّعى شيئاً يسيراً أقلّ ما يسمّى مهراً ولم يسلّم التفويض ليثبت مهر المثل، فالقول قوله. ويمكن حمله على أنّه كان الشائع في ذلك الزمان أخذ المهر قبل الدخول، فالمرأة حينئذٍ تدّعي خلاف الظاهر، فهي مدّعية كما هو أحد معاني المدّعي، فالزوج منكر ولذا تستحلفه. وهذا الخبر صريح في نفي الهدم.»[3]

ويمكن أن يقال بالنسبة إلى ذيل الصحيحة أنّه يلزم من عدم قبول قول الزوجة في مطالبة المهر بعد ذهابها إلى بيت الزوجها أنّ قبول دعواها متوقّف على أن تستوفي مهرها قبل الذهاب إلى بيت الزوج ـ الذي هو تعبير عن تمكينها إيّاه من نفسها ـ بمعنى أنّه يحقّ لها الامتناع عن التمكين حتّى استيفاء المهر، فيمكن التمسّك بذيل الرواية مدركاً لقول المشهور من إثبات حقّ الزوجة في الامتناع من التمكين حتّى استيفاء كامل المهر.

إلا إذا قبلنا بما احتمله المجلسيّ ـ من أنّ جواز امتناع الزوجة من الذهاب إلى بيت الزوج المذكور في الرواية إنّما هو لشياع أخذ المهر قبل الذهاب إلى بيت الزوج في عصر صدور الرواية ـ فحقّ الزوجة للامتناع من التمكين في هذه الصورة المذكور في الرواية هو لوجود شرط مرتكز حين العقد لا لثبوت هذا الحقّ لها شرعاً ولو بدون الشرط.

وهناك أخبار يظهر منها عدم استحقاق الزوجة ثبوتاً أن تطالب بالمهر بعد الدخول.

منها: صحيحة الفضيل‌ عن‌ أبي جعفر(ع)‌: «في رجل‌ تزوّج‌ امرأة‌ فدخل‌ بها فأولدها ثمّ‌ مات‌ عنها فادّعت‌ شيئاً من‌ صداقها على ورثة‌ زوجها فجاءت‌ تطلبه‌ منهم‌ وتطلب‌ الميراث‌؟ فقال‌: أمّا الميراث‌ فلها أن‌ تطلبه،‌ وأمّا الصداق‌ فإنّ‌ الذي أخذت‌ من‌ الزوج‌ قبل‌ أن‌ يدخل‌ عليها فهو الذي حلّ‌ للزوج‌ به‌ فرجها، قليلاً كان‌ أو كثيراً، إذا هي‌ قبضته‌ وقبلته‌ ودخلت‌ عليه‌، فلا شي‌ء‌ لها بعد ذلك‌.»[4] [5]

ومنها: معتبرة مفضّل‌ بن‌ عمر، قال‌: «دخلت‌ على أبي عبدالله(ع)‌ فقلت‌ له:‌ أخبرني عن‌ مهر المرأة‌ الذي لا يجوز للمؤمنين‌ أن‌ يجوزوه؟‌ قال: فقال: السنّة‌ المحمّديّة،‌ خمسمائة‌ درهم،‌ فمن‌ زاد على ذلك‌ ردّ إلى السنّة، ولا شي‌ء‌ عليه‌ أكثر من‌ الخمسمائة‌ درهم؛‌ فإن‌ أعطاها من‌ الخمسمائة‌ درهم‌ درهما أو أكثر من‌ ذلك‌ ثمّ‌ دخل‌ بها فلا شي‌ء‌ عليه. قال: قلت: فإن‌ طلّقها بعدما دخل‌ بها؟ قال: لا شي‌ء‌ لها، إنّما كان‌ شرطها خمسمائة‌ درهم‌، فلمّا أن‌ دخل‌ بها قبل‌ أن‌ تستوفي صداقها هدم‌ الصداق، فلا شي‌ء‌ لها، إنّما لها ما أخذت‌ من‌ قبل‌ أن‌ يدخل‌ بها، فإذا طلبت‌ بعد ذلك‌ في حياة‌ منه‌ أو بعد موته‌ فلا شي‌ء‌ لها.»[6] [7]

ومنها: خبر عليّ‌ بن‌ كيسان‌ قال‌: «كتبت‌ إلى الصادق(ع)‌ أسأله‌ عن‌ رجل‌ يطلّق‌ امرأته‌ فطلبت‌ منه‌ المهر، وروى أصحابنا إذا دخل‌ بها لم‌ يكن‌ لها مهر؟ فكتب‌(ع)‌: لا مهر لها.»[8] [9]

وقال المجلسي في الملاذ: «كان المراد بالصادق الهادي(ع).»[10]

غير أنّ هذه الروايات إمّا أن تحمل على مقام الإثبات، أو ـ كما تقدّم سابقاً عن الشيخ في ذيل معتبرة المفضّل بن عمر ـ أن تحمل على دلالة رضا الزوجة بالدخول قبل استيفاء المهر على إبرائها لذمّة الزوج، فلا يجوز لها مطالبته بالمهر بعد ذلك.


[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص260، أبواب أبواب المهور، باب8، ح13، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo