< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / امتناع الزوجة من التمكين لجهة غير استيفاء المهر

 

إذا كان الزوجان صغيرين وطلب وليّ الصغيرة مهرها من وليّ الصغير، ففي هذه الصورة أيضاً يجب على ولي الصغير أن يدفع المهر لأنّه هو الذي أقدم على هذا النكاح للصغير. على أنّه يمكن في بعض الموارد أن يستند عدم إمكانيّة الاستمتاع إلى الصغير قبل الصغيرة ـ كما لو كان الصغير رضيعاً ـ ففي هذه الحالة، نقول من باب تقدّم الإسناد إلى عدم المقتضي على الإسناد إلى وجود المانع أنّ عدم إمكان الاستمتاع مستند إلى الصغير نفسه لا الصغيرة.

وبما تقدّم، يتّضح أيضاً وجه لزوم دفع المهر فيما كانت الزوجة كبيرة والزوج صغيراً.

الفرع السادس: امتناع الزوجة من التمكين لجهة غير استيفاء المهر

إذا امتنعت الزوجة من التمكين لجهة غير استيفاء المهر، فهل يجب دفع المهر على الزوج؟

قال العلامة في القواعد: «لو منعت من التمكين لا للتسليم ففي وجوب التسليم إشكال.»[1]

وقال المحقّق الکرکي في شرحه: «ينشأ من أنّ منعها نفسها من التمكين إلى زمان تسليم المهر على الوجه الذي قدّمناه حقّ ثابت لها غير مسقط لوجوب تسليمها المهر مع طلبها إيّاه. ولا فرق بين كون المنع لأجل التسليم أو لأجل غيره، لعدم اختلاف المنع على التقديرين، والاختلاف إنّما هو في القصد.

ومن أنّ المستحقّ لها هو المنع لتسليم المهر، لأنّ ذلك هو مقتضى المعاوضة لا المنع لغيره، فإذا منعت لغير التسليم انتفى البذل المعتبر شرعاً في وجوب التسليم.»[2]

ولکن قال صاحب الجواهر: «لا أعرف وجهاً للإشكال بعد البناء على اقتضاء المعاوضة التقابض المفروض انتفاؤه في المقام، وتسليم المهر إنّما يجب إذا امتنعت من التسليم لتتسلّمه، فإنّه الامتناع المشروع، فإذا امتنعت لغيره لم تبذل نفسها فلم تستحقّ عليه المهر، وصدق الامتناع من التسليم، وإن لم يكن لأجل التسليم لا يوجب تسليم المهر عليه كما هو واضح.»[3]

والحقّ ما ذهب إليه صاحب الجواهر (ره)، إذ من المعلوم أنّ لجواز امتناع الزوجة من التمكين غاية وهي استلام المهر، فالجائز من الامتناع هو الحاصل بهذا الغرض لا غيره. فإذن لو امتنعت لأغراض أخرى وقلنا بأنّ جواز الامتناع هو من باب تقابل الحقوق الزوجية أو العوضيّة بين المهر والبضع، فيجوز للزوج أيضاً أن يمتنع من تسليم المهر.

 

الفرع السابع: الاقتصار في الامتناع على التمكين الخاص

إذا قلنا بجواز الامتناع من التمكين للزوجة قبل استلام المهر، فهل يجوز ذلك في التمكين الخاصّ فقط ـ أي الدخول ـ أم يشمل التمكين العامّ أيضاً؟

لا تحتوي كلمات الأصحاب على جواز الامتناع من التمكين العامّ، ويظهر من كلماتهم أنّ المراد من التمكين هو الخاصّ منه، فكما تقدّم فمشهور الأصحاب يقولون بأنّه لا يجوز للزوجة الامتناع من الدخول بعد تحقّق الدخول، ويظهر منه أنّ حقّها للامتناع أيضاً يختصّ بالتمكين الخاصّ، بل هو المصرّح في كلمات بعضهم (ره).

قال العلامة في الإرشاد: «لها الامتناع من الدخول قبل قبضه.»[4]

علماً بأنّ كلمات بعضهم (ره) تحتوي على ما قد يكون إشارة إلى جواز الامتناع من التمكين العام.

قال الشيخ في المبسوط: «إذا كانت المرأة نضواً ـ وهي النحيفة القليلة اللحم ـ فطالب بها زوجها، لم يخلُ من أحد أمرين: إمّا أن يكون النضو خلقة وجبلّة، أو لعارض وعلّة.

فإن كان ذلك خلقة فمتى سلّم إليها مهرها لزم تسليم نفسها إليه، لأنّ العادة لم تجر أنّ لنضو الخلق منع نفسها عن زوجها.

فإذا تسلّمها كان له أن يستمتع بها فيما دون الفرج وبكلّ ما يستمتع الرجل بالقويّة السمينة إلا الجماع في الفرج، فإنّه ينظر فيه، فإن كانت ممّن لا ضرر عليها في جماعة فعليها تمكينه، لأنّه لا ضرر عليها في جماعه، وإن كانت على صفة يخاف عليها من الجماع الجناية عليها أو مشقّة شديدة، منع منها.»[5]

وكما هو معلوم، فالمستفاد من ظاهر هذه الكلمات أنّه يحقّ للزوجة الامتناع من التمكين العام أيضاً، لأن المرأة النحيفة التي لا يجوز للزوج مجامعتها ـ لتضرّرها بالوطئ ـ إذا جاز لها الامتناع من تسليم نفسها إليه، فهذا الامتناع لا يكون إلا عن التمكين العام، لأنّ الخاصّ منه منتف بحكم الشرع على أية حال.

وقال الحلبي في الکافي: «إذا صحّ التسليم وحمل الزوج الصداق، كان له نقل الزوجة إلى بيته ولم يكن لها خيار.»[6]

الظاهر من كلامه أيضاً حقّ امتناع الزوجة من الذهاب إلى بيت الزوج ممّا يلازم التمكين العامّ وليس مجرّد حقّ الامتناع من الدخول.

أمّا ما يمكن قوله في المسألة هو أنّ مستندها إذا كان صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج، فظاهرها جواز امتناع الزوجة من التمكين العام، وإذا كان المستند تقابل الحقوق الزوجيّة فبما أنّ الحق الثابت للزوج على الزوجة لا يقتصر على الدخول ويشمل جميع الاستمتاعات، فيحقّ للزوجة الامتناع من التمكين العام في هذه الصورة أيضاً.

وأمّا إذا كان المستند هو العوضيّة بين البضع والمهر، يعلّق حكم المسألة على اعتبار البضع بمعنى الدخول أو بمعنى مطلق الاستمتاع، والظاهر الأول.

قال في لسان العرب: «البُضع: النكاح؛ عن ابن السكّيت. والمباضعة: المجامعة، وهي البِضاع... ويقال: «ملك فلان بُضع فلانة» إذا ملك عقدة نكاحها، وهو كناية عن موضع الغشيان. وابتضع فلان وبضع: إذا تزوّج. والمباضعة: المباشرة... وبَضَع المرأة بَضعاً وباضعها مباضعة وبِضاعا: جامعها. والاسم: البُضع وجمعه بضوع...

والبُضع: مهر المرأة. والبُضع: الطلاق. والبُضع: ملك الوليّ للمرأة. قال الأزهري: واختلف الناس في البُضع، فقال قوم: هو الفرج، وقال قوم: هو الجماع، وقد قيل: هو عقد النكاح.»[7]

فهذا الفرع ليس خالياً عن الإشكال كأصل المسألة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo