< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/08/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / مهر المثل

 

قال المحقّق الحلّي:

«الثانية: المعتبر في مهر المثل حال المرأة في الشرف والجمال وعادة نسائها ما لم يتجاوز السنّة وهو خمسمائة درهم.

والمعتبر في المتعة حال الزوج، فالغنيّ يتمتّع بالدابّة أو الثوب المرتفع أو عشرة دنانير والمتوسّط بخمسة دنانير أو الثوب المتوسّط والفقير بالدينار أو الخاتم و ما شاكله.

ولا تستحقّ المتعة إلا المطلّقة التي لم يفرض لها مهر ولم يدخل بها.»[1]

الفرع الأوّل: الملاك في تعيين مهر المثل

للأصحاب أقوال في ملاك تعيين مهر المثل:

القول الأول: ملاحظة شروط وأحوال المرأة

تقدّم هذا الملاك في كلمات المحقّق الحلّي.

قال في الجواهر: «المعتبر في مهر المثل حال المرأة في الشرف والجمال وعادة نسائها والسنّ والبكارة والعقل واليسار والعفّة والأدب وأضدادها. وبالجملة ما يختلف به الغرض والرغبة اختلافاً بيّناً، فيكون المعتبر حينئذٍ المثليّة بالأهل والصفات جميعاً.»[2]

القول الثاني: ملاحظة مهر الأقارب من النساء

قال الشيخ في الخلاف: «مهر المثل في الموضع الذي يجب، يعتبر بنساء أهلها من أُمّها وأُختها وعمّتها وخالتها وغير ذلك...

وقال الشافعي: يعتبر بنساء عصبتها دون أُمّها ونساء أرحامها ونساء بلدها. ونساء عصبتها أخواتها وبنات الإخوة، وعمّاتها وبنات الأعمام، وعمات الأب وبنات أعمام الأب، وعلى هذا أبداً.

وقال مالك: اعتبر بنساء بلدها.

وقال أبو حنيفة: يعتبر بنساء أهلها من العصبات وغيرهم من أرحامها.

وقيل: إنّ هذا مذهب ابن أبي ليلى وأنّ مذهب أبي حنيفة مثل مذهب الشافعي.

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.»[3]

وقال العلامة في القواعد: «هل المعتبر: العصبات أو الأقارب مطلقاً؟ إشكال. أمّا الأُمّ‌ فليست من نسبها فلا يعتبر بها.»[4]

وقال کاشف اللثام: «يعتبر في أقاربها أن يكونوا من أهل بلدها كما ذكره الشيخ والقاضي وغيرهما، فإنّ‌ البلاد يتفاوت في المهور تفاوتاً بيّناً، فلو لم يعتبر البلد أشكل الأمر مع الاختلاف. وكما اعتبر الاختلاف في الصفات لإيجابه اختلاف المهر لزم اعتبار الاختلاف في البلد، وللضرر العظيم إن لم نعتبر البلد، ولأنّ‌ الظاهر منها الرضا بمهر أمثالها في البلد إذا مكّنت.

ويحتمل عدم اعتبار البلد، لإطلاق الأخبار.»[5]

لكنّ الحقّ أنّ القولين راجعان إلى معنىً واحد، ولذلك ورد في كلمات المحقّق التعبير بـ «عادة نسائها» الظاهر في مقدار مهر أقارب الزوجة.

وبعبارة أُخرى فكلّ ما كان دخيلاً في تعيين المهر المسمّى للمرأة عرفاً، فهو دخيل في تعيين مهر مثلها أيضاً، ومن جملتها حسب المرأة ونسبها، ولذلك فإنّ مهر أقاربها يكون من ملاكات تعيين مهر مثلها، ولكنّه ليس كلّ الملاك.

فلذا قال الشيخ في المبسوط: «عندنا أنّ مهر المثل يعتبر بنسائها من الأُمّ والأُخت والعمّة والخالة ومن يجري مجراهنّ...

ويعتبر بمن هو في سنّها، لأنّ المهر يختلف باختلاف السنّ، ويعتبر ذلك بعقلها وحمقها، لأنّه يختلف بذلك، ويعتبر بجمالها وقبحها لأنّه يختلف بذلك، ويعتبر بحال يسارها وإعسارها، وبأدبها، وبالبكارة والثيوبة، وبصراحة نسبها من الطرفين، لأنّ المهر يختلف بجميع ذلك.

وجملته أنّ كلّ أمر يختلف المهر لأجله فإنّه يعتبر به.»

وتبيّن بما تقدّم أنّه لا وجه للتفصيل بين الأقارب وحصرهم في أقارب الأب، إذ كما تقدّم في كلمات الشيخ فمهر أقارب الأمّ النسبيّين أيضاً داخل في حكم العرف في تعيين المهر.

وأمّا إذا كانت صفات المرأة بنحو لم تكن كلّها موجودة في سائر النساء ـ كما لو كانت على الرغم من حسبها الشريف ذات نقص ليس في أقاربها، أو كانت أدنى حسباً منهم لكنّها متّصفة بكمالات ليست فيهنّ ـ فجيب أخذ كلّ وصف كماليّ أو نقص مستقلاً في اعتبار زيادة المهر أو نقصانه.

كما يجب في احتساب مهر المثل عدم اعتبار المرأة المثيلة في الأوصاف ذات المهر الأكثر أو الأقلّ من الحدّ العرفيّ التي يقال عنها عرفاً: كان ينبغي أن يكون مهرها أقلّ أو أكثر.

القول الثالث: اعتبار أحوال الرجل زائداً على شرائط المرأة

قال العلامة في القواعد: «لو كان الزوج من عشيرتها والعادة في نسائها تخفيف المهر للقريب خفّف، وكذا لو خفّف عن الشريف.»[6]

وقال کاشف اللثام: «وبالجملة في كلّ‌ ما يختلف لأجله النكاح في الرغبة والمهر لينضبط، ومن ذلك تزويج مثلها بمثله، فإنّه يختلف به اختلافاً بيّناً.»[7]

وقال السيّد السيستاني في منهاجه: «المعتبر في مهر المثل في كلّ مورد يحكم بثبوته ملاحظة حال المرأة وصفاتها... والظاهر دخالة حال الزوج في ذلك أيضاً[8]

فما يمکن أن يستفاد من هذه الكلمات أمران:

1 ـ أحوال الزوج دخيلة في تعيين مهر مثل المرأة.

2 ـ أحوال الزوج ليست دخيلة في تعيين مهر المثل للمرأة، ولكن إذا كانت شرائطه دخيلة عرفاً في تخفيف المهر، فيجب أن تؤخذ تلك الشرائط بنظر الاعتبار في تخفيف مهر المثل أيضاً.

أقول: الحقّ أنّه لا يمكن الالتزام بمدخليّة شرائط الزوج في تعيين مهر المثل، لأنّ التعابير الواردة في الروايات هي «صداق نسائها» و«مهر نسائها» و«مهر مثل مهور نسائها» وأمثالها، ممّا يظهر منه أنّ المعتبر في تعيين مهر المثل هو شرائط المرأة لا الرجل.

على أنّ العرف لا يعتبر في تعيين مهر المرأة الرجل الذي يتزوّجها، بل العرف يقضي بمقدار المهر حسب شرائط المرأة قبل أن يعرف زوجها، ولا يقول العرف: أنّ التي تتزوّج برجل متّصف بكذا خصوصيّات فمهرها كذا وكذا، وإن كان الزوج غيره فيختلف الحال.

نعم، صحيح أنّ التي تعيّن مهرها أكثر من مهر مثلها أو أقلّ منه حسب شرائط الزوج ـ كما لو كان مهر مثلها 100 دينار ولكنّها قبلت بأقلّ منه لخصائص في الرجل أو رغبةً فيه، أو التي تحدّد مهراً أكثر من مثلها لنقص في الزوج ـ فإنّ العرف لا يحكم بكون المهر المقرّر مهر مثلها، وإنّما يرى في الأقلّ أنّ المرأة قبلت بالأقلّ من مهر مثلها وفي الأكثر أنّها أخذت أكثر من استحقاقها عادةّ.

ويؤيّد عدم دخل خصائص الزوج في تعيين مهر المثل وجوب دفع مهر المثل في موارد وطء الشبهة حيث إنّ التعابير الواردة فيه تشبه المورد، ومعلوم أنّه لا وجه لاعتبار حال الواطي في تعيين مهر مثل الموطوءة بالشبهة.

هذا کلّه في الاحتمال الأوّل. وأمّا الاحتمال الثاني فندرسه في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo