< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:مسألة الضد/تعريف المسألة/المراد من«الاقتضاء»-الضد الخاص

 

قال الآخوند الخراساني في بيان المراد من الاقتضاء أنّه أعمّ من أن يكون بنحو العينيّة ـ أي المدلول المطابقيّ ـ أو بنحو الجزئيّة ـ أي المدلول التضمّني ـ أو اللزوم ـ أي المدلول الالتزامي ـ من جهة التلازم بين طلب الشيء وطلب ترك ضدّه، أو من حيث مقدّمية ترك الضدّ لفعل الضدّ الآخر[1] .

وبعبارة أخرى فكما قال السيّد الروحاني المراد من الاقتضاء في عنوان المسألة هو اللابدّية[2] .

لكن الإمام الخميني أشكل على هذا المعنى وقال: التوسعة التي فرضها الآخوند في معنى الاقتضاء هي في سبيل شمول جميع المباني في المسألة والحال أنّ بعض هذه المباني ـ مثل دلالة الأمر على النهي عن الضدّ مطابقة أو تضمّناً ـ واضحة البطلان، بل ليس للاقتضاء بمعنى العينية معنىً محصّل، على أنّ البحث إن شمل الدلالة المطابقيّة والتضمّنيّة للأمر، لكان ذلك من مسائل علم اللغة لا علم الأصول.

إذن الأفضل أن نعتبر الاقتضاء بمعنى الالتزام لتكون المسألة من مسائل الأصول العقليّة[3] .

وقال المحقّق العراقيّ: إنّ المراد من الاقتضاء هو الاقتضاء في مرحلة الثبوت وليس الإثبات، ولذلك لا يختصّ البحث المذكور بالأوامر التي يدلّ عليها الدليل اللفظيّ بل تشمل أيضاً الأوامر المدلول عليها بالدليل اللبّي[4] .

فبناءً على ما ذهب إليه أيضاً لا يكون للاقتضاء معنى حسب العينيّة أو الجزئيّة، لأنّهما متعلّقان بمرحلة الإثبات وليس الثبوت.

والحقّ صحّة دعوى من ذهب إلى كون الاقتضاء بمعنى الاستلزام وأنّ المسألة في مقام الثبوت، فإذن يمكن أن يقال إن المسألة من المستقلات العقليّة لعلم الأصول، وإن ذهب جماعة إلى كون المسألة من المسائل الفقهيّة واستدلّوا عليه بأنّ البحث عن حرمة الضدّ بحث فقهيّ.

ويرد على مذهبهم أنّ مسألة الضدّ لا يبحث فيها عن الحرمة، بل عن الملازمة بين وجوب الشيء وحرمة ضدّه.

وقد عدّ البعض هذه المسألة من مبادي علم الأصول والحال أنّ نتيجتها لا تبيّن موضوع مسألة أصوليّة ولا محمولها ولا ذاتيّاتها لتكون من مباديها التصوّرية كما لا تقع مقدّمة في قياس ينتهي إلى نتيجة أصوليّة لتعدّ من المبادي التصديقية[5] .

ثمّ إنّ ما يدلّ على كون المسألة أصوليّة هو وجود الملاك الذي تقدّم سابقاً للمسائل الأصوليّة بأنّ تكون لا بشرط نسبةً إلى الموضوعات الفقهيّة وأن يكون من شأن نتيجتها أن تقع في القياس الفقهيّ للنيل إلی الجعل الشرعيّ .

وسبب عدّها من المسائل العقليّة هو أنّنا لا نبحث فيها عن مداليل الألفاظ وإنّما عن الملازمة العقليّة.

وآخرون قالوا إنّ هذه المسألة من غير المستقلات العقليّة والسبب أنّ صغرى قياسها مقدّمة غير عقليّة، لكن الظاهر أنّ دعواهم هذه نشأت عن الخلط بين النهي عن الضدّ وبين الملازمة بين الأمر بالشيء والنهي عن ضدّه، لأنّ المسألة الأولى وإن كانت من غير المستقلات العقليّة لكنّها ليست أصوليّة وإنّما هي بحث فقهيّ كما تقدّم. وأمّا في المسألة الثانية فالبحث عن وجود أو عدم الملازمة العقليّة بين طلب الشيء والنهي عن ضدّه وهذه الملازمة لا تبتني على أيّ صغرى غير عقليّة.

إلا أنّه إذا كان المراد من غير المستقلات العقلية في علم الأصول هي المسائل التي نحتاج في الاستنتاج الفقهي منها إلى ضمّ مسألة غير شرعيّة إليها، فمن الممكن اعتبار هذه المسألة من غير المستقلات العقلية.

وبعد توضيح الغاية من مسألة الضدّ، نبحث عنها في مقامين:

المقام الأوّل: الضدّ الخاص

استدل على إثبات الملازمة بين الأمر بالشيء والنهي عن ضدّه الخاص، بطريقتين:

الاستدلال الأوّل
: إنّ ترك أحد الضدّين مقدّمة للإتيان بالضدّ الآخر، ومقدّمة الواجب واجبة، فإذا تعلّق الأمر بأحد الضدّين، تعلّق الأمر بترك الضدّ الآخر أيضاً، والنتيجة حرمة الضدّ الثاني.

وهذا الاستدلال مركب من صغرى وكبرى، يجب دراسة كلّ منهما على حدة.

أمّا الصغرى فقد استدلّ عليها بأنّه بما أنّ وجود كلّ من الضدّين مانع من الآخر، وعدم المانع من أجزاء العلّة التامّة، إذن عدم كلّ ضدّ يكون من أجزاء العلّة التامّة للضدّ الآخر، ويلزم منه مقدّمية عدم الضد لإيجاد الضدّ الآخر، لأنّ مقدّمة إيجاد المعلول هي استجماع أجزاء علّته التامة من المقتضي والشرط وعدم المانع.

وأمّا الكبرى فهي مبنيّة على وجوب الشرعيّ للمقدّمة الذي تقدّم البحث فيه سابقاً.

إذن المطلب الرئيسيّ في هذا الاستدلال هو دعوى مقدّميّة عدم أحد الضدّين لوجود الضدّ الآخر التي يجب دراستها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo