< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد/الضد الخاص/جواب السيّد الخميني عن مقدّمية عدم الضدّ

 

أجاب السيّد الخميني عن دعوى مقدّمية عدم الضدّ لوجود الضدّ الآخر بأنّه لا يلزم من التمانع بين الضدّين توقّف أحد الضدّين على عدم الضدّ الآخر، إذ لا يجوز للأمر العدميّ أن يكون دخيلاً في تحقّق شيء، لأنّ ما لا شيئيّة له فجميع الأُمور الثبوتيّة مسلوبة عنه بالسلب التحصيلي، بينما التوقّف من جهة الموقوف والموقوف عليه أمر ثبوتيّ، وثبوته للموقوف عليه فرع لثبوت أمر ثبوتي له، بل ثبوت كلّ شيء لشيء فرع لثبوت ذلك الشيء، وما يفتقد الشيئيّة فلا معنى للتقدّم والتأخّر والمقارنة له[1] .

والحقّ أنّ الجواب مقبول، والمعروف من أنّ عدم المانع من أجزاء العلّة التامّة، ليس المراد منه أنّ للأمر العدميّ جزئيّة، بل بما أنّ المانع يمنع من تأثير المقتضي، فإعدامه ـ وهو أمر وجودي لا عدمي ـ دخيل في تحقّق المعلول، فيستخدم حاصل المصدر ـ وهو أمر عدمي ـ بدلاً من استخدام المصدر الذي هو وجودي من باب المسامحة، ليشمل ما كان المانع فيه موجوداً فيلزم إعدامه، كما يشمل ما ينتفي المانع فيه والأمر العدميّ حاصل فيه بنفسه.

ولکن ردّ المحقق الاصفهانيّ هذه الدعوى فقال: إنّ عدم المانع متمّم لقابليّة القابل، فكما أنّ عدم الرطوبة متمّم لقابليّة المحلّ للاحتراق، فكذلك عدم البياض متمّم لقابليّته لعروض السواد. لكنّ القابليّات والاستعدادات والإضافات وأعدام الملكات ليس لها ما يطابقها خارجاً، لأنّ الشؤون والحيثيّات الانتزاعيّة إنّما هي للأُمور الموجودة، فعدم البياض في الموضوع ـ وهو من قبيل عدم الملكة ـ من الحيثيّات التي تنتزع من وجوده، وإذا كان الموضوع بحيث لم يكن أبيض، فمعناه أنّه يقبل عروض السواد، إذن فمتمّم قابليّة القابل هو حيثيّة انتزاعيّة مثل القابل نفسه[2] .

لكنّ السيّد الخمينيّ ردّ هذا الإستدلال بأنّ قابليّة المحلّ من شؤون وجوده من غير أن يكون لأمر خارج منه مدخليّة في هذه القابليّة. فالجسم فيه قابليّة عروض السواد وليست هذه القابليّة متوقّفة على عدم البياض، وكونها حال اتّصافها بالبياض لا تقبل الاتّصاف بالسواد ليس من باب النقص في القابلية وتوقّف القابليّة على عدم الضد، بل من جهة التمانع بين الوجودين. كما لا يصحّ ما ذهب إليه المحقّق الإصفهاني من القول بالتساوي بين القابليّات والاستعدادات والإضافات وبين أعدام الملكات، لأنّ الثلاث الأُول أُمور وجوديّة والأخيرة عدميّة[3] .

ودعوى السيد الخمينيّ مقبولة، على أنّ دعوى المحقّق الإصفهاني يرد عليها أيضاً أنّه لا منافاة بين كون الشيء من الأُمور الانتزاعيّة وبين كونه أمراً عدميّاً، بل إذا كان الأمر الانتزاعي منتزعاً عن حيثيّة وجوديّة فهو وجوديّ ـ مثل الفوقيّة والتحتيّة ـ وإذا كان منتزعاً من حيثيّة عدميّة فعدميّ ـ مثل عدم الملكة ـ فانتزاع الأمر العدمي من أمر وجوديّ لا يرفع إشكاليّة تأثير الأمر العدمي، لأنّ تأثير الأمر الوجودي من حيثيّته العدميّة تؤدّي مرّة أُخرى إلى بقاء إشكاليّة تأثير الأمر العدميّ في أمر وجوديّ.

ونتيجة هذا البحث هي القول بالتفصيل بين الضدّ الموجود والضدّ المعدوم الذي التزم به الآغا جمال الخوانساريّ وسنبحثه في الجلسة الآتية إن شاء الله.


[2] نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج2، ص182 - 184.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo