< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / تصحيح العبادة بالإيجاب التامّ والناقص

 

الوجه الثالث: تصحيح العبادة بالإيجاب التامّ والناقص

بيّن المحقّق العراقي توجيهه لإمكانيّة التعبّد بالواجب المهمّ على الرغم من ترك الواجب الأهمّ قائلاً: إذا تزاحم الواجبان اللذان لا رجحان لأحدهما على الآخر من حيث الأهمّيّة، فلا إشكال من أنّه يجب على المكلّف أن يأتي بأحدهما، وتخييره في الإتيان بأحدهما مبنيّ على أمر عقلي أو شرعي، وليس مجرّد تخيير في مقام العمل كمورد الضدّين اللذين لا ثالث لهما. ولكن يجب النظر في أنّ التخيير المذكور هل يعود إلى تقييد طلب كلّ منهما بالأمر بترك الآخر وعصيانه أم يعود إلى أمر آخر؟

ثمّ قال: ما يمكن تصوره في المسألة ثلاثة حالات:

1 ـ رجوع التخيير إلى تقييد الطلب في كلّ من الواجبين بعدم الآخر، إمّا إلى العدم الموجود قبل الأمر بالآخر والذي ما زال باقياً، أو إلى العدم الحادث بعد الأمر بالآخر والذي ينتزع منه عنوان العصيان النقيض للطاعة.

ولكن هذه الحالة لا ترفع المحذور، إذ في الفرض الأوّل بما أنّ شرط كلّ من الأمرين موجود قبل الإتيان بكلّ منهما، فلا يرتفع محذور المطاردة بين الأمرين. وأمّا الفرض الثاني فهو وإن كان يرتفع فيه محذور المطاردة ـ لأنّ تأثير كلّ من الأمرين في رتبة سقوط الأمر الآخر ـ لكنّه يستلزم تأخّر كلّ من الأمرين عن الآخر بمرتبتين، لأنّ وجود الطلب في كلّ منهما متوقّف على تحقّق عصيان الآخر وهذا يستلزم الخلف.

2 ـ رجوع التخيير إلى تقييد الواجب في كلّ من الأمرين وإطلاق الطلب فيهما، إمّا بأن يكون قيد الواجب في كلّ منهما عدم الآخر حتّى يلزم تحصيل القيد، أو بأن يكون القيد عبارة عن عدم الآخر الناشئ عن سائر الدواعي غير دعوة الأمر المذكور حتّى لا يلزم تحصيل القيد.

فهذه الحالة أيضاً لا ترفع المحذور، لأنّ الفرض الثاني فيه إشكال تأخير كلّ من الواجبين على الآخر برتبة واحدة ـ لأنّ كل واجب متأخّر عن عدم الآخر رتبة، وبما أنّ النقيضين في رتبة واحدة، فكلّ منهما متأخّر عن وجود الآخر أيضاً ـ وفي الفرض الأوّل مضافاً إلی هذا الإشكال، فيشكل بعدم رفع المطاردة بين الأمرين، لأنّ قيد كلّ من الواجبين ـ اللذين يلزم تحصيلهما ـ هو ترك الآخر.

3 ـ التخيير يرجع إلى وجوب كلّ من التكليفين بنحو تعيينيّ، ولكن لا بإيجاب تامّ يقتضي المنع من جميع أنحاء تروكه حتّى الترك الملازم لوجود ضدّه، بل بإيجاب ناقص يكون مقتضاه عدم المنع إلا عن بعض أنحاء تروكه وهو الترك الحاصل حال ترك الواجب الآخر، وهو يعود إلى إيجاب حفظ وجود كلّ من الضدّين من قبل سائر الجهات في الظرف الذي يحفظ فيه وجوده من قبل ضدّه المعدوم اتّفاقاً.

وبعبارة أُخرى فإنّ الأمر يتعلّق في هذه الموارد بمتمّم الوجود لا إلى الوجود على الإطلاق بنحو يلزم سدّ باب جميع الأعدام حتّى العدم الملازم لوجود الضدّ الآخر.

ويلزم من هذا النحو من الوجوب، تخصيص الواجب في كلّ من الضدّين بما يلازم عدم الآخر، لا من جهة التقييد في الواجب أو الوجوب، بل من حيث قصور الوجوب في حدّ نفسه عن شمول غير هذا المورد.

وتابع قائلاً: وهذا إنّما يكون فيما تتساوى فيه رتبة الأمرين في الأهمّيّة، ولكن إذا كان أحدهما أهمّ والآخر مهمّاً، فالأمر بالأهمّ تامّ والأمر بالمهمّ ناقص، وحتّى لو اقتضى الأمر التامّ بالأهمّ طردَ المهمّ ولكن بما أنّ الأمر بالمهمّ ناقص، فلن يكون بينهما منافاة ومطاردة.[1]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo