< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / تقدّم الواجب غير المشروط علی الواجب المشروط

 

ذهب الميرزا النائينيّ إلى أنّ الواجب غير المشروط وإن لم يكن فعليّاً فهو مقدّم على الواجب المشروط.

لكن مقتضى التحقيق في المسألة أنّه لو اشترط في متعلّق الواجب عدم وجوب واجب ثانٍ لم يصبح فعليّاً بعد، فلن يكون الإتيان به واجباً على المكلّف، لعدم حصول القيد في متعلّق الواجب الأوّل.

وأمّا إذا قيّد متعلّق الواجب الأوّل بعدم وجوب واجب آخر أو بالقدرة مطلقاً، ففي هذه الحالة ـ وكما تقدّم ـ لا دليل على تقديم الواجب الثاني بمجرّد وجوبه ـ ولو بعد فعليّته ـ على الواجب الأوّل.

وأمّا إذا كان مراده من التقييد هو تقييد الوجوب، فالإشكال فيه عين ما أشكل سابقاً على تقييد الواجب من أنّه إذا كان ما اشترطت به الهيئة حصّة معيّنة من القدرة الشرعيّة لا علاقة لها بواجب آخر، أو كان قيد الوجوب هو القدرة مطلقاً، فمن غير الوجيه تقديم الواجب الثاني بمجرّد وجوبه على الواجب الذي اشترط في وجوبه القدرة.

فإذا تحصّل شرط وجوب الواجب المقيّد بالقدرة وجوبه وتزاحم مع واجب آخر، فلا دليل لتقديم الواجب الآخر عليه. ومن العجيب أنّه قال بتقديم جميع الواجبات ولو قليلة الأهميّة منها على الحجّ، فذلك ممّا لا يمكن الالتزام به.

فلو وجب على الشخص ردّ السلام ولكنّ الظروف كانت بحيث إذا أراد التسليم لفَقَد إمكانيّة السير نحو الحجّ وفاته الحجّ، فهل يمكن الالتزام بأنّ ردّ السلام مقدّم على أداء الحجّ؟!

3 ـ إنّ تقديم الواجب الذي ليس له بدل على ذي البدل الشرعي ليس من باب أنّ الواجب ذي البدل في الحقيقة مشروط بالقدرة الشرعيّة، إذ سيرد عليه الإشكال المتقدّم نفسه، وإنّما هو لإمكان تدارك مقدار من مصلحة الواجب ذي البدل بالإتيان بالبدل، وإذا دار الأمر بين أن يتمّ تدارك مصلحة الواجب الأوّل تماماً وتفوت مصلحة الواجب الثاني تماماً، وبين أن يتدارك جزء من مصلحة الواجب الأوّل مع تمام مصلحة الواجب الثاني، فترجّح الحالة الثانية، إلا إذا أُحرز أنّ المصلحة التي تفوت بترك الواجب ذي البدل والإتيان ببدله في الحالة الثانية، أكثر من مصلحة الإتيان بالواجب الفاقد للبدل.

وبعبارة أُخرى، فحكم العقل بالتخيير هو فيما لا يوجد مرجّح قطعيّ لترجيح الإتيان بواجب آخر ولا احتمال ترجيح لواجب على آخر، فإن كان لأحد المتزاحمين بدل، فلاحتمال أنّ الجزء الفائت من المصلحة بإتيان البدل أقلّ من مصلحة الواجب الثاني، فلا يمكن القول بالتخيير عقلاً، بل يجب الإتيان ببدل الواجب الأوّل وکذا الواجب الثاني، إلا إذا أُحرز خلاف ذلك، وسيأتي توضيح المسألة في الفائدة الخامسة في لزوم تقديم الواجب الذي تحتمل أهميّته على الطرف الآخر إن شاء الله.

وما ذكره في مقام التفرقة بين بدل الوضوء وبدل الوقت، فليس له معنىً محصّل، ولا وجه للتفريق بين التقييد منذ البدء وجعل الطوليّة وبين التقييد بعد فرض عدم التمكّن خارجاً، إذ ما يدلّ على التقييد في جميع الحالات هي قضيّة حقيقيّة تدلّ على البدليّة الطوليّة الناتجة عن تعجيز عقليّ في الموردين، وما يجعل القضيّتين تقبلان التطبيق على مورد هو عدم تمكّن المكلّف خارجاً.

بل الوجه في تقديم الصلاة بالتيمّم في الحالة التي تقام الصلاة في الوقت تماماً على الصلاة بالوضوء في الحالة التي لا يدخل في الوقت إلا ركعة واحدة منها، هو أنّنا نعلم من الأدلّة الشرعية أنّ مصلحة الصلاة بنحو يشكل حتّى فوات جزء من مصلحتها بوقوعها خارج الوقت، ولا يتلافاها إدراك مصلحة الطهارة المائيّة، على أنّ هناك أدلّة خاصّة في خصوص المسألة.

بل لا يبعد القول بأنّ دليل «من أدرك» لا يريد أساساً بيان البدليّة في الوقت، بل المراد منه أنّ من أدرك ركعة من الصلاة في الوقت، فقد تفضّل الشارع ومنّ عليه بجبران المصلحة الفائتة منه أو جزءً منها، ومعلوم أنّ هذا لا علاقة له بالبدليّة المبنيّة على جبران المصلحة الفائتة للمبدل عنه بالبدل.

أو أنّ مدلولها هو أنّ مدخليّة الوقت في مصلحة الصلاة ليست بسيطة بحيث إمّا أن يدرك كلّها أو لا يدرك أيّ شيء منها وتفسد الصلاة، بل إدراك الوقت في الصلاة يكون جزءً فجزء، فعلى الرغم من أنّ الواجب على المكلّف أن يدرك جميع الأجزاء في الوقت ولكن مع إدراك بعضها في الوقت أيضاً فقد أدرك ما له مدخليّة في أصل الصلاة، كالوقوف في عرفات، حيث إنّ الدخيل منه في صحّة الحجّ هو مسمّى الوقوف وإن كان الواجب على الحاجّ الوقوف منذ الزوال حتّى الغروب.

فالحقّ أنّ الملاك الوحيد الذي يؤدّي في باب التزاحم إلى ترجيح أحد الدليلين على الآخر، هو الأهمّيّة، ولو عُلم أو احتمل أن يكون أحد المتعلّقين أهمّ لدى الشارع من الآخر، فيرجّح إتيانه وإلا فالمكلّف بالخيار.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo