< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / إشكال السيّد الخوئي على دعوى الميرزا النائينيّ

 

الفائدة الخامسة: مرّت دعوی الميرزا النائينيّ من أنّه إذا دار الأمر بين أن يتوضّأ المكلّف للصلاة أو يطهّر ثوبه بذلك الماء، فيجب عليه صرف الماء على التطهير والتيمّم، إذ يلزم من وجوب بدل للطهارة المائيّة من الحدث أن تكون مقيّدة بالقدرة الشرعيّة، والنتيجة أن يقدّم عليها تطهير الثوب من الخبث الذي لا بدل له.

ولکن استشکل عليها السيّد الخوئيّ بقوله: لا يدخل المثال المذكور في كبرى التزاحم ولا يمكن التزاحم بين أجزاء الواجب الواحد، لأنّ الواجب الواحد يسقط بتعذّر أحد أجزائه ويحتاج ثبوت باقي الأجزاء عند تعذّر أحدها إلى دليل، ولا دليل في الصلاة على وجوب باقي الأجزاء، وبالنتيجة فهناك علم إجماليّ بجعل أحد الجزئين أو الشرطين في الواقع، فيتعارض دليل كلّ من الجزئين أو الشرطين، ولا يبقى مجال لتوهّم أنّ المورد من قبيل التزاحم[1] .

لكن دعواه غير صحيحة، إذ تقدّم أنّ الشرائط الخارجيّة في مقام الامتثال لا يمكنها التأثير في مقام الجعل، بينما التعارض يعود إلى مرحلة الجعل والتشريع. فالدليل على وجوب باقي أجزاء الصلاة وشروطها في صورة عدم إمكان بعضها الآخر، لا يؤدّي إلى التعارض بين دليل الجزئين أو الشرطين، بل يوجب التزاحم، وينبغي الأخذ بملاكات باب التزاحم، والوجه في تقديم التطهير من الخبث على الطهارة المائيّة من الحدث هو ما تقدّم في الفائدة السابقة.

وبعبارة أُخرى فإنّ الذي يتکفّله تقييد الدليل هو حصر ما هو داخل في ملاك الحكم، وبما أنّ الأُمور الخارجية التي تتسبّب في عدم إمكان إمتثال التكليفين من حيث عدم قدرة المكلّف عليها ليست دخيلة في ملاكات الأحكام، فلا يمكن تقييد الدليل في مرحلة الجعل بها، ولو اعتبرنا الأُمور الخارجيّة دخيلة في الملاكات واحتملنا تقييد الحكم بها في مرحلة الجعل، فيمكن إرجاع كثير من موارد التزاحم إلى التعارض.

فيمکن في مثال إنقاذ الغريق والصلاة في ضيق الوقت مثلاً إرجاع المورد إلى تعارض بين إطلاق دليل وجوب الصلاة بنحو يشمل حتّى حالة وجوب إنقاذ الغريق على المكلّف، وبين إطلاق دليل وجوب إنقاذ الغريق بنحو يشمل مورد ضيق وقت الصلاة أيضاً، بينما من الواضح أنّه ممّا لا يمكن الالتزام به.

ثمّ إنّه قد ذهب المحقّق النائينيّ في هذا الفرض إلى عدم إمكان تصحيح الوضوء فيما لو توضّأ المكلّف بالماء بدلاً من تطهير الثوب به، إذ لا يمكن تصحيحه بالملاك ـ إذ بتقييده بالقدرة الشرعيّة وانتفاء القدرة ينتفي الملاك أيضاً ـ ولا بالترتّب، لأنّ الوضوء عندما كان يفتقد الملاك حين التزاحم مع الواجب المشروط بالقدرة العقليّة، فعصيان هذا الواجب لا يوجد ملاكاً فيه، فلا يمكن تعلّق الأمر به، لأنّ من المستحيل تعلّق الأمر بما يفتقد الملاك ولو كان على نحو الترتّب، ومن البديهيّ أنّه لا فرق في استحالة تعلّق الأمر بفاقد الملاك بين تعلّقه ابتداءً أو ترتّباً.

ثمّ قال: ولذلك لم يذهب لا الشيخ الأعظم ولا المجدّد الشيرازيّ إلى صحّة الوضوء في هذا الفرض، مع أنّ الأوّل كان يقول بتصحيح العبادة بالملاك، وذهب الثاني إلى تصحيحها بالأمر الترتّبي.[2]

لكن تبيّن بما تقدّم، أنّه لا وجه لدعوى فقدان الملاك للوضوء حال تزاحمه مع وجوب الطهارة من الخبث،لأنّ مجرّد تقييد وجوب الوضوء بالقدرة العرفيّة لا يؤدّي إلى تقديم دليل وجوب الطهارة الخبثيّة في موارد التزاحم ورفع ملاكها، وإنّما هو متوقّف على أهمّيّة ملاك أحد الحكمين على الآخر.

إذن فوجه فساد الصلاة في الفرض المذكور، ليس عدم وجود الملاك في الوضوء وإنّما هو أنّه مع وجوب أمر من الشارع بوجوب التطهير من الخبث للصلاة، فإذا خالف المكلّف هذا الأمر فلا عذر له في الصلاة بجسد أو ثوب متنجّس، فعلى الرغم من أنّه بعد التوضّؤ بالماء لا يملك ماءً للتطهير من الخبث ولا يتوجّه إليه وظيفة فعليّة، ولكن بما أنّ التعجيز عن التطهير كان بسبب سوء اختياره، فيحسبه العقل عامداً بناءً على حكم من أنّ «الإمتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار» ولا يعذّره، فلا وجه حينئذٍ لتصحيح الصلاة بجسد أو ثوب متنجّس لهذا المكلّف.

وتظهر الثمرة بين المبنيين في وجه بطلان الصلاة فيما إذا تيمّم المكلّف بعد صرف الماء في الوضوء وصلّى مع جسد أو ثوب متنجّس لعدم امکان تطهيرهما لفقد الماء، فبناءً على مبنی الميرزا النائينيّ في المسألة فصلاته صحيحة، بينما بناءً على ما تقدّم منّا فالصلاة فاسدة في هذه الحالة أيضاً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo