< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/05/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / الدليل الثاني على صحّة الأمر الترتّبيّ

 

الدليل الثاني
: هو ما أقامه الميرزا النائينيّ على صحّة الأمر الترتّبيّ وقد بناه على خمس مقدّمات:

المقدمة الأُولى
: التزاحم بين التكليفين إنّما يحصل إذا كان التكليفان في عرض واحد، وأمّا إذا كانت العلاقة بينهما طوليّة ـ بمعنى أنّ دليل أحدهما أو كلاهما مشروط بعدم الإتيان بمتعلّق التكليف الآخر ـ فلا تزاحم بينهما.

ومن جهة أُخرى، ما يلزم من تزاحم التكليفين هو رفع اليد عن التكليف بمقدار لا يلزم منه التكليف بغير المقدور، إذ لا دليل على رفع اليد عن أكثر منه. فالذي يجب التحقّق منه في موارد التزاحم هو أنّ الموجب للتزاحم، هل هو إطلاق الخطابين حتّى يرتفع محذور التزاحم برفع اليد عنه وإن كان أصل الخطاب على حاله؟ أم أنّ منشأ التزاحم هو أصل الخطابين وبالنتيجة يجب رفع اليد عن أصل الخطابين لرفع التزاحم؟

وتظهر ثمرة ذلك فيما إذا قلنا بسقوط أصل الخطاب، فلا يتوجّه للمكلّف أيّ من الخطابين، وإن كان العقل ـ كما تقدّم ـ يكشف عن خطاب تخييريّ شرعيّ بين التكليفين، لكن إذا قلنا بسقوط إطلاق خطاب الدليلين، فينتج عنه تقييد إطلاق كلّ منهما بصورة عدم الإتيان بمتعلّق الخطاب الآخر، ممّا ينتج عنه تخيير عقليّ.

[1]

ويرد على هذه المقدّمة أنّ الطوليّة في مقام الجعل لا ترفع التزاحم ما دامت لا تؤدّي إلى الطوليّة في مقام الفعليّة، وسيأتي تفصيل ذلك فيما بعد.

المقدّمة الثانية
: ما ادّعاه جماعة من أنّ الواجب المشروط يتبدّل إلى واجب مطلق بعد تحقّق شرطه في الخارج، فهي دعوىً باطلة، لأنّ شرائط التكليف كلّها تعود إلى قيود الموضوع وتؤخذ في مقام الجعل والإنشاء مفروضة الوجود، إلا أنّ فعليّتها متوقّفة على تحقّقها في الخارج، فحالها لا يختلف عن حال موضوع الحكم، إذ كلّ موضوع شرطٌ وكلّ شرط موضوعٌ، ومن الواضح أنّ الموضوع بعد تحقّقه في الخارج لا ينسلخ عن الموضوعيّة حتّى يصبح الحكم بلا موضوع.

فما توهّمه بعض من أنّ الالتزام بالأمر الترتّبي لا يرفع محذور التزاحم بين الخطابين واستدلّوا عليه بأنّ الأمر بالمهمّ بعد عصيان الأمر بالأهمّ ـ والمفروض أنّه شرط الأمر بالمهم ـ يقع في عرض الأمر بالأهمّ، ويحصل بينهما تزاحم وتمانع، فهذا الإشكال غير وارد على الأمر الترتّبي، لأنّ حصول الشرط في الخارج لا يؤدّي إلى جعل الخطابين الطوليّين في عرض واحد.[2]

وقد أشكل السيّد الخميني على مقدّمته الثانية وقال: إنّ الذي أراد إثباته في المقدّمة الثانية من أنّ الواجب المشروط لا يخرج بتحقّق الشرط عن طور الواجب المشروط ولا يتبدّل واجباً مطلقاً، فهذا أمر واضح لا حاجة للاستدلال عليه، ولا فرق هنا بين القضايا الحقيقيّة والخارجيّة، لأنّ تبدّل الواجب المشروط إلى واجب مطلق إمّا أن يكون بسبب تبدّل الإرادة إلى أُخرى وهو مستحيل، وإمّا بسبب تعلّق إرادة جديدة بالحكم وهذا مستحيل أيضاً بالنسبة إلى الله تعالى لاستلزامه تجّدد الأحوال فيه سبحانه، على أنّه خروج من فرض تبدّل الواجب المشروط إلى واجب مطلق، وإمّا أن يكون لتعلّق إرادة تشريعيّة جديدة بحكم آخر وهذا مستحيل أيضاً لما تقدّم ولانتهاء أمد التشريع، وإمّا لأنّ الحكم المُنشأ بنحو مشروط فإنّه يتبدّل إلى حكم مطلق وهذا مستحيل أيضاً، لأنّ ما شُرّع لا ينقلب عمّا تمّ تشريعه عنه، وإمّا لإنشاء حكم مطلق آخر بعد حصول الشرط، وهو خلاف الفرض والواقع.

وأمّا دعواه من أنّ الوجه في عدم تبدّل الواجب المشروط إلى واجب مطلق بعد حصول شرطه هو أنّ جميع شرائط التكليف تعود إلى قيود الموضوع، فلا دليل على هذه الدعوى، خاصّة عند ملاحظة اختلاف الواجب المشروط والمطلق مع بعضهما ثبوتاً، والواجب المشروط من الاعتبارات المعتبرة لدى العقلاء، كما أنّ هناك اختلاف بين الواجبين من حيث الآثار أيضاً.[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo