< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / الإشکالات على كلام النائينيّ في المقدمة الرابعة

 

يرد على كلام الميرزا النائينيّ في المقدمة الرابعة الآنفة الذكر إشكالات نذكرها فيما يلي:

أوّلاً: ما ذكره في التقييد والإطلاق بالدليل الخارجيّ من حيث تقيّد الغرض القائم بالمأمور به بوجود تقدير خاصّ أو إطلاق الغرض القائم به بالنسبة إلى ذلك التقدير وتسميته له بنتيجة الإطلاق والتقييد أو الإطلاق والتقييد الذاتيّ واعتباره أنّ سبب هذا التقييد هو تأخّر الانقسامات الموجبة لهذا الإطلاق أو التقييد عن الخطاب وعدم إمكان لحاظها في مرحلة سابقة على الخطاب، فهذه الدعاوي غير صحيحة ولا يمكن الالتزام بها، إذ كلّ ما له دخل في غرض المولى من الأمر فهو مقدّم على الأمر ولا يمكن تأخّره عنه والإطلاق والتقييد الذاتي الذي قال به فهو محال، إذ نتيجته تقييد غرض الخطاب بما هو متأخّر عنه برتبتين وهو العلم والجهل بالخطاب.

فإذا قام دليل مثلاً على أنّ مخالفة الحكم مع الجهل بالخطاب لا تؤدّي إلى فساد العمل ـ مثل موارد الجهر والإخفات أو الصلاة تماماً بدل القصر ـ فلا يلزم من ذلك تقييد الغرض الذي ترتّب الخطاب عليه، وإنّما معنى مثل هذا الدليل هو أنّه في صورة الجهل بالخطاب، فإنّ الشارع وضع بدلاً لمتعلّق الخطاب، فيقبل من المكلّف الصلاة إخفاتاً بدلاً عن الصلاة الجهريّة وبالعكس، وكذا الصلاة تماماً بدلاً عن الصلاة قصراً.

وثانياً: وإن صحّ ما قال به الميرزا النائيني من استحالة تقييد غرض الخطاب بوجود متعلّقه أو عدمه وكذا إطلاقه بالنسبة إليهما، ولكن دعواه من تقدّم منشأ انتزاع عنواني المطيع والعاصي على الخطاب غير صحيحة، لأنّ المتقدّم على الخطاب هو لحاظ الفعل والترك بوجودهما العلميّ، وأمّا ما ينتزع منه الطاعة والعصيان فهو الفعل والترك الخارجيّان. بل ردّ دعوى كون الطاعة والعصيان من الانقسامات المتأخّرة عن الخطاب وأنّ حفظ الخطاب على التقديرين هو من باب نتيجة الإطلاق، هو نفس ما تقدّم في أصل الإشكال على الإطلاق الذاتي من أنّ المتأخّر عن الخطاب لا يكون دخيلاً في الغرض المتقدّم على الخطاب.

ثمّ إنّ السيّد الخوئي أشكل على دعوى الميرزا النائيني من عدم إطلاق الخطاب بالنسبة إلى وجود المتعلّق في الخارج أو عدمه، فقال: إنّ ما ذكره الميرزا النائينيّ مبنيّ على كون التقابل بين التقييد والإطلاق من أقسام الملكة وعدمها؛ وأمّا على القول بكون التقابل بينهما من التضادّ، فحيث لو استحال التقييد فالإطلاق يکون ضروريّاً، فيمكن القول بأنّ الخطاب مطلق بالنسبة إلى وجود المتعلّق في الخارج أو عدمه[1] .

ولكن تقدّم سابقاً أنّ ضرورة الإطلاق حال عدم إمكان التقييد بناءً على تصوير التقابل بينهما من باب التضادّ، فهو إنّما يصحّ إذا لم يمكن إخراج حصّة معيّنة من تحت التكليف، لا فيما لم يمكن حصر متعلّق التكليف في حصّة معيّنة، والحال أنّه في تقابل الملكة وعدمها فعدم إمكان الإطلاق يتوقّف على عدم إمكان حصر المتعلّق في حصّة معيّنة. إذن لا يمكن القول بأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد بما أنّه من باب التضادّ وأنّ تقييد الخطاب بفرض وجود متعلّق الخطاب خارجاً أو عدمه غير ممكن، فالخطاب مطلق بالضرورة بالنسبة إلى وجود متعلّق التكليف وعدمه، بل ادّعاء هذه الضرورة بناءً على التضاد يتطلّب إثبات عدم إمكان إخراج الحصّة المرافقة لوجود متعلّق التكليف أو عدمه من تحت الخطاب، بينما من المعلوم عدم شمول متعلّق الخطاب لمثل هذه الحصّة. والنتيجة أنّه لا وجه لإطلاق الخطاب بالنسبة إلى وجود متعلّق التكليف أو عدمه حتّى على مبنى التضادّ.

وثالثاً: ليس لاقتضاء الخطاب للإطلاق أو التقييد بالنسبة إلى الفعل والترك معنىً محصّل، لأنّهما من الأُمور المسقطة للخطاب، فالأوّل لعدم بقاء غرض للخطاب بواسطة الفعل، والثاني لانتفاء موضوع الخطاب بواسطة الترك. فإذا سقط الخطاب بالفعل أو الترك، فلا معنى لأن يقتضي بنفسه التقيّد بهما أو الإطلاق بالنسبة إليهما، لأنّ تقيّد الخطاب أو إطلاقه بالنسبة إلى شيء معناه توقّف وجود الخطاب على ذلك الشيء، أو عدم دخل وجود ذلك الشيء أو عدمه في وجود الخطاب، والحال أنّه لا يبقى خطاب بعد الفعل أو الترك. فالخطاب كما ليس مقيّداً بالفعل والترك، فهو ليس مطلقاً بالنسبة إليهما أيضاً.

نعم، صحيح أنّ الخطاب يقتضي الفعل وأنّه في مرتبة العلّة بالنسبة إلى الفعل، ولكن اقتضاء الخطاب للفعل شيء وإطلاقه بالنسبة إلى الفعل والترك شيء آخر.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo