< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/06/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / إشكال توجيه السيد الروحانيّ لدعوى الميرزا النائيني

 

يظهر ممّا تقدم في الإشكال على دعوى المحقّق الاصفهاني إشكال توجيه السيد الروحانيّ لدعوى الميرزا النائيني أيضاً.

قال السيّد الروحاني في مقام دفع الإشكالات الواردة على بيان الميرزا النائينيّ: إنّ مراد الميرزا النائينيّ أنّ الأمرين المتزاحمين وإن كانا موجودين في زمان واحد، ولكن أمد الداعويّة الفعليّة للأمر بالأهمّ يكون إلى الظرف الزمني الذي يتحقّق فيه عصيان الأهمّ، وتبدأ الداعويّة الفعليّة للأمر بالمهمّ بتحقّق عصيان الأهمّ. فإذن لا مزاحمة بين الأمرين في مرحلة الداعويّة والتأثير ولا مانع من وجودهما في زمان واحد.[1]

وبالنسبة إلى بيان كيفيّة الالتزام بعدم التأثير الفعليّ للأمر بالأهمّ على الرغم من بقائه فقد قال: إنّ الأمر بالنسبة إلى عدم مؤثّريّته، ليس مطلقاً ولا مقيّداً، سواء لوحظ الإطلاق والتقييد في موضوعه أم في متعلّقه، لأنّ مؤثّريّة الأمر وعدمها من الأُمور اللاحقة لتحقّق الأمر والمتفرّعة على وجوده بحيث لا يمكن تصوّر وجود المؤثّرية وعدمها من غير وجود الأمر، ففي الظرف الذي يفرض وجود المؤثريّة أو عدمها يجب افتراض وجود الأمر.[2]

ولكن يشكل على هذا البيان أنّه ما الذي يسبّب فقدان الأمر بالأهمّ لتأثيره الفعليّ على الرغم من بقائه؟ فإنّ السبب له ـ کما تقدّم سابقاً ـ يجب أن يكون أحد الأُمور التالية: إمّا الأمر بالمهمّ، وإمّا قصد المكلّف للعصيان، وإمّا تحقّق العصيان من المكلّف، وإمّا عدم صرف المكلّف لقدرته في الواجب الأهمّ، بينما لا يمكن لأيّ من هذه أن تمنع تأثير الأمر بالأهمّ.

وأمّا قول السيّد الروحاني من أنّ عدم التأثير الفعليّ للأمر متوقّف على فرض وجود الأمر، فصحيح ولكنّ الإشكال ينشأ من أنّه يرى عدم تأثير الأمر بمعنى عدم انبعاث المكلّف عن الأمر، فيعتبر عدم الانبعاث عصياناً، بينما المراد من التاثير الفعليّ للأمر هو البعث الفعليّ للمكلّف بالأمر، وليس انبعاث المكلّف أو عدم انبعاثه دخيلاً في تأثير الأمر.

وبعبارة أُخرى فإنّ عدم انبعاث المكلّف عن الأمر لا يمنع من البعث الفعليّ بالأمر، وإنّما ينشأ الانبعاث عن وجود البعث الفعليّ، والإشكال الوارد على الأمر الترتّبي أيضاً يعود إلى البعث الفعليّ بواسطة أمرين في آنٍ واحد، لا إلى انبعاث المكلّف عن الأمرين بالنسبة إلى ضدّين، إذ الإشكال في طلب الضدّين لا الإتيان بهما، والوجه فيه ـ كما تقدّم سابقاً ـ أنّه عندما يستحيل الشيء فيستحيل إيجاد المقتضي له أيضاً. فحتّى لو لم ينبعث المكلّف عن أيّ من الأمرين بالأهمّ والمهمّ، فإنّ فعليّتهما في آنٍ واحد ممتنعة بالنسبة إليه.

على أنّه كما تقدم سابقاً فإنّ مجرّد عدم انبعاث المكلّف عن الأمر لا يعدّ عصياناً له، بل العصيان معناه عدم الانبعاث حتّى الوقت الذي لا يمكن امتثال الأمر فيه بعدئذٍ.

فإذن لا وجه للقول بأنّ الأمر بالأهمّ بعد عصيانه مازال موجوداً وإن لم يكن مؤثّراً.

فإن قيل: إنّ المراد من الأمر الباقي بعد العصيان وسقوط التأثير الفعليّ هو الأمر بطبيعة مثل وجوب إنقاذ الغريق.

فالجواب أنّ الأمر بمثل هذه الطبيعة لا يزاحم واجباً آخر أساساً، لأنّه متعلّق بمرحلة الجعل والإنشاء، وتزاحمه مع واجب آخر متوقّف على تحقّق موضوعه في الخارج ووجود شرائط التكليف في المكلّف بالنسبة إليه، وهي ـ كما تقدّم سابقاً ـ دخيلة في حسن خطاب المکلّف بالتكليف. فإذا بقي موضوع الأمر وشرائط التكليف ـ وهو المفروض في الواجب الأهمّ ـ فلا وجه لفقدان تأثير الأمر، وبانتفاء أحدهما لا وجه للقول ببقاء الأمر وإن لم يكن له تأثير، لأنّ المراد من بقاء الأمر ليس بقاء الأمر المتعلّق بالطبيعة، وإنّما بقاء الأمر الذي خوطب به المكلّف المعيّن، كالأمر المتوجّه لزيد بإنقاذ عمرو.

ثمّ استدلّ الشهيد الصدر لعدم مانعيّة الأمر بالأهمّ للأمر بالمهمّ في صورة أخذ عدم فعل الأهمّ في موضوع الأمر بالمهمّ بأنّ منع الأمر بالأهمّ من تأثير الأمر بالمهمّ في فرض عدم وجود الأمر بالمهمّ، غير معقول، وإن أُريد منه أنّ الأمر بالأهم يمنع من تأثير الأمر بالمهمّ في ظرف وجود موضوع المهمّ ـ وهو نفس ظرف محروميّة الأمر بالأهمّ من التأثير في حدّ ذاته ـ فهذا يستلزم الخلف.[3]

ولكن يشكل هذا الاستدلال بأنّه على هذا الفرض، فالمأخوذ في موضوع الأمر بالمهمّ هو عدم فعل الأهمّ ـ وكما تقدّم ـ فإنّ ظرف عدم فعل الأهمّ وتركه، ليس ظرف محروميّة الأمر بالأهمّ من التأثير.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo