< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/06/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / التنبيه الثاني

 

التنبيه الثاني: كما تقدّم في الفائدة الخامسة، فإنّ الميرزا النائيني يقول في مورد الأمر بالتيمّم بسبب مزاحمة واجب أهمّ أنّه لا يمكن تصحيح الوضوء لا بالملاك ولا بالأمر الترتّبي، لأنّ الأمر بالوضوء ـ بقرينة تقييد وجوب التيمّم بالعجز عن استعمال الماء ـ مقيّد شرعاً بالقدرة على استعمال الماء، وبالنتيجة ففي حال عدم هذه القدرة، فلا يوجد ملاك للوضوء حتّى يمكن تصحيحه بالأمر الترتّبي أو بالتمسّك بالملاك.

ووجه ذلك من منظور الميرزا النائيني أنّ وجوب الخطاب الترتّبي متوقّف على وجود ملاك في متعلّقه حال المزاحمة، وإطلاق متعلّقه هو الكاشف عن الملاك. وبالنتيجة فإذا تقيّد متعلّق الأمر بالمهم بالقدرة الشرعيّة، فلا محلّ للخطاب الترتّبي بالمهم بعدئذٍ.[1]

ثمّ إنّ السيّد الروحاني قال في توجيه كلام الميرزا النائيني في ضرورة إثبات الملاك في متعلّق الأمر الترتّبي إثباتاً لوجود الأمر الترتّبي بأنّ وجود الأمر الترتّبي متوقّف على وجود المقتضي وانتفاء المانع، ولا يؤدّي عصيان الأمر الأهمّ إلا إلى رفع المانع ولا يوجِد له مقتضياً.

ثمّ أشكل على هذا التوجيه قائلاً: لا يحتاج الأمر الترتّبي إلى إثبات وجود الملاك، بل يثبت الأمر الترتّبي من نفس دليل الواجبين، بل بناءً على عدم وجود طريق لإحراز الملاك إلا الأمر فيمتنع توقّف الترتّب على وجود الملاك حال المزاحمة، لأنّه يستلزم الدور، لأنّ تعلّق الأمر متوقّف على ثبوت الملاك، وثبوت الملاك متوقّف على تعلّق الأمر.[2]

ولكن إشكال السيّد الروحاني راجع إلى مقام الإثبات لا الثبوت، بينما كانت دعوی الميرزا النائينيّ في مقام الثبوت، وقد صرّح بأنّ إطلاق متعلّق الأمر الترتّبي هو الكاشف عن وجود الملاك. كما أنّ إشكال الدور الذي ذكره السيّد الروحانيّ غير وارد، لأنّ وجود الأمر ثبوتاً مبنيّ على وجود الملاك، ووجود الملاك إثباتاً متوقّف على وجود الأمر.

فإذا أمكن إحراز أهمّيّة متعلّق أحد المتزاحمين بالنسبة إلى الآخر، فيمكن الالتزام بدعوى الميرزا النائينيّ.

نعم يمكن الإشكال على المثال الذي مثّل به الميرزا النائينيّ في دعواه، لأنّ تقييد وجوب التيمّم بالعجز عن استعمال الماء لا يعني تقييد وجوب الوضوء بعدم العجز عنه، بل معناه أنّ الشارع جعل للوضوء بدلاً حال العجز عن استعمال الماء، ومن المعلوم أنّ جعل البدل للواجب في حالة معيّنة لا يلازم عدم الملاك لذلك الواجب في تلك الحالة.

بل يلزم من جعل البدل أن يكون للمبدل منه ملاك أيضاً، وإلا فلا معنى للبدليّة، كما في صلاة القصر للمسافر والتمام للحاضر، أو لزوم الغسل للمحدث بالأكبر والوضوء للمحدث بالأصغر ممّا لا بدليّة بينهما، لأنّ موضوعاتهما متباينة، وحيثما كان لأحدها ملاك فالآخر فاقد له، بينما يجب في البدل والمبدل منه أن يكون الموضوع واحداً حتّى يتدارك البدل جزءً من ملاك المبدل منه، وإذا كانت القدرة على تحصيل الطهارة المائيّة مأخوذة في موضوع الوضوء وكان عدم القدرة عليه مأخوذاً في موضوع التيمّم، فلا بدليّة بين التيمّم والوضوء، وهو خلاف التحقيق.

وأمّا إذا فرض وجود مثل هذا القيد في دليل الوضوء ـ كما لو قال الشارع: «الطهارة المائيّة حال التمكّن من استعمال الماء والطهارة الترابيّة حال العجز عن استعمال الماء، شرط في صحّة الصلاة» ـ فلا يرد على دعوى الميرزا النائينيّ إشكال، إذ بالعجز عن استعمال الماء لا دليل على اشتراط الطهارة المائيّة لصحّة الصلاة وكفايتها عن الترابيّة.

وكما تقدّم سابقاً فإنّ مجرّد تقييد متعلّق خطاب بالقدرة لا يسبّب انتفاء موضوع ذلك الخطاب في مقام التزاحم مع الواجب الآخر، وإنّما يتوقّف ذلك عرفاً على أهمّيّة الخطاب الثاني وترجيحه على الخطاب الأوّل.

ومن بيان إشكال تحقّق العصيان في زمان وجود الأمر بالأهمّ الذي مرّ سابقاً تبيّن الجواب على دعوى أنّ مجرّد وجود الواجب الأهمّ المزاحم لا يتسبّب بانتفاء القدرة ولو بتقييد متعلّق الواجب المهمّ بالقدرة الشرعيّة، وإنّما يتوقّف ذلك على قصد المكلّف لامتثال الواجب الأهمّ، وإذا عصى المكلّف الواجب الأهمّ فلا إشكال في تماميّة متعلّق الواجب المهمّ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo