< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تعلق الأوامر بالطبايع / تبيين المسألة / بيان المحقق العراقي في تبيين محل النزاع

 

أشكل الشهيد الصدر على ترتّب المسألة الأصوليّة على المسألة الفلسفيّة وقال: «لا ترتّب بين هذه المسألة والمسألة الفلسفيّة، إذ ليس من الضروري على من يقول في المسألة الفلسفيّة بأنّ الوجود يعرض على الماهيّة المشخّصة وأنّ المشخّصات مأخوذة في موضوع الوجود أن يقول بلزوم تعلّق الإرادة التشريعيّة بالماهيّة الشخصيّة أيضاً، بل يمكن أن يلتزم مع ذلك بتعلّقها بذات الماهيّة.

ودعوى: لزوم كون متعلّق الإرادة التشريعيّة هو متعلق الإرادة التكوينية أوّل الكلام، إذ البرهان إنّما قام على أنّ الإرادة التشريعيّة للمولى لابدّ وأن تكون متعلّقة بشي‌ء يعقل صدوره من المكلّف خارجاً لكيلا يلزم التكليف بغير المقدور، ومن الواضح أنّ ذات الماهيّة في المقام يمكن صدورها وتحت قدرة المكلّف وليس التكليف بها تكليفاً بغير المقدور.»[1]

ويشكل كلامه بأنّ دعوى إمكانيّة صدور ذات الماهيّة من المكلّف خارجاً مبنيّة على عدم تعليق إيجاد الماهيّة خارجاً على تحصيصها، لأنّ المراد من ذات الماهيّة إذا كان الماهيّة لا بشرط حدٍّ مقوّم لوجودها الخارجيّ ـ وهو ظاهر كلامه ـ فإنّ تحقّق الماهيّة بشرط الشيء بالنسبة إلى ذلك الحدّ لا يوجب تحقّق ذات الماهيّة. فإذن إمكانيّة تعلّق الإرادة التشريعيّة بإيجاد ذات الماهيّة في الخارج متوقّفة على هذا البحث الفلسفيّ وليس أجنبيّاً عن المقام.

ثمّ إنّ المحقّق العراقيّ يبيّن محلّ النزاع بنحو آخر قائلاً: إنّ لحاظ الطبيعة يكون على أحد الأنحاء الثلاثة:

1ـ لحاظه من حيث وجوده في الذهن، 2ـ لحاظ شيئيّتها في حدّ ذاتها وبقطع النظر عن وجودها الذهنيّ والخارجيّ، 3ـ لحاظها من حيث إنّ لها وجوداً خارجيّاً من غير لحاظ مغايرتها مع الموجود الخارجيّ، ولحاظها عين الخارج ومتّحداً معه تصوّراً وإن کان يغايره تصديقاً.

فالقائلون بتعلّق الأوامر بالطبائع يدّعون تعلّق الطلب بالطبيعة باللحاظ الثالث ولا يقولون بتعلّق الطلب بمنشأ انتزاعه الذي هو نفس الوجود الخارجيّ ـ لا في بادئ الأمر ولا من حيث سراية الأمر إليه ـ ولكنّ القائلين بتعلّق الأمر بالأفراد يدّعون أنّ الطلب لا يتعلّق إلا بالمعنون الخارجيّ الذي هو منشأ انتزاع العناوين والصور الذهنيّة.[2]

أمّا السيّد الخمينيّ فيشكل عليه قائلاً: السبب الذي دعا المحقّق العراقيّ يحمل كلام القائلين بتعلّق الأمر بالطبائع على القسم الثاني ويقول بأنّه من غير المعقول أنّ يتعلّق الأمر بالطبيعة بما هي هي ـ أي القسم الثاني ـ هو انطباعه الخاطئ عن عبارة: «الماهيّة بما هي ليست إلا هي»، فقد ظنّ أنّ الماهيّة لا يجوز أن تكون متعلّقاً للطلب، بينما المراد من هذه العبارة أنّ الأشياء منتفية عن مرتبة ذات الماهيّة، ولا شيء يكون عين الماهيّة أو جزءً مقوّماً لها، وكلّ ما يقال في الماهيّة فهو خارج عن ذاتها وذاتيّاتها، ولكن لا منافاة بين ذلك وبين أن يلحق بها شيء، لأنّ الماهيّة تقبل لحوق الوحدة والكثرة والوجود وغيرها من الأُمور الخارجة عن ذاتها. فالطلب يتعلّق بالماهيّة ذاتها من غير أن يلحظ اتّحادها بالخارج، وإنّما المولى عندما يرى الماهيّة منشئاً للآثار في الخارج ـ من غير أن يلتفت إلى أنّ هذه الآثار متعلّقة بوجوده أو بنفسه في الخارج ـ وهي ليست موجوة في الخارج، فإنّه يبعث المكلّف لإيجاده وجعل الماهيّة خارجيّةً.

وأمّا لحاظ الاتّحاد التصوّري مع القطع بخلافه في مقام التصديق، ففضلاً عن عدم وجود معنى محصّل له، فلا تترتّب عليه ثمرة أيضاً، وإذا كان غافلاً عن مرحلة التصديق، فهذا ينافي تعلّق الأمر وتحريك المأمور لإيجاد الماهيّة.

على أنّه لا يعقل مرآتيّة الماهيّة لأفرادها أيضاً.[3]

وعلى الرغم من صحّة إشكال السيّد الخمينيّ في خصوص أنّ الماهيّة ليست مرآةً لأفرادها وكذا إشكال عدم الثمرة بل عدم إمكان الاتّحاد التصوّري مع الاختلاف التصديقي وورودها على رأي المحقّق العراقي، ولكن دعواه من أنّ الماهيّة بما هي تكون متعلّقاً للطلب، فدعوى غير مقبولة، لأنّ الآمر إذا لم يكن ملتفتاً ـ ولو في ارتكازه ـ إلى أنّ الآثار المترتّبة على الماهيّة في الخارج تعود لوجودها الخارجيّ لا ذات الماهية، فلا وجه لأن يطلب وجودها في الخارج، لأنّ الماهيّة من حيث هي لا تختصّ بالخارج، فإذن نفس كون الآمر طالباً للوجود الخارجيّ للماهيّة يدلّ على التفاته إلى أنّ هذه الآثار تعود لوجودها الخارجيّ لا الماهيّة بما هي.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo