< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تعلق الأوامر بالطبايع / تبيين المسألة / مصبّ النزاع علی رأي المحقّق الإصفهانيّ

 

يرى المحقّق الاصفهانيّ أنّ مصبّ النزاع في تعلّق الأمر بالطبيعة أو بالفرد هو أنّ الكليّ الطبيعيّ هل يمكن وجوده في الخارج أم لا؟ ومن ذهب إلى عدم إمكانه في المسألة، فيجب عليه فيما نحن فيه أن يقول بتعلّق الأمر بالفرد حتّى لا يلزم من الأمر تكليفٌ بغير المقدور، فليس المراد من تعلّق الأمر بالفرد دخل لوازم الوجود والتشخّص في المكلّف به، وإنّما يريد تعلّق التكليف بذات الماهيّة المتشخصّة بالوجود. وأمّا من قال بإمكان وجود الكلّي الطبيعيّ في المسألة وقال بأنّ الماهيّة الواحدة كلّيّة في مرحلة الذهن وأنّها تتشخّص بالإضافة إلى الوجود، فهو يقول بإمكانيّة تعلّق الأمر بالطبيعة. والحاصل أنّ لوازم الوجود ليست دخيلة في المکلّف به على كلا القولين.[1]

ولا يخفى أنّ ما قاله يعود إلى ما تقدّم منّا سابقاً.

ولکن قد أشكل الشهيد الصدر على رأيه قائلاً: «يرد على هذا التفسير أنّ النزاع حول وجود الطبيعي في الخارج وعدم وجوده إنّما هو في الوجود بالذات والحقيقة لا في مطلق الوجود ولو بالعرض، إذ لا إشكال في أنّ الطبيعة يكون لها نحو وجود في الخارج ولو بالعرض، ببرهان صحّة حملها على الوجود الخارجي بالحمل الشائع فيقال: «زيد إنسان»، ولو لا الاتّحاد لما صحّ الحمل، فهذا يكشف عن وجود نحو اتّحاد في الوجود بين الطبيعي والفرد الخارجي، وهذا يكفي لتعلّق الأمر والإرادة التشريعيّة بها ويطلب إيجادها بهذا النحو في الخارج ولا يلزم منه التكليف بغير المقدور كما هو واضح.»[2]

ومعلوم أنّ مقالة الشهيد الصدر هي نفس دعوى المحقّق الاصفهانيّ وليست إشكالاً عليه، لأنّ إمكان طلب وجود الطبيعة في الخارج عَرَضاً، تعبير آخر عن التكليف بذات الطبيعة بنحو تكون لوازمه ومشخّصاته خارجة عن المكلّف به. فإذن لا منافاة بين إمكان تعلّق التكليف بطبيعة موجودة في الخارج بالعَرَض وبين أن يقال: «هل يمكن تعلّق الأمر بالطبيعة بما هي» حتّى يقال: إنّ الأمر يتعلّق بالطبيعة أم أنّ الأمر بالطبيعة إنّما يتعلّق بوجودها العَرَضيّ الخارجيّ وهو عين تعلّق الأمر بالفرد.

غير أنّ السيّد الخميني ذهب إلی أنّ محطّ البحث ليس تعلّق الأوامر بالكلّي الطبيعي أو بأفراده، لأنّ الماهيّات الاعتباريّة ـ كالصلاة والحجّ ـ ليست من الكلّيّات الطبيعيّة، بل المراد من الطبيعيّ في هذا البحث هو العنوان الكلّي، سواء كان من الطبائع الأصليّة أم من غيرها. وبالنتيجة فما قاله المحقّق الخراسانيّ من أنّ المسألة مبنيّة على القول بأصالة الوجود أو الماهيّة فلا علاقة له بالبحث.

ثمّ قال: ولا يبعد أن يكون محطّ البحث أنّه إذا تعلّق الأمر بماهيّة فهل يسري إلى أفرادها ومصاديقها الملحوظة إجمالاً بحيث يكون العنوان الكلّي وسيلة لتعلّق الأمر بالمصاديق الملحوظة إجمالاً، كما يحصل في الوضع الخاصّ والموضوع له الخاص؟

فأجاب على هذا السؤال قائلاً: إنّ البعث الحقيقي لا يتعلّق بشيء أوسع ممّا هو دخيل في الغرض أو أضيق منه، فإذا لم تكن الخصائص الفرديّة دخيلة في غرض الآمر، فلن يمكن البعث نحوها، لأنّ البعث تابع للإرادة التشريعيّة التابعة للمصالح، ولا يمكن تعلّق البعث بشيء غير داخل في تحصيل المصلحة.

على أنّه لا يكفي لحاظ الطبيعة في لحاظ أفرادها، لأنّ الطبيعة ليست مرآة لأيّ من خصائص أفرادها الفرديّة ولا يوجب مجرّد اتّحادها الخارجيّ مع أفرادها لكشف الماهيّة عن أفرادها ودلالتها عليها. إذن فلو أراد الآمر توجيه أمره إلى الأفراد، فعليه لحاظها بالعنوان الإجماليّ المباين عقلاً لعنوان الطبيعة، أو لحاظها تفصيلاً ـ إذا أمكن ـ وهو أيضاً مباين للحاظ الطبيعة.

فإذا كانت الطبيعة ولو بوجودها الخارجي ذات مصلحة، فعلى الآمر تصوّرها ولحاظ البعث إليها وإرادتها، ولن تكون الأفراد في لحاظه هذا ملحوظة، لا إجمالاً ولا تفصيلاً، ولا ملازمة بين هذين اللحاظين، كما أنّ مجرّد اتّحاد الخصائص الخارجيّة مع الطبيعة في الخارج لا يوجب ملازمة عقليّة بين إرادة الطبيعة وإرادة خصائصها.[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo