< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/08/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الواجب الکفائی / تعریف المسألة / إشکال علی دعوی المحقّق النائينيّ والسيد الخوئيّ

 

تقدّم في الجلسة السابقة دعوى المحقّق النائينيّ والسيد الخوئيّ من أنّ الأمر الواحد في الواجبات الكفائيّة متوجّه إلى صرف وجود المكلّفين.

ولكن يرد على هذه الدعوى أنّه يلزم منها تعلّق التكليف بعنوان المكلّفين الكلّي من غير أن ينحلّ بعدد الأفراد المكلّفين، والحال أنّ التكليف لا يمکن توجّهه إلى العنوان الكلّي إلا إذا أدّى إلى انحلال التكليف بعددهم.

ودليله أنّ البعث نسبة بين الباعث والمبعوث ولا يمكن بعث العنوان الكلّي وإنّما أفراده هي التي يمكن بعثها، فالمبعوث في الأمر الكفائيّ هو كلّ واحد من أفراد المكلّفين، وهذا كاشف عن تعدّد الأمر، لأنّ تعدّد المبعوثين الذين هم طرف نسبة البعث يكشف عن تعدّد النسبة ذاتها الناتج عن تعدّد الأمر.

فإن قيل: إنّ الأمر الواحد المتعلّق بعنوان المكلّفين بعث واحد إلى ذلك العنوان الذي ينحلّ بعدد أفراد المكلّفين.

فيجاب: بأنّ انحلال البعث لا يكون من دون انحلال الأمر، لأنّه ناشئ عن الأمر، ومن دون الأمر لا يمكن البعث أيضاً.

وأمّا ما أفاده السيّد الخوئيّ من أنّه كما يمكن تعلّق الطلب بالطبيعة المطلقة وصرف وجودها، فكذلك يمكن مخاطبة مطلق المكلّفين وصرف وجودهم بالتكليف، فيشکل عليه بأنّ هناك فرقاً بين الوقوع متعلّقاً للطلب والوقوع طرفاً للبعث؛ فالأوّل لا يؤثّر على المطلوب بينما وقوع الشخص طرفاً للبعث يؤدّي إلى انبعاثه. إذن يمكن طلب الطبيعة المطلقة بنحو لا يكون للخصائص الفرديّة لأفرادها مدخليّة في الطلب، ولكن لا يمكن بعث عنوان المكلّفين، لأنّ العنوان لا يقبل البعث، فالانبعاث إذن يعود إلى أفراد ذلك العنوان ولخصائصهم الفرديّة مدخليّة في انبعاثهم.

على أنّه لا يعقل أن يكون للتكليف الواحد أكثر من عقاب واحد على تركه، فإذا ترك جميع المكلّفين الواجب الكفائيّ، فلا يمكن استحقاقهم للعقاب جميعاً حسب هذا التقرير، فما ادّعاه السيّد الخوئيّ من أنّ استحقاق جميع المكلّفين للعقاب إنّما هو لصدق صرف وجود المكلّفين على جميعهم، ومن جهة أُخرى فهم جميعاً قادرون على الامتثال[1] فليس تامّاً، إذ كما أنّ تعلّق الطلب بصرف وجود الطبيعة لا يؤدّي إلى كون جميع أفرادها مطلوبة، فكذلك لا يؤدّي توجّه التكليف إلى صرف وجود المكلّفين إلى توجّه التكليف إلى كلّ فرد منهم.

وقد أورد المحقّق الإصفهاني إشکالاً آخر علی دعوی الميرزا النائيني وهو أنّ التکليف علی هذا التقرير يتعيّن علی من بلغ سنّ التکليف وهو غير قابل للالتزام.[2]

ويدفعه أنّ تعيّن التکليف علی الأسنّ لا ينافي کونه کفائيّاً وعدم تعيّنه عليه بعد بلوغ مکلّف آخر سنّ التکليف فيما إذا لم يأت به الأوّل قبله، إذ المخاطب بالخطاب علی مبنی الميرزا النائيني هو صرف المکلّف الذي له فردان في هذا الفرض وإن کان مصداقه منحصراً في فرد واحد سابقاً.

ثمّ إنّه قد ورد في كلمات المحقّق الاصفهانيّ احتمال آخر من أنّ التكليف في الواجب الكفائي يتعلّق بمجموع المكلّفين من حيث المجموع.

وقد أشكل بنفسه على هذا الاحتمال قائلاً: لا يعقل تعلّق التكليف بمجموع الأشخاص، لأنّ الأمر لجعل الداعي، والمجموع من حيث المجموع ليس شخصاً يمكن إيجاد الداعي فيه، وإنّما يجب إيجاد الداعي في كلّ فرد من الأفراد وهو غير معقول في فرض وحدة البعث، وإنّما يحتاج إيجاد الداعي في أفراد متكثّرين إلى تعدّد الأمر.

على أنّه يلزم من هذه الدعوى أن لا يسقط الواجب الكفائي بإتيان مكلّف واحد، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به.[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo