< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/03/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي/ إجتماع الامر و النهي/ تبيين عنوان المسألة من النائيني

إنّ المحقّق النائينيّ بيّن عنوان المسألة بنحو آخر، فقال: من الأفضل في طرح البحث أن نقول: إذا تعلّق الأمر والنهي بمتعلّقين ذوي مصداق واحد، فهل يسبّب ذلك سريان الأمر والنهي إلى متعلّق الآخر حتّى يلزم منه سقوط أحدهما من باب عدم إمكان اجتماع الضدّين؟ أم أنّ الاتّحاد الوجودي خارجاً لا يؤدّي إلى مثل هذا السريان، ولا يلزم من ثبوت الحكمين المذكورين اجتماع الضدّين؟

ثمّ قال في بيان أفضليّة هذا البيان عن بيان المشهور للمسألة أنّ العنوان المذكور في كلمات الأصحاب يوهم أنّ القائلين بالجواز، غير مذعنين بوجود نسبة التضادّ بين الحرمة والوجوب، والواقع ليس كذلك، وإنّما يدّعون أنّ اتّحاد المصداق الخارجيّ لمتعلّق الوجوب والنهي لا يسبّب اجتماع الأمر والنهي على مورد واحد.[1]

وبالأحرى فإنّ النزاع في المسألة ليس كبرويّاً، إذ لا شكّ في وجود نسبة التضادّ بين الوجوب والحرمة، وإنّما النزاع صغرويّ ناتج عن أنّ الطبيعيتين اللتين تعلّق بكلّ منهما حكم، هل يسبّب وجودهما في ضمن مصداق واحد اجتماعاً بين الحكمين في مورد واحد، وبالنتيجة إذا كان بين الحكمين نسبة التضادّ، هل يقع اجتماع بين الضدّين أم لا؟

فمثلاً إذا كان لطبيعة الصلاة ـ وهي متعلّق الأمر ـ ولطبيعة الغصب ـ وهي متعلّق النهي ـ مصداق واحد خارجاً ـ مثل أن يصلّي الشخص في أرض مغصوبة، حيث يكون الفعل الصلاتيّ نفسه مصداقاً للغصب أيضاً ـ فهل يؤدّي ذلك إلى أن يكون الشيء الواحد مغضوباً في عين كونه مطلوباً حتّی يستلزم المحال ـ أعني: الجمع بين الضدّين ـ فلا يكون الفعل مأموراً به؟ أم أنّ مثل هذا لا يكون، ولا يؤدّي تصادق الطبيعتين إلى اجتماع المطلوبيّة والمغضوبيّة في شيء واحد؟

هذا، ولكنّ السيّد الخميني أشكل على من ادّعى صغرويّة البحث، فقال: لا وجه لنقل البحث من الكبرويّة إلى الصغرويّة، بل يمكن طرح العنوان بحيث يبقى البحث كبرويّاً بأن يقال: هل يكون اجتماع الأمر والنهي في المصاديق المشتركة بين العنوانين اللذين تعلّق بهما الأمر والنهي من الموارد التي يشكل فيها الاجتماع أم لا؟[2]

ولكن يشكل عليه بأنّ هذا لا يلتزم به إلا بالتصرّف في معنى «الاجتماع»، إذ بعد الاعتراف بوجود نسبة التضادّ بين الوجوب والحرمة وبالنظر إلى استحالة اجتماع الضدّين، فلا معنى للبحث عن أنّه مع اجتماع الأمر والنهي، هل يمكن هذا الاجتماع أم لا.

اللهمّ إلا إذا أُريد من لفظ «الاجتماع» المعنى الذي أُشير إليه في كلمات السيّد الروحانيّ حيث قال في ردّ إشكال المحقّق النائينيّ على بيان المشهور: إنّ اجتماع الأمرين المتضادّين في شيء واحد ممکن بنحوين؛ مثلاً إذا اجتمع الماء والنار في نقطتين من الدار، فهنا يصدق اجتماع الضدّين في مكان واحد من غير مسامحة في التعبير، كما أنّ اجتماعهما في نقطة واحدة من الدار أيضاً يعني اجتماعهما في المكان حقيقةً، ومن المعلوم أنّ الفرض الأوّل ممكن والثاني مستحيل.

فإذن ليس البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد وعدم الجواز بمعنى البحث عن وجود التضادّ بين هذين الحكمين بالضرورة، وإنّما يعود ذلك إلى أنّه هل يکون متعلّق الأمر والنهي أمراً واحداً حقيقةً فيستحيل الجمع بينهما، لأنّه من قبيل اجتماع الماء والنار في نقطة واحدة؟ أو يتعدّد متعلّقهما فيمكن اجتماعهما في متعلّق واحد، لأنّه من قبيل تواجد الماء والنار في نقطتين من الدار؟

على أنّ طريقة طرح المحقّق النائينيّ للبحث تؤدّي إلى أن يقوم البحث على أساس أنّ الجهات الموجودة في متعلّق الأمر والنهي، هل هي جهات تقييديّة تسبّب تعدّد متعلّق الأمر والنهي؟ أو أنّها جهات تعليليّة ومتعلّق الأمر والنهي واحد؟ وهذا خروج عن عنوان البحث.[3]

ولكن يجاب على إشكاله بأنّ البحث والنقاش في المسألة ليس عن إمكان الجمع بين الضدّين في موارد يشبه الجمع بين الماء والنار في نقطتين من الدار، وعدمه في موارد من قبيل الجمع بين الماء والنار في نقطة واحدة، وإنّما البحث ـ كما اعترف به السيّد الروحاني أيضاً ـ في وقوع أيّ واحد منهما، وهذا هو البحث الصغرويّ الذي أشار إليه المحقّق النائينيّ.

وإذا دار الأمر بين أن نوجّه العنوان الذي ذكره المشهور لتجنّب المحذور أو أن نصحّح عنوان البحث حتّى لا يكون في البحث ترديد، فالأولى تغيير عنوان البحث.

وبذلك يتّضح الجواب عن إشكاله الثاني أيضاً، إذ بعد تغيير عنوان البحث، فالبحث عن كون الجهات الموجودة في متعلّق الأمر والنهي تعليليّة أم تقييديّة لن يؤدّي إلى الخروج عن عنوان البحث.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo