< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/03/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:النواهي/إجتماع الامر و النهي/هل المسألة عقلية أو أصولية

 

تقدّم في الجلسة السابقة أنّه ـ وخلافاً لما ذهب إليه المحقّق النائينيّ ـ لا وجه لاعتبار مسألة اجتماع الأمر والنهي من المبادي التصديقيّة لعلم الأُصول.

ومن هنا نجد أنّ التعبير الوارد في بعض تقريرات المحقّق النائينيّ أكثر دقّة حيث ورد فيها أنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي أشبه بالبحث عن المبادي التصديقيّة لعلم الأُصول.[1]

فتبيّن إلى هاهنا أن لا إشكال في أُصوليّة المسألة.

ولكن هل تعتبر من مسائل الألفاظ أم من المسائل العقليّة لعلم الأُصول؟

قال المحقّق الخراسانيّ: إنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي عقليّة ولا تختصّ بما بيّن فيه الإيجاب والتحريم بدليل لفظيّ، وإن كان التعبير بالأمر والنهي الوارد في عنوانها يوهم كونها مختصّة بالأدلّة اللفظيّة، غير أنّ هذا العنوان هو في الواقع لكون الغالب في الدلالة على الإيجاب والنهي بالأدلّة اللفظيّة.

ثمّ أضاف قائلاً: ذهب جماعة في المسألة إلى الجواز عقلاً والامتناع عرفاً، لكن لا يراد بذلك دلالة اللفظ على الجواز، وإنّما المراد أنّ الذي يعتبر بالنظر الدقيق العقليّ شيئان، فهو بالنظر العرفيّ المسامحيّ شيء واحد ذو جهتين. ولو لم نفسّر كلامهم بذلك، فلن تعود دعواهم من الامتناع العرفيّ لاجتماع الأمر والنهي بمعنى محصّل، إذ غاية ما يمكن ادّعاه بالنسبة إلى دلالة اللفظ هو دلالته على عدم الوقوع، لا امتناع دلالته على الوقوع.[2]

والحقّ ما ذهب إليه الآخوند من كون المسألة عقليّة، ولكن يشكل استدلاله على ذلك.

بيانه: أنّ القضايا العقليّة على قسمين:

1 ـ المستقلات العقليّة؛ وهي القضايا التي لا يتطلّب إثباتها أيّ مقدّمة غير عقليّة ـ وهذا هو المراد من استقلال هذه القضايا ـ مثل مباحث الحسن والقبح العقليّين.

2 ـ غير المستقلات العقلية؛ وهي القضايا التي يحتاج إثباتها إلى مقدّمات غير عقليّة ـ مثل مباحث الاستلزامات العقليّة ـ وهذا هو المراد من عدم استقلالها، حيث تتطلّب النتيجة إلى ضمّ مقدّمات غير عقليّة، لا أن يعجز العقل عن الحكم استقلالاً فيحتاج في الحكم إلى أمر غير عقلي؛ إذ لا معنى لعدم استقلال العقل في أصل الحكم.

فبما أنّ البحث في هذه المسألة يدور حول ما إذا كان اللازم العقليّ لوجود مصداق مشترك لمتعلّق الحكمين هو سريان كلّ من الحكمين إلى متعلّق الآخر أو عدم الملازمة، فالمسألة من غير المستقلات العقليّة ـ إذ مضافاً إلى أنّ كيفيّة تعلّق الحكم بالمتعلّق لها مدخليّة فيه وهي مقدّمة عقليّة، فإنّ وجود المصداق المشترك لمتعلّق الحكمين أيضاً دخيل فيها وهو مقدّمة غير عقليّة ـ ولا مدخليّة في البحث عن هذه الملازمة لدليل الأمر والنهي وأنّ الدالّ عليهما هل هو اللفظ أم غيره؟ وإنّما يفترض وجود الأمر والنهي فيه، من غير لحاظ كونه لفظيّاً أم غير لفظيّ. فإذن لا وجه للاستدلال على عقليّة المسألة بواسطة عدم اختصاصها بما إذا دلّ على الأمر والنهي دليل لفظيّ، إذ المسألة من غير المستقلات العقليّة حتّى وإن اختصّ البحث فيها بالأوامر والنواهي اللفظيّة.

وأمّا بالنسبة إلى ما ذكره المحقّق الخراسانيّ في دعوى جماعة من امتناع الاجتماع عرفاً وجوازه عقلاً، فإنّ السيّد الخوئيّ قال في الإشكال على دعوى العرفيّة: إنّ رأي العرف لا يتّبع إلا في مقام تعيين سعة الألفاظ وضيقها، لا في مثل هذه المسألة التي لا علاقة لها بعالم الألفاظ ولا يبحث فيها عن تعيين مفهوم الأمر والنهي، وإنّما يدور بحثها حول أنّ النهي هل يسري من متعلّقه إلى متعلّق الأمر أم لا؟

ثمّ أشكل على دعوى الآخوند في توجيه دعوى القائلين بامتناع الاجتماع عرفاً فقال: لا عبرة بنظر العرف في تطبيق المفاهيم على مصاديقها، فكما لا أثر لنظر العرف في وحدة المصداق إذا كان المصداق متعدّداً في الواقع، فكذلك في العكس.[3]

وقد أجاب الشهيد الصدر على إشكال السيّد الخوئيّ بما سيأتي بيانه في الجلسة الآتية إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo