< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي/ إجتماع الامر و النهي / توجيه المحقق الاصفهانی لكلام المحقّق الخراساني

 

ذكر المحقّق الاصفهانيّ أيضاً توجيهاً لكلام المحقّق الخراساني فقال: «تحقيق المراد من الحكم الاقتضائي أنّ الحكم الحقيقي المرتّب على‌ موضوع خالٍ عن المانع، حكم فعليّ، ومع عروض المانع حكم اقتضائي ملاكي لثبوت المقتضى بتبع ثبوت المقتضي بثبوت عرضي، بمعنى أنّ الثبوت ينسب أوّلاً وبالذات إلى الملاك والمقتضي، وثانياً وبالعرض إلى مقتضاه...

وغاية ما يتصوّر في تقريب ثبوت الحكم بثبوت المقتضي بمعنى الغاية الداعية أن يقال بأنّ الفعل بلحاظ كونه بحيث يترتّب عليه الفائدة المترقّبة منه، مستعدّ باستعداد ماهوي للتأثير في نفس الحاكم وانبعاث الوجوب منه بلحاظ تلك الفائدة القائمة به قياماً ماهويّاً، فمع عدم المانع يكون الوجوب فعليّاً، ومع المانع يكون شأنيّاً ـ أي بحيث لولاه لكان موجوداً بالفعل ـ وهو وجوب شأنيّ ملاكيّ في قبال ما لا ملاك له أصلاً، لكنّه ليس مع ذلك ثبوتاً حقيقيّاً لشي‌ء بالذات حتّى يكون للوجوب بالعرض.

ثمّ إن هذا التقريب يجدي في تصوّر ثبوت الحكم بنحو الشأنية والاقتضاء، وأما الحكم الإنشائي، فلابدّ أن يكون بداع من الدواعي، لأنّه بلا داعٍ محال.

وأمّا الإنشاء بداعي بيان الملاك وإظهار المقتضي، فهو في الحقيقة إرشاد، لا حكم مولوي يجوز اجتماعه مع غيره أو لا يجوز، كما هو محلّ الكلام.

والإنشاء بداعي البعث الحقيقي بالإضافة إلى ذات الموضوع مهملاً بالنسبة إلى العوارض، وإن كان من البعث المولوي الفعلي ما لم يعرض عارض وربما يعبّر عنه بالحكم الطبيعي الذاتي، كما يصحّ التعبير عنه بالاقتضائي بلحاظ وجود المقتضي له إثباتاً بالنسبة إلى ذات الموضوع، لكنّه ليس من الحكم الاقتضائي المفيد هنا، حيث إنّه لمّا كان مهملاً من حيث العوارض، فلا دلالة له على ثبوت الملاك في جميع أفراد الموضوع، لاحتمال دخل عدم العارض في ثبوت الملاك والمقتضي.

فالذي يمكن أن يقال: إنّ الإنشاء المذكور ليس لبيان الملاك والمقتضي ليكون إرشاداً، بل لبيان البعث الثابت بثبوت مقتضيه.

وبعبارة أُخرى: الإنشاء المزبور إظهار للمقتضی الثابت بثبوت مقتضيه على الإطلاق، فهو بعث اقتضائي حتّى في صورة وجود المانع، ومع عدمه يكون فعليّاً، فهو حكم مولوي اقتضائي في حدّ ذاته ويصحّح الفعليّة البعثيّة عند عدم المان

وهذا المعنى لو كان مطلقاً لكان مفيداً لثبوت الملاك حتّى في صورة الاجتماع، وهو أيضاً وإن كان خلاف الظاهر من وجه ـ حيث إنّ الظاهر من الإنشاء كونه بداعي جعل الداعي الفعلي، لا جعل الداعي الاقتضائي ـ لكنّه ليس على حدّ الحمل على الإرشاد إلى وجود الملاك والمناط، فإنّ المولويّة محفوظة هنا.»[1]

فإنّه بيّن أوّلاً الحكم الفعليّ والاقتضائيّ على أساس مرحلة الجعل حيث قد يوجد فيها المقتضي للجعل ويفقد المانع له فينشأ عنه الحكم المجعول الفعليّ، وقد يوجد مانع للجعل على الرغم من وجود المقتضي له حيث لا يصل الحكم معه إلى مرحلة الجعل ويبقى في مرحلة الاقتضاء.

ومن المعلوم أنّ البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي لا يتعلّق بالحكم الاقتضائيّ بهذا المعنى.

ثمّ قال بخصوص الحكم الإنشائيّ أنّ اقتضائيّته إذا كانت بمعنى أنّ الدليل ليس إلا بصدد بيان وجود المقتضي دون أن يكون فيه بعث أو زجر، فهذا خارج عن محلّ البحث، لأنّ البحث في المسألة في الأحكام المولويّة.

وإذا كانت الاقتضائيّة بمعنى أنّ الإنشاء قد حصل بداعي البعث ولكن بملاحظة ذات الموضوع فقط دون سائر عوارضه، ففي هذه الحالة لا يُحَرز المقتضي به في مورد الاجتماع، إذ قد تكون العوارض الخارجيّة سبباً لانتفاء الملاك.

فإقتضائيّة الحكم معناها أنّ الإنشاء يكون بداعي بيان وجود المقتضى ـ أي البعث والزجر ـ تبعاً لوجود المقتضي ـ أي المصلحة والمفسدة ـ ممّا يسبّب البعث الاقتضائيّ حتّى في موارد وجود المانع، والنتيجة هي وجود المولويّة في مثل هذا الدليل. وفي المقابل فإنّ فعليّة الحكم معناها أنّ الإنشاء يتمّ بداعي الحثّ والبعث الفعليّ.

وسيأتي نقد هذه الكلمات في الجلسة اللاحقة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo