< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الامر و النهي / سائر ما يرد على كلام الشيخ

 

سائر ما يرد على كلام الشيخ هو:

إنّ كون الاضطرار ممّا يمكن به اختلاف المصالح والمفاسد، فهو وإن كان صحيحاً، غير أنّ مدخليّته في المصلحة والمفسدة محتاجة إلى الدليل؛ هذا والفرض عدم الدليل عليه في المقام، بل يدلّ إطلاق دليل النهي عن الغصب على عدم مدخليّة الاضطرار في المفسدة.

على أنّه بناءً على صحّة الدعوى فهذا لا علاقة له بالبحث، لأنّنا نبحث في صحّة الصلاة في أرض مغصوبة حال الجهل والنسيان لا الاضطرار.

والإشكال الأخير هو أنّه لو فرض أنّ المفسدة الموجودة في الفرد المنهيّ عنه هي التي أدّت إلى عدم شمول الأمر له، فلا معنى حينئذٍ لأن يدّعى في النهاية أنّ وجود هذه المفسدة ليس مانعاً من شمول النهي للفرد ـ ولو حال الجهل والنسيان ـ إذ على الرغم من صحّة دعوى كون الشيء من جهات مختلفة واجداً لمصالح ومفاسد، غير أنّ هذه الجهات إمّا دخيلة حين جعل الحكم وإمّا لا، فإن كانت دخيلة وغلبت المفسدة المصلحة، فمفسدتها ملحوظة حال جهل المكلّف أيضاً وغالبة على المصلحة وتسبّب خروج الفرد المنهيّ عنه عن حيّز الأمر، وإن لم تكن دخيلة فلا وجه لعدم شمول الأمر لذلك الفرد من حيث التعارض بينه وبين دليل النهي حال العلم أيضاً، وإن أمكن القول بعدم فعليّة الأمر بالفرد من باب التزاحم.

هذا، ولكنّ المحقّق العراقيّ قال في تبيين دعوى الآخوند من إمكان تحقّق قصد القربة حال الجهل وتحصيل غرض المولى به: إن قيل في صورة ترجيح جانب الحرمة أنّ جهل المكلّف لا يرفع تأثير المفسدة الأهم في المبغوضيّة الفعليّة للعمل، وعليه فلا يبقى مجال لتأثير المصلحة المهمّة المغلوبة على رجحان العمل ومحبوبيّته وفعليّة الأمر المتعلّق به، فكيف إذن يمكن القول بوجود أمر فعليّ بالمأتيّ به يوجب التقرّب به ليُصَحَّح العمل به؟ فالواقع في هذا الفرض أنّ فساد العمل مبنيّ على انتفاء مقتضي صحّته وليس مسبّباً عن وجود المانع ـ أي فعليّة النهي وتنجّزه ـ حتّى يقال: لا تأثير للنهي في ظرف الجهل في منجّزيّة الفاعل ومبعّديّته عن ساحة القرب إلى المبدأ الأعلى.

فيجاب على هذه الدعوى بأنّ ذات العمل في الفرض المذكور وإن كانت مبغوضة بمقتضى تأثير المفسدة الأهمّ ولا مجال لتأثير المصلحة المهمّة المغلوبة في محبوبيّته الفعليّة، ولكن مع ذلك فإنّ المصلحة المهمّة يمكنها التأثير في حسنه من حيث صدوره من الفاعل، لأنّ المانعيّة من تأثيره في حسن الفعل حتّى من حيث صدوره من الفاعل إنّما تكون فيما تنجّز النهي، ففي فرض عدم تنجّز النهي بواسطة جهل الفاعل، فإنّ المصلحة الموجودة في الفعل تؤثّر قهراً على حسنه الفاعليّ ويوجد بتبعه أمر فعليّ ويحصل التقرّب بداعي الأمر بالفعل ولو من حيث صدوره من الفاعل.

ولكن قد يشكل عليه ويقال: إنّ العمل المبغوض فعلاً بتأثير من المفسدة الغالبة الأهمّ، لا يمكنه أن يشتمل على حسن ولو باعتبار صدوره من الفاعل، لأنّ هذا ـ ولو بملاحظة الاتّحاد الحقيقيّ بين الوجود والإيجاد ـ يستلزم اجتماع الضدّين فيه ـ أي المحبوبيّة والمبغوضيّة ـ وما يصلح ليكون مورداً لتأثير المصلحة في الرجحان والمحبوبيّة ليس إلا حيثية إضافة الفعل إلى الفاعل، بينما الفعل نفسه خارج عن مورديّة تأثير المصلحة، وهذا المقدار لا يكفي في قصد القربة المعتبرة في صحّة العبادات، لأنّ الظاهر من الأصحاب أنّ العبادة في صحّتها محتاجة إلى التقرّب بذات العمل لا بحيثيّة إضافتها إلى الفاعل.

لكنّ الجواب: أنّنا لا نقول بتوقّف القرب على فعليّة الأمر بالمأتي به ورجحانه الفعليّ، بل نقول بأنّ أحد أنحاء قصد التقرّب هو إتيان العمل بداعي التوصّل إلى غرض المولى، ومعلوم أنّ هذا المعنى يتمشّى من المكلّف في فرض الجهل، بل يمكن تمشّيه من المكلّف حتّى مع الجزم بعدم أمر فعليّ أو الجزم بمبغوضيّة العمل الفعليّة أيضاً، كما في المضطرّ إلى الغصب دون سوء اختيار، فإذن إذا أتى المكلّف بالعمل في ظرف الجهل المذكور بداعي التوصّل إلى غرض المولى وكان للعمل مصلحة أيضاً تفي بغرض المولى، فالتقرّب متحصّل بنفس إتيان الفعل بالقصد المذكور قهراً والعبادة صحيحة.[1]

وسيأتي في الجلسة القادمة إن شاء الله نقد كلام المحقّق العراقيّ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo