< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الامر و النهي / النسيان أو الجهل بالموضوع بل أو الحكم إذا كان عن قصور

 

ختم المحقّق الخراساني كلامه بقوله: «قد ظهر بما ذكرناه وجه حكم الأصحاب بصحّة الصلاة في الدار المغصوبة مع النسيان أو الجهل بالموضوع بل أو الحكم إذا كان عن قصور، مع أنّ الجلّ ـ لولا الكلّ ـ قائلون بالامتناع وتقديم الحرمة ويحكمون بالبطلان في غير موارد العذر.»[1]

ولكن يتّضح بالنظر إلى ما تقدّم أنّه لا وجه لهذه الدعوى وإمّا لا يمكن نسبة القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي إلى المشهور، أو في صورة صحّة النسبة فلا يمكن نسبة القول بصحّة الصلاة في مكان مغصوب حال الجهل قصوراً بالحكم أو الموضوع إليهم.

هذا، ولكنّ السيّد الخوئي على الرغم من نفيه إسناد الحكم بصحّة الصلاة حال الجهل القصوريّ إلى المشهور، ولكنّه قال في صحّة الصلاة حال نسيان حكم الغصب أو موضوعه ـ على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي ـ إنّ نسيان حكم الغصب أو موضوعه، إمّا مستند إلى سوء اختيار المكلّف أو مستند إلی قصوره.

فعلى الأوّل ـ كما لو غصب المكلّف بنفسه ثمّ نسيه ـ فعلى الرغم من عدم توجّه التكليف إلى المكلّف حال النسيان ولكن ملاك حرمة التصرّف باقٍ، لأنّ تصرّفه منتسب في النهاية إلى نفسه، فلا مانع من الحكم باستحقاقه للعقاب في مثل هذا التصرّف، وبما أنّ ملاك المبغوضيّة موجود في فعله فلا يمكن التقرّب به أيضاً.

ولكن في الصورة الثانية فإنّ عبادته صحيحة، إذ الفرض أنّ النسيان رافع للحرمة حقيقة، ففعله ليس حراماً في الواقع وليس مبغوضاً أيضاً، إذ الفرض أنّ نسيانه كان عن قصور لا تقصير. ومن جهة أُخرى فلو كان مورد الاجتماع جائزاً حقيقة فلا مانع من شمول إطلاق دليل الأمر له، لأنّ المانع من شمول إطلاق ذلك الدليل لهذا الفرد هو دليل الحرمة وتقديمه على دليل الوجوب ممّا يسبّب تقييد إطلاق دليل الوجوب، وبعد أن فرضنا أنّ دليل الحرمة سقط في مورد الاجتماع بالنسيان القصوري، فلا مانع من شمول دليل الوجوب لهذا الفرد.[2]

فالواقع أنّ دعواه مبنيّة على ما ارتآه في مدلول حديث الرفع من أنّ الرفع فيه في فقرة: «ما لا يعلمون» ظاهريّ، وفي سائر الفقرات واقعيّ.

ولكن يشكل عليه بأنّه لو أراد من رفع النسيان للحرمة واقعاً أنّ التفات المكلّف مأخوذ في موضوع الحكم بنحو لا يوجد ملاك لمبغوضيّة التصرّف في المغصوب بدون الالتفات وحال النسيان، فهذا موجود في النسيان التقصيريّ أيضاً ولا فرق بينه وبين النسيان القصوريّ من هذه الجهة، وكون التصرّف في النسيان التقصيريّ يعود في النهاية إلى اختيار المكلّف لا يوجب استحقاق المتصرّف للعقاب وعدم إمكان قصد القربة بذلك الفعل مادام التصرّف بنفسه لا يشتمل على ملاك المبغوضيّة.

على أنّه حتّى لو أمكن أخذ الالتفات إلى الموضوع في موضوع الحكم، فلا يمكن أخذ الالتفات إلى الحكم فيه، لانتهائه إلى الدور.

وإذا كان المراد أنّ المرفوع حال النسيان القصوري هي الحرمة التي تسبّب استحقاق العقاب، فلا يلزم من ذلك عدم وجود ملاك المبغوضيّة في الفعل، لأنّ رفع العقاب كما يمكن أن يستند إلى عدم المقتضي فكذلك قد يستند إلى وجود المانع، فلا يمكن قصد التقرّب بمثل هذا الفعل.

وقد التزم السيّد الخوئي بالمعنى الثاني، وقال في دفع الإشكال: «ما عن شيخنا المحقّق النائيني من أنّ المرتفع عن المضطرّ والناسي ونحوهما هو الحرمة دون ملاكها ـ أعني: المبغوضيّة ـ ومع كون العمل مبغوضاً واقعاً لا يمكن التقرّب به، لأن المبعّد والمبغوض لا يصلح أن يكون مقرّباً ومحبوباً كما قدّمناه في الجاهل المقصِّر، فقد ظهر الجواب عنه بما سردناه في صورة الاضطرار إلى ارتكاب الحرام، حيث قلنا إنّ المبغوضيّة والملاك وإن كانا باقيين في كلتا صورتي الاضطرار والنسيان وأمثالهما كما يقتضيه ظاهر إسناد الرفع إليهما ـ لأنّه إنّما يصحّ فيما إذا كان هناك مقتضٍ وملاك حتّى يصحّ أن يقال: إنّ أثره ومقتضاه مرفوع عن المضطرّ والناسي ونحوهما ـ إلا أنّهما غير مؤثّرين في الحرمة كما هو المفروض، لعدم حرمة العمل بحسب الواقع، ولا أنّهما مانعان عن ترخيص الشارع في ذلك العمل كما هو الحال في الناسي والمضطرّ وغيرهما، والمقتضي والملاك اللذان لا يؤثّران في الحرمة ولا أنّهما يمنعان عن ترخيص الشارع في ذلك العمل، غير مانع عن المقرّبيّة وعن صحّة التقرّب به.»[3]

فظهر منه أنّ دعواه في خصوص النسيان القصوري هي أنّ ملاك الحكم التحريميّ والمبغوضيّة وإن كان موجوداً في الفعل في موارد هذا النسيان، ولكنّ النسيان القصوريّ يمنع من جعل الحكم التحريميّ، لا كمانع من الملاك حتّى يقال: كلّ ما كان دخيلاً في الجعل قبل مرحلة الجعل فهو دخيل في المقتضي، بل كمانع من أصل الجعل، بمعنى أنّه مع وجود الملاك والمقتضي للحكم، فإنّ المانع الخارجيّ تسبّب بعدم جعل الشارع للحكم التحريميّ في خصوص الناسي القاصر.

فنتابع الکلام في جواب هذه الدعوی في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo