< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / جواب السيّد الخوئيّ في دعوى المحقّق النائينيّ

 

قال السيّد الخوئيّ في جواب دعوى المحقّق النائينيّ: العنوانان الصادقان على مورد واحد، إمّا أن يكونا من العناوين الذاتيّة والمقولات الحقيقيّة، وإما أن يكونا عنوانين انتزاعيّين، وإمّا أن يكون أحدهما حقيقيّاً والآخر انتزاعيّاً.

ففي الأوّل يوجب تعدّد العنوان المقوليّ تعدّد المعنون بلا ريب، إذ كما لا يمكن لمقولتين أن يتّحدا ويدخلا تحت مقولة ثالثة، فكذلك يمتنع اتّحاد فردين أو نوعين من مقولة واحدة، لأنّ المركّب الحقيقيّ ينبغي أن تكون فيه جهة وحدة حقيقيّة وإلا أصبح التركيب اعتباريّاً، ومن البديهيّ أنّ الوحدة الحقيقيّة إنّما توجد إذا كان أحد الجزئين فعليّاً والآخر بالقوّة حتّى يوجدا بوجود واحد، وأمّا إذا كانا فعليّين معاً، فيستحيل وجود جهة وحدة حقيقيّة بينهما، لأنّ كلّ فعليّة تمنع من الأُخرى.

هذا بالنسبة إلى وحدة فردين من مقولة واحدة، ويتّضح به أيضاً حال وحدة فردين من مقولتين.

وأمّا المورد الثالث، فإنّ العنوان الانتزاعيّ فيه إمّا منتزع من مرحلة ذات العنوان المتأصّل في الخارج، وإمّا من شيء آخر متباين وجوداً وماهيّةً عن مرحلة ذات العنوان المتأصّل.

فبناءً على الفرض الأوّل فإنّ التركيب بينهما في مورد الاجتماع اتّحاديّ لا محالة، بمعنى أنّ الذي حصل فيه الاجتماع واحد وجوداً وماهيّةً؛ غاية الأمر صدق أحد العنوانين عليه بالذات والآخر بالعرض.

فإذا كان المأمور به هو شرب الماء وشَرِب أحدٌ ماءً مغصوباً، فيصدق على فعله عنوانان، أحدهما الشرب وهو عنوان ذاتي ويدخل تحت مقولة، والآخر الغصب وهو عنوان انتزاعيّ، لأنّ الغصب ليس من المقولات العرضيّة التسع، وإنّما هو عنوان منتزع من التصرّف في مال الغير، ولذلك أمكن انطباقه على ماهيّات مقوليّة متعدّدة، فمثلاً كما يمكن أن ينطبق على ما كان من مقولة الأين كالتوقّف في ملك الآخرين، فكذلك قد ينطبق على ما كان من مقولة الفعل، مثل أكل طعام الغير، وفي مثالنا فبما أنّ الغصب منتزع من نفس العنوان الذاتي في مورد الاجتماع ـ أي شرب هذا الماء ـ لا من شيء آخر مباين له وجوداً، فلا مناص من اتّحاده معه خارجاً، وما يتطابق معه فهو أمر واحد ماهيّة ووجوداً.

وبناءً على الفرض الثاني فإنّ التركيب بين عنوانين في مورد الاجتماع انضماميّ، إذ الفرض أنّ مصداق أحد العنوانين في الخارج غير متّحد وجوداً وماهيّةً مع مصداق الآخر، فمثلاً التكلّم أو الأكل إذا كانا مأموراً بهما ووقعا في أرض مغصوبة، فليس بينهما وبين الغصب تركيب اتّحادي، لأنّ التكلّم والأكل من العناوين المتأصّلة ولكنّهما ليسا منشأ انتزاع عنوان الغصب، وإنّما انتزع الغصب من شيء آخر يلازم وجوداً التكلّم والأكل ـ أي الكون في أرض الغير ـ لا من نفسهما، إذ من المعلوم أنّ الأكل والتكلّم لا يعدّان تصرّفاً في المكان بل إنّه يختلف مع کلّ منهما وجوداً.

وبالنسبة إلى المورد الثاني فإمّا أن يكون منشأ انتزاع العنوانين أمراً خارجيّاً واحداً لوحظ باعتبارين وانتزع منه بكلّ اعتبار عنوان واحد، وإمّا أن يكونا منتزعين من شيئين متباينين من حيث الوجود الخارجيّ. فإذا كان من القسم الأوّل، فالتركيب بين العنوانين اتّحاديّ، وإذا كان من القسم الثاني، فالتركيب بينهما انضماميّ.

فالإفطار بمال الغير في ظهر شهر رمضان محلّ لاجتماع عنواني الإفطار والغصب والتركيب بين العنوانين اتّحاديّ، لأنّ منشأ انتزاع عنوان الإفطار هو بعينه منشأ لانتزاع عنوان الغصب أيضاً، غايته أنّ العنوان الأوّل منتزع من حيثيّة وجهة، والعنوان الثاني من حيثيّة وجهة أُخرى. ولكنّ الإفطار في ظهر رمضان بمال مباح في مكان مغصوب لن يسبّب اتّحاد عنواني الغصب والإفطار، لأنّ الغصب ينتزع من «الكون في مكان الغير» والإفطار من «أكل الطعام في ظهر شهر رمضان» وبين منشئي الانتزاع تباين وجوديّ، فيكون التركيب بين العنوانين انضماميّاً.

فاتّضح أنّه لا يمكن التسليم بدعوى المحقّق النائينيّ ولا بدعوى المحقّق الخراسانيّ على إطلاقهما، بل يمكن للتركيب بين العناوين أن يكون انضماميّاً أو اتّحاديّاً حسب المورد.[1]

أقول: إنّ مقالة السيّد الخوئي ممّا يمكن الالتزام به، فإنّ دعوى الميرزا النائينيّ إنّما يمكن القبول بها فيما لو كان العنوانان من العناوين المقوليّة، إذ في هذه الحالة يدخل الوجود الخارجيّ لكلّ منهما تحت مقولة متباينة مع الأُخرى ولا يعقل التركيب الاتّحاديّ بينهما.

وأمّا إذا كانا من العناوين المنتزعة من شيء واحد، فإنّ منشأ انتزاع كلّ منهما حيثيّة من حيثيّات الشيء الخارجيّ الواحد، ومعلوم أنّ الشيء الواحد لا يتعدّد بتعدّد حيثيّاته، بل ليس للحيثيّات المتعدّدة للموجود الخارجيّ وجود غير وجود ذلك الموجود.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo