< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / الإشکال علی دعوی السيّد الخوئيّ و ردّه

 

بيّنّا في الجلسة السابقة دعوى السيّد الخوئيّ من كون التركيب بين مبادئ الاشتقاق تارةً انضماميّاً وأُخرى اتّحاديّاً.

وقد يشكل عليه بأنّه لو فرضنا وجود عنوانين ولو عنوانين انتزاعيّين، فلابدّ من تعدّد منشأ انتزاعهما، لأنّ الشيء الواحد لا يكون منشئاً لانتزاع شيئين، وبذلك يُعلم أيضاً إشكال دعواه في ما إذا كان أحد العنوانين انتزاعيّاً والآخر متأصّلاً.

ولكن يجاب عليه بأنّه لم ينف تعدّد منشأ انتزاع العنوانين، وإنّما نفى تعدّد الوجود بتعدّد العناوين الانتزاعيّة.

توضيحه أنّ الحيثيّات المتعدّدة للشيء الواحد، ناتجة عن وجود نسب متعدّدة بين ذلك الشيء وغيره من الأشياء، وهذه النسب وإن كانت أُموراً خارجيّة موجودة بوجود ربطيّ خارجاً ولكن تعدّد النسب لا يؤدّي إلى تعدّد طرف النسبة، وإنّما الشيء الخارجيّ الواحد قد يكون طرفاً لنسب عديدة. ومن جهة أُخرى فإنّ العناوين الانتزاعيّة لا تنتزع من النسب الخارجيّة نفسها وهي إنّما منتزعة ممّا يقع طرفاً للنسبة، وإلا كان ينبغي حمل العنوان على النسبة لا طرفها، فمثلاً عندما يقال: «هذا الشيء فوق ذلك الشيء»، فالفوقيّة محمولة على نفس الشيء الذي وقع طرفاً للنسبة، لا على النسبة بينه وبين الشيء الآخر.

فالعناوين المتعدّدة منتزعة من شيء واحد ولكن من حيث وجود نسب مختلفة بينه وبين أشياء أُخرى، وهذه الحيثيّات وإن كانت متعدّدة ولكن تعدّدها ناشئ عن تعدّد لحاظ شيء واحد لا تعدّد وجوده الخارجيّ.

وبعبارة أُخرى فإنّ تعدّد النسب الخارجيّة يوجب تعدّد لحاظ الشيء الواحد ـ حيث ينتزع من قبل كلّ منها أحد العناوين ـ لا تعدّد وجوده الخارجيّ، فمثلاً للشيء الكائن فوق الأرض وتحت السماء، وجود واحد ولكن يحمل عليه عنوان «الفوق» باعتبار، وعنوان «التحت» باعتبار آخر، ولا يلزم من تعدّد العناوين الصادقة عليه تعدّده وجوداً.

وعليه فإنّ التركيب بين العناوين ليس اتّحاديّاً مطلقاً ولا انضماميّاً كذلك، ومسألة اجتماع الأمر والنهي ـ خلافاً لما ذهب إليه المحقّق النائيني ـ إنّما هي فيما إذا كان التركيب اتّحاديّاً لا انضماميّاً، لأنّ الثاني لا يجتمع فيه الأمر والنهي ويختلف مصداق متعلّق كلّ منهما خارجاً مع مصداق الآخر، وغاية الأمر وجود الملازمة بين المصداقين الخارجيّين.

أمّا ما تقدّم في كلام المحقّق النائينيّ من أنّ الصلاة والغصب مقولتان لا يمكن اجتماعهما خارجاً، فإشكاله أنّ الصلاة مركّب اعتباريّ تقع أجزاؤه تحت مقولات متعدّدة، فبعض أجزائه ـ كالقراءة والأذكار ـ تندرج تحت الكيف المسموع، وبعضها ـ كالقصد والنيّة ـ تحت الكيف النفسانيّ، وبعضها ـ كالقيام والقعود والركوع والسجود ـ تحت مقولة الوضع. بينما الغصب ـ كما تقدّم في كلمات المحقّق الخوئيّ ـ فليس من العناوين المتأصّلة الداخلة تحت المقولات، وإنّما هو عنوان انتزاعيّ ينتزع من التصرّف في مال الآخرين من دون رضاهم.

وأمّا بالنسبة إلى أنّه هل يوجد اتّحاد خارجيّ بين كلّ من أجزاء الصلاة والغصب، فإنّ المحقّق الخوئيّ قال: إنّ أجزاء الصلاة الداخلة تحت مقولة الكيف المسموع أو الكيف النفساني، فليست مصداقاً للغصب، لا عقلاً ولا عرفاً.[1]

وأمّا بالنسبة إلى الأجزاء المندرجة تحت مقولة الوضع ـ كالقيام والقعود والركوع والسجود ـ فقد قال: «الصحيح أنّها أيضاً غير متّحدة مع الغصب خارجاً، والوجه في ذلك هو أنّ هذه الأفعال من مقولة الوضع، فإنّها هيئات حاصلة للمصلّي من نسبة بعض أعضائه إلى بعضها الآخر ونسبة المجموع إلى الخارج، والوضع عبارة عن هيئة حاصلة للجسم من نسبة بعض أجزائه إلى بعضها الآخر ونسبة المجموع إلى الخارج، وهذه الهيئات هي حقائق تلك الأُمور التي تعتبر في الصلاة، ومن الواضح جدّاً أنّ تلك الهيئات ليست بأنفسها مصداقاً للغصب ومتّحدة معه في الخارج ومنشئاً لانتزاعه، ضرورة عدم صدق التصرّف عليها بما هي لتكون كذلك، بل يستحيل أن تتّحد مع الغصب، لفرض أنّه في المقام منتزع من الكون في الأرض المغصوبة وهو من مقولة الأين، وتلك الهيئات من مقولة الوضع، وعليه فيستحيل اتّحادهما خارجاً...»[2]

وسنذكر تكملة كلام السيّد الخوئيّ في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo