< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي /إجتماع الأمر و النهي/إشکال علی دعوى السيّد الخوئيّ

 

نقلنا في الجلسة السابقة کلام السيّد الخوئيّ حول عدم اتّحاد أجزاء الصلاة مع الغصب. ولکنّه قال في نهاية كلامه في اتّحاد السجود والغصب: «الظاهر عدم صدق السجدة الواجبة على مجرّد مماسّة الجبهة الأرض، بل يعتبر في صدقها الاعتماد عليها، ومن المعلوم أنّ الاعتماد على أرض الغير نحو تصرّف فيها فلا يجوز، وعليه فتتّحد الصلاة المأمور بها مع الغصب المنهيّ عنه في الخارج، فإذن لا مناص من القول بالامتناع، ولا يفرق في ذلك‌ بين كون ما يصحّ عليه السجود نفس أرض الغير أو شيئاً آخر، ضرورة أنّه على كلا التقديرين يكون الاعتماد على أرض الغير، وعلى هذا فلا يكفي في القول بالجواز مجرّد الالتزام بكون الهويّ والنهوض من المقدّمات لا من الأجزاء، بل لابدّ من فرض عدم كون السجود على أرض الغير أيضاً.

ونتيجة ذلك: هي جواز الاجتماع فيما إذا لم تكن الصلاة مشتملة على السجود ذاتاً ـ كصلاة الميّت على تقدير كونها صلاة ـ أو عرضاً ـ كما إذا كان المكلّف عاجزاً عنه، أو فرض أنّه متمكّن من السجود على أرض مباحة أو مملوكة كما إذا كان في انتهاء الأرض المغصوبة ـ وفي غير هذه الصور لابدّ من القول بالامتناع، لفرض أنّ المأمور به فيها ـ أي في هذه الصور ـ متّحد مع المنهيّ عنه خارجاً، وكون شي‌ء واحد وهو السجود مصداقاً للمأمور به والمنهيّ عنه، وهو محال.»[1]

أقول: إنّ ما ذهب إليه من أنّ الأجزاء التي تعدّ من الكيف المسموع أو النفساني غير متّحدة عقلاً وعرفاً مع الغصب، فهو صحيح، كما يمكن الالتزام بدعواه من أنّ المحتسَب من أجزاء الصلاة إنّما هو هيئة الركوع والسجود والقيام والقعود بنحو اسم المصدر، لا هذه على نحو مصدريّ، والدليل عليه أنّه المستفاد من الأخبار الذاكرة لأجزاء الصلاة.

ومن الصحيح أيضاً ما ذكره من الفرق بين السجدة وسائر الأجزاء، ويؤيّده أنّه لو تمكّن الشخص من الابتعاد عن الأرض من دون التوكّؤ على شيء ـ كما لو أدّى القيام والقعود والركوع في الفضاء ـ فلا وجه في عدم صحّة تلك الأجزاء، ولكن صحّة السجود تتطلّب وقوع السجدة على الأرض ولا يكفي مجرّد هيئة السجود في صدقه، ولذلك قالوا في تعريف السجود: وضع الرأس على الأرض، كما يشترط في صحّة السجدة وضع الكفّين والركبتين والرجلين عليها.

ولكن يرد على كلامه أنّه اعتبر الحركات الواقعة بين أجزاء الصلاة خارجة عن الصلاة ومقدّمة لإتيان الأجزاء، وأنّه يرى أنّ غاية ما تؤدّي إليه حرمة المقدّمة أن تصبح الأجزاء بلا أمر.

بيان الإشکال: أنّا لو قلنا بأنّ تعلّق الأمر بالمركّب يؤدّي إلى انحلاله بعدد أجزاء المركّب وتعلّق أمر مستقلّ ضمني بكلّ جزء من المركّب ـ کما ذهب إليه المحقّق الخوئيّ ـ فكلامه وجيه، لأنّ الحركات الحاصلة في سبيل الوصول إلى حالة الركوع والسجود والقيام والقعود علی هذا الفرض هي مقدّمات خارجيّة والأمر بها أمر مقدّمي ناشئ عن الأمر بكلّ جزء. وعلى هذا المبنى، فإنّه يرى وجه لزوم مراعاة الشروط في الأكوان المتخلّلة هي الأدلّة الدالّة على قطع الصلاة بحصول القواطع حتّى في الأكوان المتخلّلة.[2]

ولكن بناءً على ما تقدّم من أنّ الأمر بأجزاء المركّب لا يكون إلا الأمر بالمركّب نفسه ولا يصحّ دعوى انحلال الأمر بالمركّب بعدد أجزائه، فإنّ الصلاة بوصفها مركّباً اعتباريّاً واحداً فليس لها إلا أمر واحد، فالحاصل أنّ الحركات التي يؤتى بها في الصلاة لإتيان أجزائها لا تكون مقدّمات خارجيّة، لأنّ ذي المقدّمة في هذا الفرض يكون أجزاء الصلاة، حينما الفرض عدم امتلاك الأجزاء لأوامر مستقلّة حتّی يکون الأمر بالحرکات أمراً مقدّميّاً تبعيّاً يتعلّق بمقدّمات الجزء بواسطة الأمر به، بل الأمر بالأجزاء هو عين الأمر بالمركّب. والنتيجة أنّه لابدّ من التسليم بأنّ الآنات المتخلّلة بين الأجزاء الرئيسيّة للصلاة ـ كالقيام والقعود والركوع والسجود ـ فهي من المقدّمات الداخليّة وتعدّ من أجزاء الصلاة.

وللتقريب إلى الذهن يمكن ملاحظة المركّبات الحقيقيّة، فمثلاً في مركّب كالسيّارة فإنّ أجزاءها ليست فقط الوسائل الرئيسيّة المستخدمة فيها، وإنّما أصغر الوسائل المستخدمة لتوصيل جزء إلى آخر فهي أيضاً من أجزاء المركّب، وكذلك في المركّبات الاعتباريّة بما أنّ لمتعلّق الأمر وحدة ـ ولو بالاعتبار ـ فلا يمكن اعتباره مركّباً من أجزاء غير متّصلة فيما بينها، وإلا لم يوجد ترکيب بين الأجزاء، بل سبب اتّصال الأجزاء أيضاً يعدّ جزءً من أجزاء المركّب.

فإن قيل: لمعرفة كون الشيء من أجزاء المركّب الاعتباريّ الشرعيّ علينا أن ننظر إلى الدليل الشرعي، وليس في الدليل أثر لجزئيّة الحركات المطلوبة لإتيان أجزاء كالركوع والسجود وأمثالهما.

فالجواب أنّه إذا عُلم بأنّ الشارع اعتبر الصلاة كمركّب، فما يلزم الشارع ذكره هو الموارد التي لا سبيل إلى كشف جزئيّتها للمكلّف من دون ذكره تعالى لها، وأمّا الموارد التي لا يجب ذكرها ويعرفها المكلّف من بيان سائر الأجزاء فلا وجه لبيانها شرعاً. فمثلاً عندما يقول الشارع: الجزء الأوّل من الصلاة هو القيام والتالي له الركوع، فإنّ المكلّف بنفسه يعرف أنّه للانتقال من حالة القيام إلى حالة الركوع، ينبغي أن يتحرّك، فلا حاجة إلى ذكر الحركة، لأنّها من لوازم بيان الشارع للأجزاء المذكورة. والحاصل أنّه لا إشكال في اتّحاد الغصب والصلاة خارجاً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo