< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / الإشکال علی تقسيم العبادات المكروهة

 

قلنا في الجلسة السابقة أنّ تقسيم العبادات المكروهة باعتبار أنّ بعضها ذو بدل وبعضها لا بدل له، لا يعود إلی معنى محصّل.

قد يقال: إنّ المراد من وجود البدل لعبادة ما هو أنّ الأمر الواحد يمكن امتثاله بالبدل أو المبدل منه، بينما العبادة التي لا بدل لها فإنّ الأمر الواحد فيها لا يمتثل إلا بفعل واحد؛ فالصلاة مثلاً كما يمكن إتيانها في الحمّام فكذلك يمكن في غير الحمّام في نفس الوقت، وأيّهما أُتي به فالممتثل أمر واحد هو الأمر بالصلاة في ذلك الوقت، وأمّا بالنسبة إلى الصوم، فكلّ يوم له أمر مستقلّ، ولذلك إذا صام الشخص يومين، فإنّه يستحقّ ثوابين، كما أنّه لو كان الصوم واجباً ـ مثل صيام رمضان ـ فمعلوم أنّ صيام كلّ يوم لا بدل له ويعدّ صيام كلّ يوم امتثالاً مستقلاً، بينما الصلاة الواجبة يمكن امتثالها في أوقات مختلفة والصلاة في أيّ من تلك الأوقات تسقط أمراً واحداً، والحاصل أنّه يمكن اعتبارها بديلة عن بعضها البعض.

ولكنّ الجواب أنّ فرض المسألة في القسم الأوّل والثاني ـ كما تقدّم في كلمات الشيخ ـ هو فيما إذا كانت النسبة بين المأمور به والمنهيّ عنه عموماً وخصوصاً مطلقاً، فيكون للمأمور به أفراد غير الفرد المنهيّ عنه تكون بينها بدليّة. أمّا إذا فرض أنّ الأمر قد تعلّق بشيء منهيّ عنه أيضاً، فمعلوم أنّ هذا يسبّب التعارض بين دليلين ولا يمكن الالتزام بتعلّق حكمين بعنوان واحد ولا يمكن توجيهه. فمثلاً إذا أمر أحد الدليلين بالصوم يوم عاشوراء والآخر نهى عنه، فلا يمكن توجيه ذلك وينبغي تطبيق قواعد باب التعارض فيهما.

على أنّ هذا الاستدلال في الصيام يمكن نقضه بالصوم المنذور، بمعنى أنّه لو نذر الشخص أن يصوم يوماً صوماً مستحبّاً، فإنّ صيام يوم عاشوراء وصيام سائر الأيّام كلّها بدائل عن بعضها البعض للوفاء بالنذر.

فالواقع أنّ الدليل إذا كان عامّاً ذا شمول استغراقي فإنّه ينحلّ بعدد أفراد متعلّقه الخارجيّة، وكلّما كان من شأنه أن يقيّد الوجود الخارجيّ فيمكن اعتبار فرد لمتعلّق الحكم بإزائه، وفي بعض متعلّقات الأوامر ـ كالصلاة ـ المكان أيضاً علاوة على الزمان قيد يمكن افتراض فرد لمتعلّق الحكم بإزاء كلّ فرد منه، بينما المكان في بعض متعلّقات الأوامر ـ كالصوم ـ ليس قيداً من شأنّه أن تتشخّص به أفراد متعلّق الحكم، فلا ينحلّ الحكم إلا بحسب أفراده الزمانيّة، ولكنّه لا يجعلنا نقول: إنّ الواجب في الفرض الأوّل ذو بدل وفي الثاني فاقد للبدل، إذ لو اعتبرنا الانحلال بعدد أفراد المتعلّق سبباً لعدم البدليّة بين تلك الأفراد، فلا بدليّة في الفرض الأوّل أيضاً بين الصلاة في المكان الأوّل والصلاة في المكان الثاني.

نعم غاية ما يقال: إنّ الصلاة في المكان الأوّل في الفرض الأوّل تسبّب امتناع امتثال الأمر بالصلاة في المكان الثاني، بينما في الفرض الثاني، إتيان أحد أفراد متعلّق التكليف لا يمنع من إتيان الفرد الثاني منه، ولكنّه ـ أي التضادّ بين البدائل خارجاً بنحو لا يمكن الجمع بينها أو عدم التضادّ بينها وإمكان جمعها ـ لا يغيّر شيئاً في المسألة كما تقدّم.

فالأفضل أن يقال في التقسيم: إنّ العبادات المكروهة إمّا أن تكون ملازمة لشيء ذو حزازة ومنقصة في نفسه ـ كالصلاة في موضع التهمة ـ وإمّا أن لا يكون لملازمها في الوجود منقصة في حدّ ذاته، كصيام يوم عاشوراء أو الصلاة في الحمّام.

أمّا بالنسبة إلى القسم الأوّل المتقدّم في كلمات المحقّق الخراساني فإنّه ـ تبعاً لشيخ ـ قال: في هذه الموارد، مع وجود الإجماع في هذه الموارد على أنّ العبادة إذا أُتي بها صحّت، فإنّ النهي يحمل على الكراهة، بمعنى أنّ تركها أرجح، كما أنّ مداومة الأئمّة(ع) على الترك يدلّ على هذا الرجحان.[1]

وقد ذكر المحقّق الخراسانيّ توجيهين في خصوص وجه رجحان الترك على الفعل بنحو لا ينافي عباديّة الفعل سنذكرهما في الجلسات القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo