< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / جواب إشکال المحقق الخوئیّ علی دعوی السيّد الروحانيّ

 

ذهب المحقّق النائينيّ إلى لزوم الاكتفاء في التصرّف الاضطراريّ في المغصوب بالأقلّ منه، وبما أنّ الركوع والسجود يعتبران عرفاً تصرّفاً زائداً ـ ولو لم يكن عقلاً كذلك ـ فينبغي الإتيان بها بالإيماء في الدار الغصبي.[1]

ولكنّ المحقّق الخوئيّ أشكل على هذه الدعوى قائلاً: التفريق بين نظر العقل والعرف في احتساب التصرّف الزائد ناشئ عن تصوّر أنّ العرف من حيث التصرّف في المغصوب يفرّق بين أن يكون المكلّف في حالة كالركوع أو حالة أُخرى كالسجود، والحال أنّه ليس كذلك وأنّ ما يحتسب تصرّفاً عند العقل والعرف فهو الكون في الأرض المغصوبة، ولا مدخليّة للهيئة التي يتحقّق «الكون» ضمنها في صدق الغصب، لا عقلاً ولا عرفاً.[2]

وقد يجاب على هذا الإشكال بأنّه وإن لم تختلف الهيئات المختلفة في صدق الغصب عرفاً، غير أنّ ما يحسبه العرف تصرّفاً زائداً فهو تغيير الهيئة، بمعنى أنّ تغيير الهيئة من القيام إلى الركوع أو من الركوع إلى السجود أو من السجود إلى القعود أو من القعود إلى القيام، يحسبه العرف تصرّفاً زائداً بلا إشكال، وحتّى لو قيل أنّ تغيير الهيئة متوقّف على حركة لا تعدّ جزء الصلاة، فالإشكال يبقى على حاله، إذ عندما يتوقّف جزء الواجب على مقدّمة محرّمة في نفسها مع وجود بدل للجزء، فلا إشكال في ضرورة إتيان البدل مكان المبدل منه. نعم، إن لم نعتبر الحركات التي تقع في الصلاة لتغيير الهيئات أجزاء الصلاة، فيمكن في هذه الصورة الالتزام بأنّ الذي يأتي بالسجدة والركوع على النحو المعمول فصلاته صحيحة وإن كان ارتكب معصية.

إذن ينبغي أن نقول في جواب دعوى المحقّق النائينيّ: إنّ المستفاد من حديث الرفع أنّه إذا أمكن رفع الاضطرار إلى التصرّف في ملك مغصوب، فعلى المكلّف أن يكتفي بأقل التصرّف الذي يرتفع به الاضطرار، إذ بعد ارتفاع الاضطرار لا يكون المورد من موارد حديث الرفع حتّى يرتفع التكليف بذلك.

وأمّا إذا لم يمكن رفع الاضطرار المذكور، فمادام الاضطرار غير مرتفع فيجوز التصرّف المتعارف في الأرض المغصوبة ـ أي التصرّفات التي يضطرّ الشخص عرفاً إلى إعمالها ولو لم يكن مضطرّاً إليها عقلاً ـ حسب دلالة حديث الرفع، لأنّ المرفوع بالحديث هو المحذور في أفعال المكلّف المحمول على أفعاله العرفيّة، والحاصل منه جواز التصرّفات التي يعتبرها العرف تصرّفاً عادياً في الأرض المغصوبة، وكما لا يقال للمسجون في أرض مغصوبة أن لا يمشي فيها أو لا ينتقل من الجلوس إلى الاستلقاء أو العكس ويكتفي فيها بأقلّ مقدار ممكن من التصرّف، فكذلك لا يقال في الصلاة أن لا يأتي بحركاتها، وسرّه ما تقدّم من أنّ ما سقطت فعليّة حرمته حال الاضطرار فهي أُمور عرفيّة يقوم بها الشخص عادة في أرض غير مغصوبة، وليس ما لا يمكن اجتنابه عقلاً. نعم، إذا أراد التصرّف بما لا يعتبر عرفيّاً ـ مثل حرث الأرض وزراعتها ـ فمثل هذه التصرّفات ممنوعة ولا دليل على جوازها.

ولصاحب الجواهر في دعوى لزوم الاقتصار على أقلّ مقدار من التصرّف في هذا الفرض إشکال سنتعرّض إلى بيانه في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo