< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / حدوث الاضطرار بسوء اختيار المكلّف

 

الفرض الثاني: حدوث الاضطرار بسوء اختيار المكلّف

إذا تحقّق الاضطرار بسوء اختيار المكلّف ـ كما لو غصب مكاناً ثمّ احتبس فيه أو ضاق وقت الصلاة ولم يمكنه تأخيرها والإتيان بها خارج المكان المغصوب ـ فنقوم بدراسة المسألة في ثلاثة مقامات:

المقام الأول: حكم الخروج من المحل المغصوب في حدّ نفسه

ورد في حكم الخروج من المكان المغصوب خمسة أقوال.

القول الأوّل: أن يكون للخروج من المكان المغصوب حرمة فعليّة شرعاً وإن وجب عقلاً.

يقول المحقّق العراقيّ فيه: «وأمّا نفس خروجه فهو كما عرفت لا يكون إلا منهيّاً عنه بالنهي السابق كالبقاء فيه، لا أنّه يكون مأموراً به، إذ لا وجه لدعوى كونه مأموراً به إلا توهّم مقدّميّته للتخلّص عن الغصب الزائد، وهو كما عرفت في غير محلّه، فإنّ الحركة لا تكون إلا عبارة عن تبدّل كون بكون آخر، فهي حينئذٍ عبارة عن ضدّ البقاء المستتبع للغصب الزائد، وهو غير موجب لمحبوبيّة الحركة التي هي ضدّ السكون والبقاء. نعم، لو كانت الحركة عبارة عمّا به تبدّل أحد الكونين بالآخر لا نفس تبدّل كون بكون، لكان لما ذكر من المقدّميّة مجال، إذ كانت الحركة حينئذٍ علّة لإفراغ الكون في الغصب وتبدّله بالكون في خارجه، ولكنّه محلّ منع جدّاً، بل هي لا تكون إلا عبارة عن نفس تبدّل كون بكون آخر، وعليه فلا تكون الحركة إلا ضدّ السكون والبقاء الملازم للغصب الزائد، ومثله أيضاً غير موجب لسراية المحبوبيّة إليها. وحينئذٍ فلا يبقى في البين إلا لزوم الخروج عقلاً إرشاداً منه إلى اختيار ما هو أقلّ القبيحين كما هو واضح.»[1]

فظاهر كلامه أنّ للخروج من المكان المغصوب حرمة فعليّة، لأنّه وإن قال بأنّ الحرمة ناشئة عن رجوع حرمة المنهيّ عنه إلى نهي سابق عنه، ولكنّه صرّح تباعاً بأنّ حرمته كحرمة البقاء في مكان مغصوب، ومعلوم أنّ بقاءه في المكان المغصوب حرام فعليّ.

ولكن يمكن المناقشة في ما ذكره في الاستدلال على نفي المقدّميّة، لأنّ الحركة عنوان منتزع من النسبة بين وضع ووضع آخر وليست النسبة نفسها حركةً، إذ لا يكون للحركة حينئذٍ جهة بينما لا إشكال في اشتمال الحركة عل جهة، كما أنّ لها مبدئاً وغاية. ويؤيّده أنّ الحركة التي تؤدّي إلى الخروج من المكان المغصوب تختلف عن الحركة التي لا تؤدّي إليه، والذي يحكم العقل بلزومه هو الأوّل، بينما إذا لم تكن الحركة غير نسبة بين كونين، فلا ينبغي أن تختلف هاتان الحركتان.

وسيأتي في الجلسة القادمة ما يترتّب على هذه الدعوى إن شاء الله تعالی.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo