< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / استدلالات المحقّق النائينيّ في توجيه دعوى الشيخ (ره)

 

بينّنا في الجلسة السابقة استدلالات المحقّق النائينيّ في توجيه دعوى الشيخ من عدم استحقاق العقاب على الخروج من المكان المغصوب فيما إذا تحقّق الغصب بسوء اختيار الغاصب.

ومن الصحيح ما ذكره في بداية كلامه من أنّ الخروج من المكان المغصوب ليس محكوماً بالفعل بحكم شرعيّ ويطابق ما تقدّم سابقاً.

ويشكل استدلالاته على عدم شمول قاعدة «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار» ما يلي:

أوّلاً: يشتمل ما ذكره في استدلاله الأوّل على إشكال واضح لأنّ قاعدة «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار» في فرض الكلام لا تنطبق على عنوان «الخروج من المكان المغصوب» وإنّما تنطبق على عنوان «التصرّف في مال الغير» حيث لا قدرة على امتثال الحكم التحريميّ المتعلّق به على الرغم من اللزوم العقليّ للخروج من المكان المغصوب، إذ من المعلوم أنّ كون المورد من موارد القاعدة لا يتطلّب بالضرورة فقدان القدرة عقلاً، بل تجري القاعدة حتّى مع بقاء القدرة العقليّة واللزوم الشرعيّ أو العقليّ لصرف القدرة في تكليف آخر.

وثانياً: يتّضح إشكال استدلاله الثاني بالنظر إلى الإشكال السابق، إذ كما تقدّم فإنّ القاعدة لا تنطبق على عنوان «الخروج من المكان المغصوب» وإنّما العنوان الذي تعلّق التكليف التحريميّ به هو «التصرف في مال الغير»، وإنّ الدخول إلى ملك الغير أو الخروج منه مصداقان للعنوان المذكور، على أنّ ملاك الحكم التحريميّ المذكور مطلقٌ بالنسبة إلى المقدّمات الإعداديّة للتصرّف في مال الغير.

فإذن الدخول في مكان مغصوب وإن عُدّ مقدّمة إعداديّة للخروج منه ولكن بما أنّ الخروج منه ليس عنواناً يتعلّق به الحكم وإنّما هو مصداق من مصاديق متعلّق الحكم، فلا إشكال في تطبيق القاعدة عليه.

ونظيره فيما إذا افترضنا استعمال المرأة دواءً قبل تكوين الجنين أو حتّى قبل النكاح وهي تدري أنّه يؤدّي بعد تكوين الجنين إلى إجهاضه، إذ من المعلوم في المثال أنّه إذا أسقط الجنين فقد صدر منها معصية تستحقّ العقاب عليه وإن كان ما فعلته قبل تكوين الجنين، والوجه فيه أنّ إسقاط الجنين ليس عنواناً مستقلاً تعلّق به حكم الحرمة، وإنّما الحرمة من باب كون إسقاط الجنين من مصاديق القتل، وبما أنّ ملاك حرمة القتل مطلق بالنسبة إلى مقدّماته الإعداديّة، فلا شكّ في تفويت هذا الملاك من خلال الفعل الصادر من المرأة.

ثالثاً: ما ذكره في استدلاله الثالث يخصّ التكليف الوجوبيّ، وأمّا التحريميّ ـ كما قاله السيّد الخوئيّ[1] ـ فامتناع التكليف فيه إمّا مسبّب عن ارتكاب فعل يضطرّ المكلّف به تكويناً إلى ارتكاب الحرام ـ كما إذا ذهب إلى مكان يعلم أنّه سيسلب فيه الاختيار ويسقى خمراً ـ وإمّا مسبّب عن نهي العقل أو الشرع إيّاه عن ارتكاب فعل آخر، كما فيما نحن فيه.

والنتيجة أنّ الدخول في المكان المغصوب فيما نحن فيه وإن لم يوجب قدرة على اجتناب التصرّف في مال الغير، ولكن بما أنّ الدخول تسبّب بلزوم اختيار الخروج عقلاً ـ وهو من مصاديق الغصب ـ من باب أقلّ المحذورين وارتكاب المحذور مستند إلى اختياره، فلا إشكال في شمول القاعدة له.

وبعبارة أُخرى: فإنّ تطبيق القاعدة في التكاليف الوجوبيّة وإن كان فيما إذا لم يقدر الملكّف على الفعل بواسطة ترك المقدّمات، ولكن في التكاليف التحريميّة فهو ينطبق على ما إذا تسبّب المكلّف بسوء اختياره بعدم القدرة على الانزجار، وحكم العقل بوجوب الخروج فيما نحن فيه يعني أنّ المكلّف غير قادر عقلاً على الانزجار عن التصرّف في مال الغير، فإذن لا إشكال في تطبيق القاعدة على ما نحن فيه.

ورابعاً: كون الخروج من المكان المغصوب مقدوراً لا ينافي دعوى استحقاق العقاب لانطباق القاعدة المذكورة على ما نحن فيه، لأنّ الذي يترتّب عليه العقوبة ليس عنوان الخروج من المكان المغصوب وإنّما عنوان الغصب الذي يعدّ الخروج من المكان المغصوب مصداقاً له، فغير المقدور فيما نحن فيه هو التصرّف في مال الغير لا الخروج من المكان المغصوب.

وخامساً: لا وجود لقاعدة «وجوب ردّ المال إلى مالكه» وإنّما وجوب هذا الرد يكون بحكم العقل وناشئاً عن الحرمة الشرعيّة للتصرّف في مال الغير من دون إذنه، وبما أنّ العقل يحكم بلزوم التخلّص من الحرام، فيكون تحقّقه بردّ المال إلى صاحبه فيما إذا حدث تصرّف في مال الغير.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo