< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/08/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / إشکال علی المدعی السيّد الخمينيّ (ره)

 

يشكل دعوى السيّد الخميني ـ التي ذكرناها في الجلسة الماضية ـ أوّلاً: أنّ ملاك جريان القاعدة في الأفعال الإلهيّة وإن كان بأنّ امتناع الشيء من خلال منع علّته وإيجابه بإيجاد علّته يكون تحت اختياره عزّ وجلّ وهذا ممّا لا سبيل إليه في أفعال غير الله، غير أنّ حكم العقل بالقاعدة المذكورة لا ينحصر في هذه الموارد، إذ لا يختلف من حيث الملاك أن يكون وجوب الشيء أو امتناعه بإيجاد علّته أو إعدامها أو مسبّباً عن إتيان فعل تسبيبيّ أو عدم إتيان مقدّمته، وعلى كلا الحالتين فالعقل يحكم بعدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار.

وثانياً: كون المكلّف بعد عدم إتيان المقدّمة غيرَ مختارٍ في إتيان ذي المقدّمة على خلاف الله سبحانه الذي لا معنى للامتناع بالغير بالنسبة إليه، فهذا لا علاقة له بهذه القاعدة، لأنّ القاعدة تجري في فرض عدم العلّة أو المقدّمة، ومعلوم في هذا الفرض أنّ المعلول وذي المقدّمة ممتنعان، سواء كان إيجاد العلّة أو المقدّمة تحت الاختيار أو لم يكن.

وثالثاً: إنّ القاعدة العقلائيّة التي تفيد عدم قبح العقاب في موارد الاضطرار إلى ترك الواجب أو فعل الحرام ممّا اضطرّ إليه المكلّف بسوء اختياره، لا تستند إلا إلى قاعدة عقليّة وهي «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار» ويستند عدم قبح العقاب في الفرض المذكور إلى كون ترك الواجب أو فعل الحرام اختياريّاً بحكم العقل.

نعم قد يقال بالفرق بين موارد الاضطرار وموارد عدم الاختيار ويدّعى بأنّ المكلّف إذا سُلب عنه الاختيار في ارتكاب عمل، فلا يمكن عقلاً توجّه الحرمة الفعليّة إليه حتّى لو ابتلي بهذه الحالة بسوء اختيار منه، لأنّ الفعل غير الاختياري لا حكم له، سواء ابتلي المكلّف به بسوء اختياره أو بدونه، لأنّ علّة فقدان الاختيار غير دخيلة في المنع العقليّ المذكور. لكن إذا فقد المكلّف اختياره بسوء اختياره، فالعقل يراه بحكم المختار بمقتضى قاعدة «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار» ممّا ينتج عنه أنّ العقل يراه مستحقّاً للعقوبة لتفويته العامد لمصلحة ملزمة أو تحصيل مفسدة ملزمة وذلك على الرغم من عدم فعليّة الحرمة.

وأمّا فيما إذا قام المكلّف بفعل ـ ولو اضطراراً ـ باختيار منه، فإنّ رفع فعليّة حرمة الفعل لا تكون بحكم العقل بعدم إمكان تكليف غير المختار، وإنّما مسبّبة عن الأدلّة الشرعيّة لرفع الحكم عن المضطرّ، ولذلك لا مانع عقلاً في بعض الموارد من أن لا يرتفع حكم الحرمة عن المضطرّ شرعاً، كما فيمن اضطرّ إلى قتل نفس محترمة حفاظاً على نفسه، فإنّه لا يحقّ له القتل استناداً إلى هذا الاضطرار، والعقل كذلك لا يحكم بعدم حرمة القتل في هذا المورد.

فإذا اضطرّ الشخص بسوء اختياره، فإنّ العقل لا يراه معذوراً في القيام بالفعل الاضطراريّ ولا يشمله دليل الرفع أيضاً وإن حكم العقل أو الشرع بالقيام بذلك الفعل، كما لو وقع الشخص بسوء اختياره في ظروف لابدّ فيها من شرب الخمر حفاظاً على حياته، فشرب الخمر وإن كان واجباً عليه لمقدّميّته لحفظ النفس ولكن هذا لا ينافي عدم معذوريّته في شرب الخمر وارتكابه الحرام به. والنتيجة أنّ فعله كما يكون مصداقاً للواجب المقدّمي العقليّ فكذلك يکون مصداقاً للحرام الشرعيّ، وكلا الحكمين فعليّان في حقّه.

ولکن يدفع هذه الدعوى بأنّ الممتنع شرعاً في حكم الممتنع عقلاً، وكما يقبح عقلاً توجّه التكليف إلى المكلّف في موارد فقدان القدرة العقليّة، فكذلك فيما إذا حكم الشرع بلزوم صرف القدرة في تكليف وكان ذلك سبباً لسلب القدرة على امتثال تكليف ثانٍ، فإنّ الحكم الثاني لا يمكن فعليّته في هذه الصورة للمكلّف عقلاً، فإذن عندما يحكم الشارع في مورد الاضطرار بلزوم فعل محرّم في غير ذلك المورد، فلا يمكن اعتبار حرمة فعليّة لذلك الفعل في تلك الحالة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo