< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/08/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / قول المحقّق الخراسانيّ في المسئلة

 

عرضنا في الجلسات السابقة وجه تطبيق قاعدة «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار» على ما نحن فيه.

وينبغي الالتفات إلى أنّ المراد من «الاختيار» ليس مجرّد الفعل الصادر باختيار المكلّف، بل المقصود أن يمتلك المكلّف إرادة الترتّب القهريّ لذي المقدّمة على مقدّمته أو امتناع إتيان ذي المقدّمة بواسطة ترك المقدّمة، وهذا متوقّف على أن يكون المكلّف على علم بأنّه إذا ترك الفعل فسيفوته الواجب أو في صورة إتيان الفعل سيصدر منه الحرام أو إذا احتملهما بطريقة عقلائيّة، وإلا لم يمكن ادّعاء امتلاكه لمثل هذه الإرادة، كما أنّه مع وجود العلم أو الاحتمال العقلائيّ فإنّ دعواه بالنسبة إلى عدم الإرادة غير مسموعة، مثل ما لو ضرب شخصاً آخر بآلة قاتلة، فدعواه بأنّه لم يرد القتل غير مسموعة.

إذن يكون تطبيق القاعدة المذكورة فيما نحن فيه منحصراً فيما علم المكلّف بحصوله أو أن يكون احتمله احتمالاً عقلائيّاً، فلو دخل الشخص مكاناً مغصوباً من دون أن يعلم أنّه سيُحبس فيه، فإذا حُبس ولم يتمكّن من الخروج على الرغم من إرادة الخروج، فلن يتوجّه إليه عقاب على الغصب. أو إذا كان عَلِم بأنّه سيُحبس هناك ولكنّه كان يظنّ أنّ ذلك سيطول إلى وقت كذا فطال أكثر من توقّعه، فبعد مضيّ الوقت المحتمل الحبس فيه فلن يكون معاقباً إذا كان يريد الخروج ولم يمكنه ذلك.

القول الخامس: وهو قول المحقّق الخراسانيّ القائل بأنّ الخروج من المكان المغصوب ليس له حكم شرعيّ وإنّما هو منهيّ عنه بنهي سابق سقط عن الفعليّة بحدوث الاضطرار، ولكن بما أنّ حدوث هذه الحالة كان بسوء اختيار من المكلّف فإنّ ارتكابه يوجب تحقّق العصيان، ولا يرتفع العصيان بارتكابه بواسطة انحصار التخلّص من الحرام على هذا التصرّف، لأنّ الخروج من الدار المغصوبة ـ بسبب أهمّيّة الوجوب النفسيّ للتخلّص من الحرام بالقياس إلى لزوم ترك مقدّمته المنحصرة المحرّمة المسبّب عن حرمة الغصب النفسيّة ـ وإن كان وجوباً مقدّمياً ولكن بما أنّ هذا الأمر قد توجّه إلى المكلّف بسوء اختياره، فلا يؤدّي إلى عدم مبغوضيّة المقدّمة، وإلا كانت الحرمة معلّقة على إرادة المكلّف واختياره بمعنى أنّه إذا أراد شيئاً غير الخروج من الدار المغصوبة فإنّ كلّ تصرّف فيها حرام عليه ولو أدّى إلى الخروج منها، وإذا أراد الخروج منها فلن يكون الخروج من الدار المغصوبة محرّماً عليه، وهذا لا يمكن الالتزام به، لأنّه فضلاً عن تعليق مبغوضيّة الخروج من الدار المغصوبة على إرادة المكلّف فهو مخالف أيضاً لفرض المسألة من كون الاضطرار ناشئاً عن سوء اختيار المكلّف.[1]

غير أنّ المحقّق الاصفهانيّ أشكل على استدلال المحقّق الخراسانيّ ممّا سنبيّنه في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo