< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/08/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / إشکال المحققّ الإصفهاني علی المحقّق الخراسانيّ

 

ذكرنا في الجلسة السابقة استدلال المحقّق الخراسانيّ على عدم فعليّة الحكم الشرعيّ للخروج من المكان المغصوب وتحقّق المعصية به.

وقد أشكل المحقّق الاصفهانيّ على دعوى الآخوند قائلاً: ما يمكن أن يسبّب سقوط حرمة الخروج عن الفعليّة هو وجوبه الذي إمّا أن يكون نفسيّاً أو مقدّميّاً، بينما لا يصدق عنوان التخلّص من الحرام على الحركات الحادثة حال الخروج من المكان المغصوب حتّى يجب الخروج بنفسه، كما أنّ المطلوب في نفسه هو ترك الغصب والترك عنوان عدميّ لا مقدّمة له، وحتّى لو فرض إمكان وجود مقدّمة له فالخروج مقدّمة للكون خارج المكان المغصوب ممّا يلازم ترك الحرام وليس مقدّمة لنفس ترك الحرام.[1]

ولكن يشكل هذا الكلام بأنّه عندما يُعترف بعدميّة عنوان الترك، فلا وجه لدعوى مطلوبيّته النفسيّة، لأنّ الأمر العدميّ لا يكون ذا مصلحة حتّى يصبح مطلوباً. نعم، ليس هذا بمعنى تماميّة دعوى الآخوند الخراسانيّ، لأنّ عنوان التخلّص من الحرام ـ كما تقدّم ـ ليس عنواناً تعلّق به أمر شرعيّ حتّى يكون الخروج من المكان المغصوب مقدّمة له ذات مطلوبيّة غيريّة.

إذن ينبغي أن يقال في الاستدلال على سقوط حرمة الخروج من المكان المغصوب عن الفعليّة: إنّ الخروج من المكان المغصوب لازم بحكم العقل في دوران الأمر بين محذورين بلزوم اختيار ما هو أقلّ محذوراً، لأنّ العقل عند دوران الأمر بين البقاء في المكان المغصوب ـ الذي يستلزم تصرّفاً زائداً فيه ـ وبين الخروج منه ـ المستلزم لتصرّف أقلّ ـ يحكم بلزوم الخروج وهذا هو الذي ارتآه المحقّق الاصفهانيّ أيضاً.[2]

إذن يكفي في سقوط فعليّة حرمة الخروج من المكان المغصوب أن يحكم العقل بلزومه، لأنّ فعليّة الحرمة تعني الزجر الفعليّ عن الخروج، بينما للعقل حثّ وبعث فعليّ على الخروج، ومن المعلوم أنّهما لا يجتمعان وإن كان الحاكم بأحدهما هو العقل وبالآخر الشرع.

فيتزاحم الحكمان المذكوران ويقدّم حكم العقل لأقوائيّة مناطه على حكم الشرع ويسبّب سقوط فعليّته.

وقد يدّعى أنّ العقل لا يحكم بلزوم الخروج من المكان المغصوب وإنّما يحكم بترك الفعل ذي المفسدة الزائدة ـ وهو البقاء في المكان المغصوب ـ ولزوم ترك المكان المغصوب هو من لوازم حكم العقل بترك الفعل ذي المفسدة الزائدة.

ولكنّ الحرمة الفعليّة للخروج من المكان المغصوب تسقط في هذه الصورة أيضاً وقد تقدّم تفصيله ضمن بيان القول الأوّل من الأقوال في المسألة.

هذا، ولكنّ الذي استدلّ به المحقّق الخراسانيّ على مبغوضيّة الخروج من المكان المغصوب في هذا الفرض من أنّ الخروج في هذا الفرض إذا لم يكن مبغوضاً لزم منه توقّف المبغوضيّة على إرادة المكلّف، غير تامّ، لأنّ البحث ليس في الملاك حتّى يشكل بعدم صحّة توقّف الملاك على القصد، وإنّما محلّ النزاع هو تحقّق أو عدم تحقّق العصيان، ولا استبعاد في توقّف العصيان بواسطة الخروج من المكان المغصوب على إرادة المكلّف، ومن هنا إذا دخل شخص إلى مكان مغصوب من دون سوء اختيار ثمّ أراد الخروج منه، فهذا الخروج لا يسبّب عصياناً، بينما إذا تصرّف فيه من دون إرادة الخروج فهذا يستوجب العصيان وإن كان تصرّفه مؤدّياً إلى خروجه من المكان من دون أن يعلم.

إذن، ينبغي في توجيه هذا الأمر أن يتمسّك بالقاعدة العقليّة الدالّة على أنّ «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار» وأن يقال: المكلّف في الفرض المذكور ومع حكم العقل بلزوم الخروج من المكان المغصوب وإن لم يكن مختاراً في ترك الخروج، ولكن بما أنّ دوران الأمر بين المحذورين حدث بسوء اختيار منه فإنّ العقل يراه في حكم المختار ويُجري على فعله الحكم نفسه الذي يجريه على فعل المختار، وكما أنّه يرى المختار مستحقّاً للعقلاب فإنّه يحكم أيضاً باستحقاق عقاب مثل هذا الشخص.

إذن تبيّن أنّ الحقّ في المسألة ما ذهب إليه صاحب الكفاية وأنّ الخروج من المكان المغصوب وإن لزم بحكم العقل ولكنّه لا يرفع العقاب عنه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo