< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/10/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهی / اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه / اشکالات علی دعوى المحقّق الخراسانيّ

 

تقدّم في الجلسة الماضية ذكر دعوى المحقّق الخراسانيّ بالنسبة إلى كون الصحّة والفساد في العبادات مجعولين أو واقعيّين.

وتابع قوله في سياق الحديث عن المعاملات: إنّ الصحّة في المعاملات الكليّة من الأُمور المجعولة، لأنّ ترتّب الأثر على المعاملة يكون بالجعل الشرعيّ ولو إمضاءً، وإذا لم يكن هذا الجعل كان الأصل فساد المعاملة. ولكنّ الصحّة والفساد في المعاملة الشخصيّة منشؤهما انطباق أو عدم انطباق المعاملة على ما جُعل سبباً كما هو الحال في الأحكام التكليفيّة، لأنّ اتّصاف المأتي به بالوجوب أو الحرمة أو غيرهما ليس إلا لمطابقته للشيء الواجب أو المحرّم.[1]

ولكن أُشكل على المحقّق الخراسانيّ بأُمور:

1 ـ أشكل المحقّق الإصفهانيّ على دعوى الآخوند الذي لم يعتبر الصحّة ـ بمعني سقوط الإعادة والقضاء ـ من الأُمور الانتزاعيّة في صورة إتيان المأمور به الحقيقيّ، بل اعتبرها من المستقلات العقليّة فقال: «لا يخفى أنّ الصحّة ـ بمعنى إسقاط القضاء ـ إذا كانت من أوصاف الفعل، فلا محالة تكون من الأُمور الاعتباريّة الانتزاعيّة؛ إذ لا نعني بالأمر الانتزاعي إلا ما لا مطابق له بالذات بل كان له منشأ الانتزاع، ومجرّد استقلال العقل بسقوط الأمر بالإعادة والقضاء لا ينافي انتزاعيّة المسقطيّة للأمر بهما عن الفعل؛ إذ لا حكم مجعول من العقل، بل شأن القوّة العاقلة إدراك عدم الأمر بالإعادة وعدم الأمر بالقضاء بإدراك عدم الخلل الموجب لهما.»[2]

فالواقع أنّ مراده من كون الصحّة بهذا المعنى من الأُمور الانتزاعيّة أنّ الصحّة أمر انتزاعيّ والأُمور الانتزاعيّة اعتباريّة بالمعنى الأعمّ، والدليل على انتزاعيّة الصحّة أنّ سقوط الإعادة والقضاء هو ما ينتزعه العقل من مطابقة المأتي به للمأمور به، لا أن يحكم بسقوط القضاء بعد إدراك المطابقة، لأنّ جعل الحكم ليس من شؤون القوّة العاقلة، بل شأنها الإدراك.

غير أنّ هذه الدعوى ممّا لا يمكن الالتزام به، لأنّ ما ينتزع من وجود النسبة بين شيئين، لا يرتبط إلا بمنشأ الانتزاع ولا يمكن انتزاع شيء يرتبط بغير طرفي النسبة منهما، فلا يمكن انتزاع سقوط الأمر بالإعادة والقضاء من مطابقة المأتي به للمأمور به، لأنّها لا علاقة لها بالأمر بهما.

وعدم كون جعل الحكم من شأن القوّة العاقلة لا يؤدّي إلى عدم حكمها، لأنّ المراد من حكم العقل ليس جعلها للحكم كالشرع في عالم اعتبار العقلاء، بل المراد أنّ العقل أحياناً يدرك شيئاً دون الحاجة إلى مقدّمات ـ مثل إدراك الكلّيّات ـ وأُخرى يحتاج في الإدراك إلى أخذ صغرى وكبرى والاستنتاج منهما، فيُطلق على الاستنتاج من الصغرى والكبرى حكمَ العقل، فإذا كانت الصغرى والكبرى عقليّتين، كانت نتيجتهما من المستقلات العقليّة.

وعلى هذا الأساس يصحّ ما ذكره المحقّق الخراسانيّ من أنّه إذا اعتبرنا الصحّة بمعنى سقوط الإعادة والقضاء، كانت الصحّة من المستقلات العقليّة.

فكون الصحّة انتزاعيّة مبنيّ على اعتبار الصحّة أمراً انتزاعيّاً ناشئاً عن مطابقة المأتيّ به للمأمور به ممّا يترتّب عليه سقوط الإعادة والقضاء ـ وهو الحقّ ـ لا أن يكون بمعنى سقوط الإعادة والقضاء.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo