< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

41/03/01

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الاجتهاد و التقليد/ مسائل في الاجتهاد و التقليد / أدلّة الحكيم الثاني (دام ظلّه)

 

أدلّة الحكيم الثاني (دام ظلّه) نعم ذكر المحقق الحكيم الثاني (دام ظلّه) وجوهاً أخرى مع الإجماع ادعى نهوضها لإثبات عدم الجواز ، قال (دام ظلّه) :" أمّا واجد الملكة فلا يشرّع في حقّه التقليد ؛ لقصور أدلّته عنه ، أمّا اللبّية منها ، كالإجماع فظاهر ؛ بل عن شيخنا الأعظم (قدّه) في رسالته الاجتهاد والتقليد دعوى الإجماع على عدم جواز التقليد له .وأمّا الأدلّة اللفظية ؛ فلا نصرفها عنه ؛ لظهورها في إمضاء سيرة العقلاء على رجوع الجاهل للعالم ، ولا عموم يقتضي مشروعية التقليد في غير موردها ، ومن الظاهر اختصاص السيرة بالجاهل الذي يتعذّر عليه معرفة الحكم ، ولا تشمل من تيّسر له ذلك لحصول مقدماته ".

ويرد عليه : أمّا انصراف الإجماع وقصوره في الشمول لواجد الملكة فمع تسليمه لا يوجب المنع ، غايته دخوله في ما أجمعت الطائفة على جواز تقليده ، وعدم دخوله أعمّ من حرمة تقليده ، فقد يثبت الجواز بدليلٍ آخر .

نعم لو كان معقد الإجماع على عدم جوازه لأمكن دعوى المنع ، ولكن قد عرفت ما فيه .وأمّا قصور الأدلّة اللفظية الدالّة على جواز التقليد عن الشمول له فقد ادعى الانصراف لظهورها في إمضاء السيرة ، والسيرة منعقدة على رجوع الجاهل الذي يتعذّر عليه تحصيل الأحكام ، وبالتالي ينحصر إطلاق الأدلّة اللفظية بما قامت عليه السيرة ، فلا إطلاق ليشمل واجد الملكة ، ومعه فلا مشروعية لتقليده .وفيه :

أولاً : لا ريب في إطلاق أدلّة مشروعية التقليد الشامل حتى لمن كان مستنبطاً بالفعل فضلاً عن واجد الملكة فحسب ، ولكنّه خرج بالدليل الخاص، وقد اعترف هو بوجود الإطلاق غاية الأمر ادعى تقييده بمؤدى السيرة ، وواضحٌ أنّ الإطلاق حجة ما لم يحرز المقيّد ، وهنا لا وضوح في نظر الأدلّة إلى السيرة ليتقيّد بمؤداها .

ثانياً : من أين دعوى ظهور الأدلّة بالنظر إلى السيرة لتتقيّد بمؤداها ، وهل يمكن أن نفهم من مثل قوله تعالى : ﴿فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾[1] أنّه ناظرٌ إلى إمضاء السيرة ؟!

ثالثاً : مع الشكّ في تقيّد الإطلاق بمؤدى السيرة فيرجع إلى حجية الإطلاق لا إلى السيرة كما لا يخفى .

رابعاً : من يقول بأنّ السيرة منعقدةٌ على المنع من رجوع واجد الملكة إلى من استنبط بالفعل ، بل التتبع في علاقاتهم يوجب الظّن الغالب بأنّ رجوع واجد الملكة إلى المستنبط بالفعل ليس بالعزيز .

وللإمام الخميني (قدّه) كلامٌ في سيرة العقلاء في رجوع جاهلهم إلى عالمهم ، حيث قال (قدّه) :" لا يجوز الرجوع إلى غيره في الفتوى مع قوة الاستنباط فعلاً وإمكانه له من غير فرق بين من له قوة مطلقة ، أو في بعض الأبواب أو الأحكام بالنسبة إليها ؛ لأنّ الدليل على جواز رجوع الجاهل إلى العالم هو بناء العقلاء – ولا دليل لفظي يتمسّك بإطلاقه – ولم يثبت بناؤهم في مثله ، فإنّ من له قوة الاستنباط وتتهيأ له أسبابه ، ويحتمل في كلّ مسألة أن تكون الأمارات والأصول الموجودة فيها مخالفة لرأي غيره بنظره ، ويكون غيره مخطئاً في اجتهاده وتكون له طرقٌ فعلية إلى إحراز تكليفه ، ولا يعذره العقلاء في رجوعه إليه".وبالجملة موضوع بناء العقلاء ظاهراً هو الجاهل الذي لا يتمّكن من تحصيل الطريق فعلاً إلى الواقع ، لا مثل هذا الشخص الذي تكون الطرق والآمارات إلى الواقع وإلى وظائفه موجودةٌ لديه ، ولم يكن الفاصل بينه وبين العلم بوظائفه وتكاليفه إلاّ النظر والرجوع إلى الكتب المعدّة لذلك ، فيجب عليه عقلاً الاجتهاد وبذل الوسع في تحصيل مطلوبات الشرع ، وما يحتاج إليه في إعمال نفسه .

وما قد يترأى من رجوع بعض أصحاب الصناعات أحياناً إلى بعض في تشخيص بعض الأمور إنّما هو من باب ترجيح بعض الأغراض على بعض كما لو كان له شغلٌ أهمّ من تشخيص ذلك الموضوع أو يكون من باب الاحتياط وتقوية نظره بنظره أو من باب رفع اليد عن بعض الأغراض ؛ لأجل عدم الاهتمام به ، وترجيح الاستراحة عليه وغير ذلك ، وقياس التكاليف الإلهية بها مع الفارق.[2]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo