< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

41/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الاجتهاد و التقليد/ مسائل في الاجتهاد و التقليد / كلام الإمام الخميني (قده) في سيرة العقلاء في رجوع جاهلهم إلى عالمهم.

 

وللإمام الخميني (قدّه) كلامٌ في سيرة العقلاء في رجوع جاهلهم إلى عالمهم ، حيث قال (قدّه) :" لا يجوز الرجوع إلى غيره في الفتوى مع قوة الاستنباط فعلاً وإمكانه له من غير فرق بين من له قوة مطلقة ، أو في بعض الأبواب أو الأحكام بالنسبة إليها ؛ لأنّ الدليل على جواز رجوع الجاهل إلى العالم هو بناء العقلاء – ولا دليل لفظي يتمسّك بإطلاقه – ولم يثبت بناؤهم في مثله ، فإنّ من له قوة الاستنباط وتتهيأ له أسبابه ، ويحتمل في كلّ مسألة أن تكون الأمارات والأصول الموجودة فيها مخالفة لرأي غيره بنظره ، ويكون غيره مخطئاً في اجتهاده وتكون له طرقٌ فعلية إلى إحراز تكليفه ، ولا يعذره العقلاء في رجوعه إليه".وبالجملة موضوع بناء العقلاء ظاهراً هو الجاهل الذي لا يتمّكن من تحصيل الطريق فعلاً إلى الواقع ، لا مثل هذا الشخص الذي تكون الطرق والآمارات إلى الواقع وإلى وظائفه موجودةٌ لديه ، ولم يكن الفاصل بينه وبين العلم بوظائفه وتكاليفه إلاّ النظر والرجوع إلى الكتب المعدّة لذلك ، فيجب عليه عقلاً الاجتهاد وبذل الوسع في تحصيل مطلوبات الشرع ، وما يحتاج إليه في إعمال نفسه .

وما قد يترأى من رجوع بعض أصحاب الصناعات أحياناً إلى بعض في تشخيص بعض الأمور إنّما هو من باب ترجيح بعض الأغراض على بعض كما لو كان له شغلٌ أهمّ من تشخيص ذلك الموضوع أو يكون من باب الاحتياط وتقوية نظره بنظره أو من باب رفع اليد عن بعض الأغراض ؛ لأجل عدم الاهتمام به ، وترجيح الاستراحة عليه وغير ذلك ، وقياس التكاليف الإلهية بها مع الفارق[1] .

ويرد عليه :

أولاً : أنّ مجرد احتمال مخالفة رأيه لرأي من يرجع إليه لا يستوجب العتاب من العقلاء عليه ، بل ما أكثر ما نراه من رجوعهم إلى الغير مع وجود مثل هذا الاحتمال ، نعم نستطيع القول بأنّه لو استنبط بالفعل وكان رأيه مخالفاً للغير ، فتركه العمل برأيه مع حصول اليقين به وعمله برأي غيره يستوجب العتاب والنكير عليه منهم ، ولكن أين هذا من ذاك .

ثانياً : ما ذكره من أنّه إذا توفرت له أسباب الاستنباط والنظر في الأدلّة ، فيجب عليه عقلاً الاجتهاد ، في غير محله ؛ لأنّ الكلام في دلالة سيرة العقلاء لا فيما يستقل به العقل ، وإلاّ فلم يذكر أحد بأنّ العقل يستقل بوجوب اجتهاده وحرمة تقليده ، بل كلّهم يدعون عدم الجواز لانصراف الأدلّة اللفظية ، أو عدم قيام السيرة على مثله في رجوع الجاهل إلى العالم .

ثالثاً : أنّ ما ذكره من مبررات لرجوع بعض أصحاب الصناعات لبعضٍ أكثره في غير محله ، ومع ذلك فإذا ثبت أنّهم يرجعون إلى بعضٍ في بعض الأحيان كفى ذلك في إنعكاسه على الشرعيات ؛ لأنّ إمضاء الإمام (ع) لسيرتهم على وجه الإطلاق دون التفصيل بين حالاتها مع التفاته إلى ذلك يعطى القبول لكلّ ما انعقدت عليه سيرتهم ، لأنّ ترك الاستفصال في موضع الحاجة إليه إغراءٌ بالجهل ، وهو قبيح عقلاً .

وعليه فلا نرى مانعٌ من تقليد صاحب الملكة غيره ، وإن كان مقتضى الاحتياط حذراً من مخالفة المشهور الاجتهاد بنفسه للعمل بفتواه .

وأمّا البحثان الآخران ، وهم تقديم التقليد على الاحتياط وتقديم الاجتهاد على الاحتياط فيأتيان في مباحث الاحتياط إنشاء الله تعالى .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo