< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

42/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الاجتهاد و التقليد/ بلوغ الأنثى/روايات بلوغ الأنثى

-إنّ روايات بلوغ الانثى على نمطين:

-النمط الأول: تحديد بلوغها بالتسع.

ولنبدأ ببحث كلّ ذلك بشكلٍ مفصّل:

-النمط الأول: تحديد البلوغ في الأنثى بسن التسع.

-الطائفة الأولى: تحديده به دون إضافة قيدٍ أو وصفٍ غير البلوغ تسعاً، مّما يظهر منه أنّ تمام الموضوع لبلوغها هو السنّ المذكور، ولهذه الطائفة روايتان:

-الرواية الأولى: ما رواه الصدوق في الخصال بسنده عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (ع)، قال: " حدّ بلوغ المرأة تسع سنين"[1] .

وسند الرواية كالتالي: الصدوق عن أبيه، عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (ع).

-والإشكال في السند من جهتين:

-الجهة الأولى: من جهة والد علي القمّي، وهو ابراهيم بن هاشم، حيث قالوا بأنّ ما ورد في حقّه من المديح لا يبلغ العدالة والتوثيق، قال النجاشي: " أصله كوفي انتقل إلى قم...وأصحابنا يقولون أول من نشر حديث الكوفيين في قم"، وقريبٌ منه قول الشيخ في الفهرست[2] .

وقال العلاّمة في خلاصته: "لم أقف لأحدٍ من أصحابنا على قولٍ في القدح فيه، ولا على تعديلٍ بالتنصيص، والروايات عنه كثيرة، والأرجح قبول روايته"[3] .

والسيد الخوئي (قده) نفى الشكّ في وثاقته، واستدلّ عليه بثلاثة أمور:

-الأول: أنّه روى عن ابنه علي في تفسيره كثيراً، وقد التزم في أول كتابه بأنّ ما يذكره فيه قد انتهى إليه بواسطة الثقات[4] .

ويرد عليه:

-أولاً: أنّ هذا خلافٌ مبنائي، ولا يمكن أن نحمّل هذا الكلام لمن لا يعتقد بوثاقة كلّ رواة الكتاب.

-ثانياً: لم يثبت لدينا أنّ كتاب علي بن ابراهيم هو نفسه الذي كتبه، لأنّ راويه إلينا رجلٌ مجهول الحال، إذ جاء في مقدمته قال أبو الفضل العباس بن قاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر (ع).

وقال في الذريعة: " إنّ هذا الشخص لم يذكر له شيء في الأصول الرجالية"[5] .

وما قيل من أنّ كونه من أولاد الإمام موسى (ع) واعتماد علي بن ابراهيم عليه حيث خصّه بكتابة كتابه، واعتماد العلماء عليه يدلّ على علو شأنه ووثاقته، كما ترى.

-الثاني: أنّ السيد ابن طاووس ادّعى الاتفاق على وثاقته، حيث قال عند ذكره رواية عن أمالي الصدوق في سندها ابراهيم بن هاشم: " ورواة الحديث ثقاتٌ بالاتفاق"[6] .

ويرد عليه:

-أولاً: أنّه إجماعٌ ينقله شخصٌ واحد، ولم يدّعيه غيره، بل هناك من حكم عليه بالجهالة.

-ثانياً: أنّ ابن طاووس من المتأخرين، ولا يُعمل بدعاوى إجماعهم.

-الثالث: أنّه أول من نشر حديث الكوفيين بقم، والقمّيّون قد اعتمدوا على رواياته وفيهم من هو متعصبٌ في أمر الحديث، فلو كان فيه شائبة الغمز لم يكن يُتسالم على أخذ الرواية عنه وقبول قوله.

ويرد عليه:

-أولاً: لعلّ سكوتهم عنه لاشتهار رواياته بينهم، ومعرفتها في كتبهم وتصانيفهم، لا لكونه ثقةٌ في الحديث، خصوصاً على ما هو معهودٌ عندهم من قبول الخبر الموثوق دون الحاجة إلى كون راويه ثقةٌ، ويكفي احتمال ذلك لردّ قوله.

-ثانياً: كأنّ الظاهر من سيرة القميين المنع من الرواية كثيراً عن المجاهيل واعتماد المراسيل؛ لا أنّ المشكلة من نفس الراوي، إذ كلّ من طعنوا عليه إنّما كان طعنهم على أسلوبه في الحديث، وطريقة نقله، ولذا لم ينقل أنّهم طردوا راوي لكونه غير ثقة في نفسه.

-ثالثاً: إنّ دعوى نشره لحديث الكوفيين في قم محل نظر، لما يظهر من عبارة الشيخين، فقد سمعت أنّهما قالا: " وأصحابنا يقولون إنّه أول من نشر حديث الكوفيين بقم"، وهذه العبارة تكشف عن أنّهما غير متثبتين من هذه الحكاية، ولذا نسباها إلى الأصحاب دون أن يسوقاها بشكلٍ جازم.

-وهناك وجوه أخرى ذكرت لتصحيح الرجل منها:

-الوجه الأول: التوثيق نصّاً في كلام ابنه علي في تفسيره، حيث قال في المقدمة: " ونحن ذاكرون ومخبرون بما انتهى إلينا ورواه مشايخنا و ثقاتنا..."، وحيث روى عن أبيه، بل قلّ ما رواه عن غيره فاللازم الحكم بوثاقته.

-وفيه:

أنّ نسبة الكتاب إلى علي محل تأمل، لو استسغناها فيه لما صحّ نسبة المقدمة التي تحتوي على العبارة السابقة فيه إليه؛ وذلك لأنّه بعد ذكر تلك المقدمة، قال: " وبالله نستعين وعليه نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل، قال أبو الحسن علي بن ابراهيم الهاشمي القمّي، فالقرآن منه ناسخٌ ومنه منسوخٌ".

وظاهره أنّ ما قبله من المقدمة التي تحتوي على عبارة التوثيق لم تكن من علي بن ابراهيم.

أضف إلى ذلك: أنّه في بداية تفسير البسملة من سورة الفاتحة، هكذا جاء: " حدثني أبو الفضل العباس بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر (ع)، قال: حدثني أبو الحسن علي بن ابراهيم، قال: حدثني أبي رحمه الله...".

وعلى هذا فالكتاب منقولٌ عن رجلٍ مجهول، يرويه عن أبو الفضل العباس المجهول أيضاً فأين الوثوق بصحّة نسبة الكتاب إلى علي؟!

-الوجه الثاني: إكثار علي بن ابراهيم القمّي الجليل الثقة من الرواية عنه، قال العلّامة المامقاني: " فإنّه أكثر من الرواية عن أبيه في تفسيره، بل قلّ ما روى عن غيره"[7] .

وهذا يكشف بطبيعة الحال عن وثاقته؛ إذ من المحتمل أن يكون حديثه مقبولٌ عنده، ولأجل ذلك أكثر من الرواية عنه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo