< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

42/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: موضوع: الاجتهاد و التقليد/ بلوغ الأنثى / روايات بلوغ الأنثى الطائفة الأولى (الرواية الأولى)

1- -إنّ روايات بلوغ الانثى على نمطين:

-النمط الأول: تحديد البلوغ في الأنثى بسن التسع.

-الطائفة الأولى: تحديده به دون إضافة قيدٍ أو وصفٍ غير البلوغ تسعاً، مّما يظهر منه أنّ تمام الموضوع لبلوغها هو السنّ المذكور، ولهذه الطائفة روايتان:

-الرواية الأولى: ما رواه الصدوق في الخصال بسنده عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (ع)، قال: " حدّ بلوغ المرأة تسع سنين"[1] .

وسند الرواية كالتالي: الصدوق عن أبيه، عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (ع).

1.0.0.1- -والإشكال في السند من جهتين:

-الجهة الثانية: أنّ الرواية مرسلة، حيث أرسلها ابن أبي عمير عن غير واحد، والقاعدة الأولية في المراسيل أنّها ليست حجّة إلاّ مع قيام دليلٍ خاص على مقبوليتها لبعض الوجوه المعتبرة.

1.1- -نعم هناك محاولتان لتصحيح مراسيله، واحدة في خصوص جميع مراسيله، والأخرى في خصوص روايتنا وما شابهها:

-المحاولة الأولى: وهي المحاولة الرامية إلى تصحيح جميع مراسيله، وحاصلها أنّ مجموع من يروي عنهم محمد بن أبي عمير حدود (400) راوي، والثابت الضّعاف منهم لا يزيدون عن خمسة أو ما يقرب منه، فيكون احتمال كون الوسط المحذوف من الخمسة عبارة عن (1/80) وهو احتمال لا يضرّ في حصول الاطمئنان الشخصي، إذ ليس العقلاء ملتزمون على العمل والاتباع إذا صار اطمئنانهم مائة بالمائة، وقد نسبت هذه المحاولة إلى الشهيد الصدر(ره) على ما ذكره الشيخ السبحاني([2] ).

-ويمكن الجواب عليها: بأنّ حجّية العمل بالأخبار راجعٌ إلى سيرة العقلاء على الاعتماد عليه، فلا بدّ من استقراء سيرتهم في عملهم، فهل العقلاء يتّكلون في قضاياهم الخطيرة والمصيرية على الاحتمال المذكور؟ الظاهر العدم؛ إذ فرقٌ كبير بين المطالب الصغيرة والمطالب الخطيرة، وإذا أمكن استكشاف قيام سيرتهم على العمل باحتمال (1/80) في القضايا اليسيرة والصغيرة، ولكن في المقام نراهم في قضاياهم المصيرية لا يتّكلون على مثل هذا الاحتمال، ويتحرزون فيها كما لا يخفى، ولا ريب في أنّ الأحكام الإلهية قضايا مصيرية وخطيرة، فلا يُعمل بمثل هذا الاحتمال في حقّها.

-المحاولة الثانية: وهي ترجع إلى خصوص هذه الرواية وما يشاكلها من حيث المضمون، وحاصلها على ما ذكره بعض أساتذتنا الكرام، فقال: وسندها تامٌّ؛ لما ثبت في محله أنّ ابن أبي عمير لا يروي ولا يرسل إلاّ عن ثقّة؛ بل يمكن إثبات صحّة السند حتى مع إنكار هذا المبنى، وذلك لخصوصية في مثل هذه الرواية، وهي أنّ ابن أبي عمير يروي عن غير واحد، ويبعد جدّاً بحساب الاحتمال أن لا يكون فيهم ثقّة بعد الالتفات أيضاً إلى أنّ الرواة الذين يروي عنهم ابن أبي عمير ثقاتٌ نُصّ على توثيقهم، بل إنّ نسبة غير الثقات إلى الثقات نسبةٌ ضئيلةٌ جدّاً، فافتراض أنّ كلّ الثلاثة أو الأكثر من ذلك من الضعفاء افتراضٌ بعيدٌ جدّاً، يحصل الاطمئنان على خلافه([3] ).

وبعبارةٍ أخرى:

أنّ التعبير ب(غير واحد) يراد به ما يزيد على الاثنين، أي ثلاثة فأكثر، وبعيد بحساب الاحتمالات أن يكون ابن أبي عمير قد روى الرواية عن ثلاثة في طبقةٍ واحدةٍ كلّهم ضعفاء، لاسيّما إذا علمنا أنّ أغلب مشايخه ثقات، وافتراض أنّ كلّ الثلاثة من الضعفاء افتراضٌ بعيدٌ يحصل الاطمئنان بخلافه.

1.1.1- -ويرد عليه:

أنّه على فرض كون الضعفاء الخمسة كلّهم من طبقةٍ واحدةٍ، فلماذا نستبعد روايته عن ثلاثة منهم فأكثر، ومجرد كون عدد الثقات أضعاف عدد المجرحون مع تبيان الثقات من حيث الطبقة لا يوجب حصول الاطمئنان الشخصي في كون الثلاثة بعضهم من الثقات.

أضف إلى ذلك: أنّ مصطلح (غير واحد) من أين لنا أنّ المقصود به ثلاثة فأكثر؛ إذ لا ظهور عرفي في ذلك، كما لا يمتنع استعماله في الاثنين؛ لأنّه لا ريب في صدقه الحرفي عليه؛ لأنّ الاثنين واقعاً يصدق عليه غير واحد، ولا أقل من التردد والإجمال، وهو يحمل على القدر المتيقن، وهو لا يتجاوز الاثنين كما هو واضح.

وبعد ذلك لا ريب في عدم بُعد رواية ابن أبي عمير عن اثنين ليسا بثقتين، نعم يمكننا اقتراح محاولة أخرى، ولعلّها أهمّ وأفضل المحاولات في قبول مراسيله، وحاصلها:

أنّنا لو تتبعنا روايات ابن أبي عمير عن الثقات لوجدناها كثيرةٌ جدّاً، ولنأخذ نموذجاً من ذلك:

فقد روى عن:

    1. أبي أيوب (58) رواية.

    2. ابن أذينة (153) رواية.

    3. حمّاد بن عيسى (960) رواية.

    4. عبد الرحمن بن الحجاج (135) رواية.

    5. معاوية بن عمار (48) رواية.

بينما روى عن الضعفاء بمعدل أقل بكثير، فقد روى عن:

    1. عبد الله بن سنان رواية واحدة.

    2. الحسين بن أحمد المنقري رواية واحدة.

    3. علي بن أبي حمزة البطائني (13) رواية.

    4. علي بن حديد رواية واحدة.

    5. يونس بن ظبيان رواية واحدة.

وبعد هذا عندما تأتي الواسطة المجهولة في روايات ابن أبي عمير فاحتمال أن يكون أحد هؤلاء الضعفاء يعادل (17) من (1306) حاصل مجموع رواياته عن الثقات، وهذا المقدار عادةً لا يعتنى به عقلائياً، فتكون جميع مراسيله قائمةٌ على الاطمئنان بأنّها عن الثقات.

وبناءً على هذا فتصبح مراسيل ابن عمير حجّة، وهذه الرواية من حيث السند يمكن أن نقبل بها.

إذا لم تقبل الرواية بمحاولتنا على الأقل المحاولات الثلاث تنفع في حصول الاطمئنان الشخصي.

-أمّا من حيث الدلالة فواضحةٌ؛ فإنّه عليه السلام يعتبر بلوغ المرآة هو تسع سنين، ولا خفاء فيها.

فهذه الرواية تامّة دلالةً وسنداً على رأي المشهور.

 


[2] - الموجز في علمي الدراية والرجال، 131.
[3] - مقالة بعنوان (سنّ البلوغ عند المرآة) للشيخ هادي آل راضي، مجلة فقه أهل البيت (ع)، العدد:3/81.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo