< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

42/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الاجتهاد و التقليد/ بلوغ الأنثى/ روايات بلوغ الأنثى النمط الأول الطائفة الثانية (الرواية الرابعة)

-إنّ روايات بلوغ الانثى على نمطين:

 

-النمط الأول: تحديد البلوغ في الأنثى بسن التسع.

 

-الطائفة الثانية: الروايات التي ترتب بعض خصائص البلوغ على سنّ التاسعة، وفي هذه الطائفة عدّة أخبار:

 

-الرواية الرابعة: ما رواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزّاز، عن يزيد الكنّاسي قال: "قلت لأبي جعفر عليه السلام: متى يجوز للأب أن يزوّج ابنته ولا يستأمرها؟ قال: إذا جازت تسع سنين، فإن زوّجها قبل بلوغ التسع سنين، كان الخيار لها إذا بلغت تسع سنين، قلت: فإن زوّجها أبوها ولم تبلغ تسع سنين، فبلغها ذلك، فسكتت ولم تأب ذلك أيجوز عليها؟ قال: ليس يجوز عليها رضى في نفسها، ولا يجوز لها تأبٍّ ولا سخط في نفسها حتى تستكمل تسع سنين، وإذا بلغت تسع سنين جاز لها القول في نفسها بالرضا والتأبّي، وجاز عليها بعد ذلك، وإن لم تكن أدركت مدرك النساء، قلت: أفيقام عليها الحدود وتؤخذ بها، وهي في تلك الحال، وإنّما لها تسع سنين ولم تدرك مدرك النساء في الحيض؟ قال: نعم إذا دخلت على زوجها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم، ودفع إليها مالها، وأقيمت الحدود التامّة عليها ولها..."[1] .

-من حيث السند:وإسناد الشيخ إلى أحمد بن عيسى صحيح، وله إليه عدّة طرق كلّها صحيحة، كما أنّ للصدوق (ره) إليه طريقٌ صحيح.

وأمّا (أحمد بن عيسى) فالصحيح هو أحمد بن محمد بن عيسى، وقد وقع التحريف بذكر (أحمد بن عيسى) بدلاً عنه في أكثر من خمسة موارد في التهذيب، ولكن الصحيح ما ذكرناه، ويمكن مراجعة المعجم في هذا الصدد[2] .

وأحمد بن محمد بن عيسى، شيخ القمّيين في وقته وهو ثقةٌ بلا ريب.والحسن بن محبوب، ثقةٌ بلا ريب.وأبي أيوب الخزّاز، ثقةٌ بلا ريب.

والسند صحيحٌ إلى يزيد الكنّاسي، وأمّا هو لم يرد بعنوانه توثيقٌ، فقد ذكره الشيخ (ره) في أصحاب الباقر والصادق(ع)، قائلاً: " يزيد، يكنى أبا خالد الكنّاسي".

واستقرب بعضهم أن يكون المراد به يزيد أبا خالد القمّاط، بل لم يستبعده المحقق الخوئي (قده)، ووجّهه بأنّ النجاشي ذكر أنّ يزيد أبا خالد القمّاط له كتابٌ، ومع ذلك فلم يذكر الشيخ (ره) في رجاله إلاّ يزيد أبا خالد الكنّاسي، فلو لم يكن الكنّاسي متّحداً مع القمّاط لم يكن لترك ذكره وجه.

قال: ويؤيد الاتحاد أيضاً: أنّ يزيد أبا خالد القمّاط كوفي على ما صرّح به النجاشي، والكنّاسة محلة من محلات الكوفة، فيزيد أبو خالد قمّاطٌ كوفيٌ كنّاسي.

ثمّ قال: ولكن ذكر البرقي أبا خالد الكنّاسي ويزيد أبا خالد القمّاط كلّاً من العنوانين في أصحاب الصادق(ع) يشعر بالتعدد، والله العالم[3] .

ولا ريب في أنّ ما ذكره مجرد احتمال لا يرتقي إلى الظّنّ باتحادهما فضلاً عن اليقين به، فإنّ مجرد عدم ذكر الشيخ (ره) له في المصنفين، مع أنّ له كتاب لا يستلزم اتحاده معه، وكم ترك الشيخ (ره) من المصنفين لم يترجم لهم في كتابه، كما أنّ الكنّاسة محلة من الكوفة، والقمّاط كوفي لا يستوجب الاتحاد؛ ولذا ساقه كمؤيد، وفوق كلّ ذلك تكرار ذكره عند البرقي وفي أصحاب الصادق (ع) تأكيدٌ واضحٌ على التعدد، وبالتالي فيزيد الكنّاسي مجهول الحال، وقد أشبعنا الكلام في ذلك عند التعرض لحاله سابقاً.

-وعليه فالرواية ضعيفة سنداً.

 

-وأمّا من حيث الدلالة:

فالفقرة المهمّة فيها هي، قوله (ع): " وإذا بلغت تسع سنين جاز لها القول في نفسها بالرضا والتأبّي، وجاز عليها بعد ذلك، وإن لم تكن أدركت مدرك النساء، قلت: أفيقام عليها الحدود وتؤخذ بها، وهي في تلك الحال، وإنّما لها تسع سنين ولم تدرك مدرك النساء في الحيض؟ قال: نعم إذا دخلت على زوجها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم، ودفع إليها مالها، وأقيمت الحدود التامّة عليها ولها..."[4] .

فإنّ الظاهر منها جدّاً أنّ العمدة في ترتّب ما رتّبه الإمام (ع) من أحكام هو بلوغها تسع سنين، وفي الرواية تصريحٌ واضحٌ على عدم اعتبار مقارنة التسع للحيض، فإنّ قوله: " وإن لم تكن أدركت مدرك النساء"، لا ريب في أنّ المراد به الحيض، وقد ورد ذكرها في الرواية مرتين، مرّة بلسان الإمام (ع)، ومرّة أخرى بلسان الراوي، وفي كلا الحالتين نلاحظ الإصرار على أنّ موضوع ذهاب يتمها، ودفع المال إليها ونحوهما، هو أن يكون لها تسع سنين فقط دون دخالة أي شيءٍ آخر.

لا يقال: أنّه (عليه السلام) مزج بين اعتبار التسع ودخولها على زوجها، وهذا يعني أنّ لنضوجها الجنسي مدخلية خاصّة في ترتب تلك الأحكام بعيداً عن السنّ.قلت: إنّ هناك تلازم فقهي بين البلوغ تسع ودخولها على زوجها، وهذا يقرّب كون العطف بينهما في الرواية عطفاً تفسيرياً توضيحياً لا غير.

-وكيف كان، فلا مجال لإنكار ظهور الرواية في مبنى المشهور من أنّ بلوغها ببلوغ التسع فقط دون دخالة شيءٍ آخر فيه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo