< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

42/06/24

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الاجتهاد و التقليد/ بلوغ الأنثى/ روايات بلوغ الأنثى النمط الأول الطائفة الخامسة (الرواية الخامسة وحاصل الناتج من روايات النمط الأول)

-إنّ روايات بلوغ الانثى على نمطين:

-النمط الأول: تحديد البلوغ في الأنثى بسن التسع.

-الطائفة الخامسة: وهي الطائفة الأخيرة التي ذكروها في النمط الأول، وصلنا إلى الرواية الخامسة:

وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن إبراهيم بن محمد الأشعري، عن إبراهيم بن محرز الخثعمي، عن محمد بن مسلم، قال: "سألته عن الجارية يتمتع منها الرجل؟ قال: نعم، إلا أن تكون صبية تخدع، قال: قلت: أصلحك الله، وكم الحد

الذي إذا بلغته لم تخدع؟ قال: بنت عشر سنين"[1] .

بحملها على الدخول في العاشرة.-وتقريب الاستدلال:أنّ الإمام (ع) اعتبر عدم الخديعة ببلوغها عشراً، وجعله في مقابل الصبية، وبحكم هذه المقابلة يُعلم أنّ بنت العشر ليست صبية، فلا تكون إلاّ كبيرة، وهو معنى البلوغ؛ إذ لا معنى لكونها كبيرة إلاّ بلوغها، أي إنّ الإمام (ع) نفى أن يكون تمتّع الرجل بالأنثى بعد بلوغها العشر خداع، والخداع كما عرفت هو إظهار خيرٍ مع إبطان سوء، فخداع الأنثى، يعني أنّ الرجل يظهر لها محاسن العقد، وبحقيقته هو سيء، والإمام (ع) يقول بعد العشر لا يصدق على عقدها خديعة، أي نفهم أنّها ببلوغها العشر تصبح ناضجة وواعية وبالغة.-ولكن في هذه الرواية من حيث الدلالة إشكالين:

-الإشكال الأول: وهو نفس الإشكال على الرواية السابقة، واقعاً لم نفهم للخداع معنى، خصوصاً أنّ العقد هنا عقد متعة، وهو يحتمل الخديعة أكثر من العقد الدائم. وبنت عشر سنين لا تخدع بعقدٍ مؤقت!!!

-الإشكال الثاني: أنّ حمل قوله (ع) (بنت عشر سنين) على الدخول بها بعد إكمال التسع محل كلام، إذ عادةً لا يقال لها بنت عشر إلاّ إذا أكملتها، أو لم يبق إلاّ القليل لإكمالها، وإلاّ فإذا كان لها يومٌ واحدٌ في العاشرة، لا يقال لها بنت عشر سنين، فلا تصلح دليلاً للقائلين بالبلوغ بالتسع.

-أضف إلى ذلك: ضعف الرواية بجهالة بعض رواتها، كإبراهيم بن محرز الخثعمي، وهو مجهول بحكم الضعيف، و الذي يرويها عن محمد بن مسلم.

-وهكذا لم تسلم كلّ روايات هذه الطائفة من الخدشة؛ إمّا في سندها أو في دلالتها أو في الاثنين معاً.

وبعد عرض هذا النمط بطوائفه الخمسة، التي تصلح لفتوى المشهور، لا بدّ أن نرى الناتج منها قبل الدخول في النمط الثاني.-وحاصل الناتج من روايات النمط الأول:

1- أمّا الطائفة الأولى، وهي التي حدّدت البلوغ بالتسع دون قيدٍ أو شرط، فقد ثبتت مرسلة ابن أبي عمير، وهي تامّة سنداً و دلالةً، (حدّ بلوغ المرآة تسع سنين).

2- أمّا الطائفة الثانية، وهي ترتيب بعض خصائص البلوغ على التسع، فقد ثبتت مرسلة ابن أبي عمير (ابنة تسع لا تستصبى، وإلاّ إذا بلغت تسعاً فقد بلغت)، وهي تامّة سنداً و دلالة؛ حيث قلنا أنّ سقوط فقرة من الرواية عن الحجّة لا يستلزم سقوط كلّ الرواية.

3- أمّا الطائفة الثالثة، وهي التي حدّدت جواز الدخول بالأنثى بالتسع، وعدم جوازه قبل التسع، فلم تثبت إلاّ رواية الحلبي، ( إذا تروّج الرجل بالجارية، وهي صغيرة، فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين). وقد ثبتت بالمقابلة، حيث هناك تلازم بالإجماع بين البلوغ وجواز الدخول.

و أمّا الطائفة الرابعة، وهي التي حدّدت الضمان بالدخول، فقلنا لا ربط لها بالباب؛ لعدم الملازمة بين الضمان وعدمه بالبلوغ.وأمّا الطائفة الخامسة، وهي المتفرقات، فقلنا لم يسلم منها أي رواية.استعرضنا أكثر من ثلاثين رواية، ودرسنا معظمها سنداً ودلالةً، ومن كلّ هذه الروايات لم ينجح لفتوى المشهور إلاّ هذه الروايات الثلاث. فتكون روايات مستفيضة؛ فلو لم يكن إلاّ هذه الروايات الثلاث، لأمكن الإفتاء بمضمونها في تحقق البلوغ بالتسع، ويكون ما ذهب إليه المشهور صحيح.

-فنحن مع التشدّد السندي قلنا بنجاة ثلاث روايات، نقطع بحجيتها السندية، ونقطع بحجية ظهور دلالتها، إذن لأفتينا بتحقق بلوغ الأنثى، بحيث يجري عليها القلم، بالتسع.

وبعد هذا ننتقل إلى النمط الثاني، وهو تحديد بلوغ الأنثى بالحيض، وهي مجموعة روايات:

1- -النمط الثاني: تحديد بلوغ الأنثى بالحيض:

-الرواية الأولى: ما رواه محمّد بن يعقوب الكليني، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن شهاب، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال: "سألته عن ابن عشر سنين، يحجّ ؟ قال: عليه حجّة الإِسلام إذا احتلم، وكذلك الجارية عليها الحجّ إذا طمثت"[2] .

قال بعض الفضلاء: "والرواية واضحة الدلالة على دوران البلوغ مدار النضج الجنسي، سواء الذكر أو الأنثى"([3] ).

وبالتدقيق أكثر يتّضح أنّ الإمام (ع)، قال: (عليها الحجّ إذا طمثت)، وهي ظاهرة في أنّ إلزامها بالحجّ، إنّما يتحقق بطمثها، ولم تذكر الرواية للسنّ أي أثر، فيكون الوجوب مدار تحقق الطمث، ولا ريب في ظهوره بالفعلية؛ إذ لا يطلق على الشأنية إلاّ بقرينة؛ لأنّ حمل الطمث عليه حمل اللفظ على المجاز. أي أنّ الإمام (ع) قال: (عليها الحجّ)، أي يستعلي عليها الحجّ، أي أنّه فرضٌ واجبٌ، ولم يقل لها الحجّ الذي يفيد صحّة الحجّ منها واجب أو مستحب. و الإمام (ع) يعلّق وجوب الحجّ عليها (إذا طمثت). و مقتضى المفهوم أنّها إذا لم تطمث لا يجب عليها الحجّ؛ ومفهوم الشرط ثابتٌ بلا ريب.

ثمّ لا يقال أنّ هذا علّةٌ مختصّةٌ بالحجّ، ولا يتوهم اختصاص حكم الحجّ به، بل يعتبر الطمث في سائر الأحكام والتكاليف؛ لأسبابٍ:

-أولاً: لا قائل بالفصل بالتكاليف في مسألة بلوغها إلاّ الفيض الكاشاني (ره)، حيث يفصّل البلوغ على فتراتٍ على حسب نوع التكليف، وأمّا غيره من علماء الطائفة فلا قائل بالتفصيل، و قول الفيض (ره) لا يضرّ بعد انعقاد الإجماع قبله وبعده على ذلك.

-ثانياً: أنّه سيأتي من ذكر الروايات المتعدّدة عن تحقق ثبوت بعض التكاليف بطمثها (فمرّة تذكر الحجّ ومرّة تذكر الخمار وثالثة الصيام، ...).

-وهنا ترد قاعدة إلغاء الخصوصية؟ فما هي هذه القاعدة؟لو كان عندنا مجموعة من الروايات التي تحدّد نوعاً من التكاليف بالبلوغ بالطمث:

-مثلاً: لدينا رواية تحدّد وقت وجوب الصلاة، ورواية أخرى تحدّد وقت وجوب الخمار و ...نقول طالما تكرر الشرط مع عدّة روايات، نقوم حينئذٍ بإلغاء الخصوصية.

-مثالٌ آخر: وقع كلامٌ في القواعد الفقهية، حول ثبوت خبر الثّقة في الموضوعات الخارجية، هل هو طريقٌ مثبتٌ للحكم الشرعي؟ أي طريقية خبر الواحد لإثبات الحكم الشرعي؛ لأنّ الأصول دورها إقامة الحجّة على الحكم.

ومرّة، لا، فوظيفة الخبر إثبات الموضوع الخارجي (أخبرني ثقة أنّه دخل وقت الصلاة)، فيصبح خبر الثّقة طريق الطريق للموضو

-مثال آخر: جائني خبر ثقة يقول: هذه المرآة ملية وليست خلية، هل يجوز العقد عليها؟ وهكذا...

بدأ أحد أساتذتنا العظام ببحث حول توظيف خبر الثّقة في توظيف الموضوع الخارجي، وبقي في هذا البحث ستة أشهر؛ لأنّ الأصل عدم ثبوت الموضوع بخبر الثّقة، ولا يوجد دليلٌ يدلّ على الموضوعات الخارجية.

-إذن سيرة العقلاء قائمة على إلغاء الخصوصية.

 


[3] - البلوغ، السيد محمد حسين فضل الله، كتب التقريرات - السيد جعفر فضل الله، اسم الناشر: دار الملاك للطباعة والنشر، مكان النشر: لبنان - حارة حريك، الطبعة: الأولى، ص155.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo