< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

40/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: التعارض/تعريف التعارض /مناقشة اعتبار التنافي في المدلول أو الدليل

 

وأمام ما تقدم فنحن أمام أمور ثلاثة لا بدّ من بحثها لنصل إلى النتيجة النهائية في تعريف التعارض ، وهي :

أولاً : أنّه هل بالفعل يوجد تنافي بين مدلول الدليلين في موارد الحكومة و الورود و التخصيص أو لا يوجد؟

ويترتب على ذلك ، أنّه مع وجود التنافي بينهما فلا بدّ وأن تختار تعريف المحقق الخراساني (قده) من حمل التنافي على الدليلين لا على المدلولين ، فيخرج بذلك موارد الجمع العرفي والتوفيق الدلالتي .

وأمّا مع عدم وجود التنافي في مواردها كما يدعيه المحقق الخوئي (قده) فلا خير في حمل التنافي على المدلولين في تعريف التعارض ، وبالتالي يكون المرجّح تعريف المشهور .

ثانياً : ظاهر الأعلام – خصوصاً المحقق الخراساني والمحقق الخوئي (قده)- الاتفاق على لزوم إخراج موارد الجمع العرفي ( الحكومة و الورود و التخصيص ) عن تعريف التعارض فهل بالفعل لا بدّ من إخراجها؟

ثالثاً : في حال اتفق على لزوم إخراج هذه الموارد عن حياض التعريف ، و خروجهما عن حقيقة التعارض ، فأين يجب أن نبحث موارد الجمع العرفي ، وما هو المبحث المعدّ والمناسب لها ، أو أنّها خارجة عن مباحث علم الأصول بالكلية ؟

ولنبدأ ببحث ذلك تباعاً:

أمّا الأمر الأول : ذهب المحقق الصدر (قده) إلى بقاء التنافي في موارد الجمع العرفي ، سواء فسّرنا الدلالة بالظهور والإبانة أو فسّرناها بالحجية.

بيان ذلك :

أن الدليل المنفصل لا يرفع الظهور أصلاً ، فيبقى الظهور على حاله ، وبالتالي يصطدم ظهور الدليل الأول بظهور الدليل الثاني ، مثاله : بالنسبة إلى العام و الخاص المنفصل، إذ لا ريب في أنّ العام قبل مجيء الخاص المنفصل ظاهر بالعموم ، وينعقد ظهوره فيه ، وبالتالي عند مجيء الخاص المنفصل الظاهر أو النصّ في إخراج حصّة خاصة من عموم العام فسيقع التنافي بين الظهورين على مستوى الدلالة .

ويرد عليه : أنّ الظهور في كلّ خطاب له مراحل ثلاث :

المرحلة الأولى : الظهور الوضعي والدلالة التصورية ، وهذا الظهور ينشأ بسبب الوضع ، فإنّ وضع (كلّ) مثلاً للاستيعاب والشمول يوجب حضور صورته في الذهن .

المرحلة الثانية : الظهور التصديقي الأول ، وهو ما يطلق عليه الظهور الاستعمالي أو المراد الاستعمالي ، وهو بمعنى قصد المتكلم استعمال اللفظ في المعنى الوضعي ، وأنّ المتكلم قاصد لاحضار صورة اللفظ في ذهن السامع .

المرحلة الثالة : الظهور التصديقي الثاني ، وهو ما يطلق عليه الظهور الجدي ، أو المراد الجدّي ، وهو بمعنى قصد المتكلم الحكاية والإجراء ، وترتيب الأثر المطلوب على مراده .

إذا عرفت هذا : فلا ريب في التطابق بين هذه الدلالات الثلاثة مع عدم وجود القرينة الصارفة للظهور إلى معنى آخر ، وأمّا مع القرينة فهي لا تخرج عن كونها قرينة متصلة أو قرينة منفصلة ، ولا ريب أيضاً في أنّه في القرينة المتصلة يبقى اللفظ محافظاً على الظهور الوضعي إلاّ إنّه ينعدم بعا الظهوران التصديقيان الاستعمالي والجدّي ، وأمّا مع القرينة المنفصلة فينعدم خصوص الظهور الجدّي دون الوضعي أو الاستعمالي ، وهنا نقول للمحقق الصجر (قده) ماذا تقصدون من عدم انعدام الظهور في العام مع ورود المخصص المنفصل ؟ إن كان مرادكم الظهور الاستعمالي فهذا صحيح ولكنه لا يؤثر شيئاً مع عدم تحقق الظهور الجدّي ؛ لأنّ القيمة في عالم الدلالة للظهور الجدي ، لا لمجرد ثبوت قصد المتكلم استعمال اللفظ في المعنى الموضوع ؛ إذ الجمع الدلالي يرتبط بالمراد الجدّي لا بالمراد الاستعمالي ، وإن كان مقصودكم من عدم انعدام الظهور في المراد الجدّي بسبب عروض الخاص المنفصل ، فيرده أنّه قد ثبت في علم الأصول خلافه ، وأنّ القرينة المنفصلة تعدم ظهور الكلام فيه ، فلا يبقى له ظهور في العام حتى يتنافى مع ظهور القرينة في الخاص .

وهذا الكلام كما يجري في العام والخاص يجري في كلّ مدلولين متقابلين ، وبالتالي فما ذكره السيد الخوئي (قده) من عدم التنافي لو كان المراد عالم الدلالة ، وفسرناه بالظهور صحيح .

هذا كلّه لو كان المراد من الدلالة الظهور ، وأمّا لو كام المراد منها الحجية فيأتي في الدرس القادم.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo