< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

40/07/20

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: التعارض/ أسباب نشوء التعارض / الأسباب التي أضافها العامّة لنشوء التعارض

 

الأسباب التي أضافها العامّة لنشوء التعارض : ذكر الجمهور أكثر الأسباب التي تعرضنا لها ، واعتبروها أسباباً لنشوء التعارض بين الأدلّة ، إلاّ أنّهم أضافوا عليها أسباباً أخرى لا بأس بالنظر فيها ، وهي :

أولاً : ورود القراءات المختلفة للقرآن الكريم :

بحيث تدلّ كلّ قراءة على حكمٍ مخالف للقراءة الأخرى بحيث يفهم منه التعارض وهو ليس كذلك ولكن بشرط تواتر القراءة .

ويمثلون لذلك بقوله تعالى : ﴿وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [1]

فقد قرآها جماعة كنافع وابن عامر وحفص بسكون الطّاء وضمّ الهاء ، وهو بمعنى انقطاع الدّمّ .وقرأها حمزة والكسائي وعاصم على رواية شعبة بتشديد الطّاء والهاء وفتحهما ،فيمون المعنى الغسل .فإذا لم يرد ما يوجب ترجيح إحدى القراءتين على الأخرى فيقع التعارض بينهما ونحتاج للتخلص منه إلى علاج .ولكن يرد على ذلك: أنّنا عرفنا أنّ التعارض يقتضي وجود دليلين متكاذبين في الدلالة على الحكم ، بحيث يعطي أحد الدليلين حكماً مخالفاً للحكم الذي يقتضيه الأخر ، وهنا التنافي ليس بين دليلين ، بل الدليل واحد وهو الآية ، وإنّما وقع التنافي في فهم المقصود من مورد الحكم وموضوعه ، و أنّ الحكم بحرمة الوطئ هل موضوعه انقطاع الدّمّ أو الإغتسال من حدث الحيض ؛ و لهذا فيدخل في إجمال الخطاب ، ولا يدخل في باب التعارض ، ومن هنا يجب علينا أن نميّز بين التعارض و إجمال الخطاب ، إذ الإجمال يقع في الدليل الواحد ، ونحتاج في رفعه إلى القرينة المحددّة للمقصود ، بينما التعارض هو التكاذب والتنافي في دلالة كلّ من الدليلين على الحكم بحيث يفهم من أحدهما حكماً منافياً للحكم الذي يفهم من الدليل الأخر .ثانياً : الاشتراك في اللفظ :

وهو ما إذا استعمل القرآن الكريم أو السنّة ألفاظاً مشتركة ، فيكون ذلك سبباً من أسباب التعارض بين بعض الأحكام ، ومثاله :

عدّة الحائض المطلقة ، فقد ذكر القرآن الكريم أنّ عدّة الحائض ثلاثة قروء ، قال تعالى : ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ) [2]

فقد استعمل ( القرء ) وهي في اللغة العربية بمعنى الطّهر ، وبمعنى الحيض على حدٍّ سواء ، ولكنّ الفقهاء اختلفوا في المراد من هذه الآية على قولين:

الأول : مذهب عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت ومالك و الشافعي و أحمد في أحد قوليه أنّ المراد بالأقراء الأطهار .

الثاني : مذهب أبو بكر و عمر و علي و عثمان و أبو حنيفة إلى أنّ القرء هو الحيض .

ولأجل هذا نشأ التعارض بينهما .

ويرده :

أنّ هذا كسابقه ليس من باب التعارض المصطلح ، أعني بمعنى التنافي بين الدليلين من حيث الدلالة على الحكم ، إذ لا يوجد هاهنا دليلين على حكمين ، وإنّما حكمٌ واحدٌ أفاده دليلٌ واحدٌ وهو الآية الكريمة ، وإنّما الإشكال في أنّ المشترك لا بدّ له من القرينة المعيّنة وإلاّ لزم الإجمال ، وبالتالي فالمسألة راجعة إلى إجمال الخطاب .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo