< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

القواعد الفقهية

42/07/09

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: القواعد الفقهية/ مقدمات عامّة في القواعد الفقهية/ المقدمة الثالثة: ما هي مصادر القواعد الفقهية؟

1- -هناك مجموعة من المقدمات التي يجب البحث فيها قبل الشروع في البحث عن القواعد الفقهية، وهي:

المقدمة الأولى: ما المقصود من القاعدة؟

المقدمة الثانية: ما الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية؟

المقدمة الثالثة: ما هي مصادر القواعد الفقهية؟

المقدمة الرابعة: في تقسيم القواعد الفقهية وترتيبها بشكلٍ منطقي وهندسي بحيث تتناسب مع البحث في الأبواب الفقهية دون تداخل بينها.

لازال الكلام في مجموعة من المقدمات التي يجب البحث فيها قبل الشروع في البحث عن القواعد الفقهية، وصلنا إلى:

2- -المقدمة الثالثة: مصادر القواعد الفقهية؟

لم تكن القواعد الفقهية بهذا التراكم الموجود في يومنا هذا، الذي بلغت فيه أعدادها ماشاء الله، فما هو الرحم الذي من خلاله تتوالد هذه القواعد؟

3- -مناشئ القواعد الفقهية:

الظاهر أنّ مصادر القواعد الفقهية لا تختلف كثيراً عن مصادر المسائل الفقهية، حيث يمكننا في مقام الجواب عن هذا السؤال أن نرجع مناشئها و مصادرها إلى سبعة مناشئ، و إليك منشأها على وجه التنظير:

-الأول: القرآن الكريم: هناك جملةٌ من القواعد الفقهية منشؤها القرآن الكريم، بحيث لولا تلك الآيات لم تنعقد قاعدةٌ على مستوى كلّية الأحكام، كقاعدة (لا حرج) المستفادة من قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[1] ، و كقاعدة (الإحسان) المستفادة من قوله تعالى: ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾[2] ، و كقاعدة (نفي السبيل) المستفادة من قوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾[3] .

-الثاني: الروايات: ما يستفاد من الأخبار سواء من نصوصها أو ظواهرها، و ما أكثر القواعد الفقهية التي منشأها الروايات، كقاعدة (لا ضرر) المستفادة من قوله (ص): "لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَارَ" [4] في الإسلام، و كقاعدة القرعة المستفادة من قوله (ص): " القرعة لكلّ أمرٍ مشكل"([5] )([6] )، و هكذا قاعدة الصحّة المستفادة من قوله (ص): "ضَعْ‌ أَمْرَ أَخِيكَ‌ عَلَى أَحْسَنِهِ"[7] .

لكن منشأية الأخبار للقواعد الفقهية لها مصدران:

-المصدر الأول: المصدرية نصّية مثل قاعدة ("لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَارَ" [8] ، حيث يبني قاعدة حاكمة على كلّ الأحكام الإسلامية، تنصّ الروايات على كونها قاعدة فوقانية حاكمة.

-المصدر الثاني: لا يوجد نصوص (الأخبار التجميعية)، حيث ترد رواية هنا و رواية هنا في بعض الموارد و الموضوعات، فيها جهة مشتركة، نحن نقوم بإلغاء الخصوصية (حجّية الخبر في الموضوعات الخارجية)، حيث أنّ حجّية الخبر لها دراستان:

-الدراسة الأولى: على مستوى الشبهات الحكمية، تدرس في علم الأصول، وقد ثبت عند المتأخرين حجّيته، فلم يذهب أحد إلى انسداد باب العلمي (الظّنّ الخاصّ).

-الدراسة الثانية: يدرس إثبات الموضوعات الخارجية (ثبوت الهلال- ثبوت عدالة زيد- ثبوت اجتهاد فلان- ثبوت صدور الطلاق من فلان- ...).

نشأت هذه القواعد من التجميع الروائي، و إلاّ لا يوجد عندنا نصّ على أنّ خبر الثّقة حجّة على الموضوعات الخارجية، فالقواعد الفقهية التي مصدرها التجميع الروائي، تعتمد على إلغاء خصوصية المورد.

-الثالث: القواعد المستفادة من إجماع الفقهاء: بحيث لولا الإجماع لما كان لها دليل أصلاً، و هي كلّ قاعدة لم تسلم رواياتها عن النقد السندي أو الدلالي، و مع اتفاقهم على العمل بها، كقاعدة بطلان كلّ عقدٍ يتعذر الوفاء بمدلوله، فإنّ دليله الوحيد هو الإجماع، و كقاعدة حرمة إهانة المحترمات في الدين.

-الرابع: القواعد المستفادة من الدليل العقلي: استقرأتُ ما كتبه فقهائنا في القواعد الفقهية، بحيث يكون قوامها العقل، ولا تثبت إلاّ بالعقل، ما وجدتُ قاعدة مستنبطة في العقل، نعم وجت عند الشهيد الأول في (القواعد و الفوائد) بعض القواعد التي مصدرها العقل فقط، ولكن تسميتها قاعدة فقهية محلُ تأملٍ، بل هي قواعد لمختلف العلوم، لا للفقه فقط (قواعد عامّة).

فإذا قبلنا ذلك، فهذين مثالین: قاعدة (قبح ترجيح المرجوح على الراجح) يعتبرها الشهيد قاعدة في الاستنباط الفقهي، أو قاعدة (لا تجتمع علّتان مستقلتان على معلولٍ واحد)([9] ).

-الخامس: أنّ بعض القواعد الفقهية مستفادة من القواعد الأصولية و البحث فيها: ولا دليل لها من القرآن أو الروايات أو الإجماع أو العقل، وتتّكون في رحم القواعد الأصولية، كقاعدة (مشروعية عبادات الصبي) المستفادة من البحث الأصولي المعنون بعنوان: "أنّ الأمر بالأمر بالشيء، هل هو أمرٌ بذلك الشيء أم لا؟"، فإذا قلنا أنّ الأمر بالأمر بالشيء أمرٌ بالشيء (فهي شرعية)، و إذا قلنا أنّ الأمر بالأمر بالشيء ليس أمراً بالشيء (فهي تمرينية).

و من هذا القسم ندرك حقيقة هامّة، و هي أنّ القاعدة الأصولية تصلح لأن تكون علّة للقاعدة الفقهية و لا عك

 


[5] - وسائل الشيعة، ج‌27، ص: 257، أَبْوَابُ كَيْفِيَّةِ الْحُكْمِ وَ أَحْكَامِ الدَّعْوَى‌، 13- بَابُ الْحُكْمِ بِالْقُرْعَةِ فِي الْقَضَايَا الْمُشْكِلَةِ وَ جُمْلَةٍ مِنْ مَوَاقِعِهَا وَ كَيْفِيَّتِهَا.
[6] - تقدم في الأبواب34 و 57 و 65 من أبواب العتق، و في الباب75 من أبواب الوصايا، و في الباب10 من أبواب ميراث الملاعنة، و في الباب4 من أبواب ميراث الخنثى، و في الباب4 من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم، و في الحديث 7 من الباب20 من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد، و في الأحاديث 6 و 7 و 8 و 11 و 12 و 15 من الباب12 من هذه الأبواب. و في الباب57 من أبواب نكاح العبيد و الإماء.
[9] - و هي و إن كانت قابلة للانتفاع بها في جميع العلوم، و لكنّها مبحوثة في القواعد الفقهية؛ للانتفاع بها فيها أيضاً. و لكن لا ريب في أنّها لا تنتمي للقواعد الفقهية حقيقةً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo