< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

القواعد الفقهية

42/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: القواعد الفقهية/ مقدمات عامّة في القواعد الفقهية/ المقدمة الرابعة: هندسة القواعد الفقهية و ترتيبها.

1- -هناك مجموعة من المقدمات التي يجب البحث فيها قبل الشروع في البحث عن القواعد الفقهية، وهي:

المقدمة الأولى: ما المقصود من القاعدة؟

المقدمة الثانية: ما الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية؟

المقدمة الثالثة: ما هي مصادر القواعد الفقهية؟

المقدمة الرابعة: في تقسيم القواعد الفقهية وترتيبها بشكلٍ منطقي وهندسي بحيث تتناسب مع البحث في الأبواب الفقهية دون تداخل بينها.

لازال الكلام في مجموعة من المقدمات التي يجب البحث فيها قبل الشروع في البحث عن القواعد الفقهية:

2- -المقدمة الثالثة: مصادر القواعد الفقهية؟

وصلنا إلى المنشأ السادس للقواعد الفقهي، و هو:

-السادس: القواعد المستفادة من نفس القواعد الفقهية: بحيث دليلها هو ثبوت تلك القاعدة الفقهية، نفس القاعدة الفقهية تثبت بسبب ثبوت قاعدة فقهية أخرى، بحيث لولا القاعدة الفقهية الأولى لا تثبت القاعدة الفقهية الثانية، وهذا مقتضى التفاعل بين القواعد الفقهية، كقاعدة الضمان التي يُستدلّ لها عادةً – كما في مكاسب شيخنا الأعظم- بقاعدتي الإقدام و ضمان اليد، بحيث أنّ من يناقش هاتين القاعدتين لا يمكن أن يصل إلى قاعدة الضمان.

-السابع: القواعد المستفادة من القواعد الكلامية: كقاعدة (الأحكام تابعة للمصالح و المفاسد) بناءً على كونها قاعدة فقهية، فإنّ مصدرها القاعدة الكلامية القائلة: (أفعال الله تبارك و تعالى معلّلة بالأغراض)، هذه القاعدة يؤمن بها العدلية (الشيعة الإمامية و المعتزلة) في مقابل المذهب الأشعري، فلا يمكن أن يصدر حكم من الشارع المقدّس مفرغٌ من مصالحه؛ لأنّه صدور مثل هذا الحكم ينسب السفه إلى المولى، و المولى حكيمٌ جلّ و علا عن السّفهية، يقول تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾[1] ، وقوله تعالى: ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاَتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾[2] ، فالله قادرٌ و حكيمٌ لا يعبث، فيجب عقلاً أن يكون الحكم التشريعي كالتكويني مبرر بالمصلحة، فيجلب المصالح بأوامره، و يدفع المفاسد بنواهيه، فالأشاعرة يقولون ما يفعله المولى حسنٌ ولو ظلم، و ما تركه قبيحٌ ولو كان العدل.

هذه القاعدة تعتبر من ورائيات الفقه، و تدرس في فلسفة الفقه.

-هناك مصدر أخير: لا نعتبره مصدر، ولكن تذييل للمصادر، وهو القواعد الفقهية المتصيّدة، ويعتمد عليها البعض، وخصوصاً بعض المتأخرين، والمقصود من التصيّد: أن نأتي بأدلّةٍ لا تدلّ على القاعدة لا بالنصّ و لا بالظهور، وإنّما بالإشارات، فنستجمع هذه الإشارات لنبني ظهوراً في الدلالة إلى القاعدة، وهذا التصيّد استفاد منه هذا البعض المعاصر كثيراً، حتى في الأحكام الجزئية بل جرّه إلى علم الرجال، واعتمد على توثيق بعض الرجال في اعتماده على التصيّد.

إنّ مصادر القواعد الفقهية، واسعةٌ لا تقتصر على الأدلّة الأربعة، كما في الأحكام الفقهية الجزئية (القرآن- السنّة- الإجماع- العقل)، أو في علم الأصول الذي يعتمد على هذه الأدلّة الأربعة، أمّا القواعد الفقهية فسعتها المصدرية أكبر من سائر العلوم الشرعية.

و على العموم: فكلّ ما يصلح للدلالة و الدليلية على حكمٍ شرعي، يمكن أن يكون مصدراً من مصادر القواعد الفقهية.

3- -المقدمة الرابعة: هندسة القواعد الفقهية و ترتيبها:

هل يمكن ترتيب القواعد الفقهية في هيكليةٍ منطقية، بحيث تردّ الجزئيات إلى الكلّيات؟

هناك عدّة نظريات في الترتيب الفني، و هذا بحثٌ مهمٌّ جدّاً، أكثر الطلاب لا يعي روابط قواعد العلم، بسبب عدم الفنّية في ترتيبها.

ثق و اعتمد يا أخي، إلى أنّ الفنّية و ردّ الجزئي إلى الكلّي، و ردّ الصغريات إلى الكبريات، طريقٌ مهمٌّ للتحكم بهذه القواعد، بعكس الدراسة العشوائية.

مثال: علم الأصول، و بسبب عدم اعتناء كثيرٍ من العلماء في فنّية ترتيبه، أدّى إلى اضطراب بحثه و درسه، حيث أنّ هذا الترتيب المعمول به (السنّتي)، لا يوصل الطالب إلى متى يُطبّق القاعدة و ما مجالها؟ لذلك بالترتيب الموجود بين أيدينا من عصر السيد المرتضى (ره) إلى عصر المحقق الصدر (قده)، لم يتمّ التعرّض إلى الترتيب الفنّي له؛ و السرّ في ذلك أنّ البحث الأصولي لم يكن بحثاً مستقلاً عن الفقه، كان يُدرس في أحضان الفقه، و لم يكن يدرس كعلمٍ بل كمقدمة لعلم الفقه، و أقول لك: لقد بقي أكثر مّما استخرج، و لازال يسرح في علم الفقه، مع أنّها قواعد كبروية أصولية.

في تقرير السيد الهاشمي (قده) في مقدمة الجزء الأول، يعرض ترتيب المحقق الصدر (قده)، عندما يصل إلى الترتيب الفنّي، و بعد استعراض الترتيب القديم يُشكل عليه.... ثمّ يرتّب بطريقةٍ حديثةٍ في الحلقات الثلاثة، المحقق الصدر (قده) جعل بحث القطع في أول الأصول، بينما القدماء بحثوه في مباحث الحجج أي في الجزء الثاني، كما أنّ كثيراً من المباحث المرتبطة بالأوامر، بحثها في الدليل العقلي؛ لأنّها بحثٌ في الملازمة العقلية، بينما في الكفاية على سبيل المثال بحث الأوامر يعتبروه من عوارض الأمر.

أقول: اثنان من المعاصرين حاولا أن يخلقوا فنّيةً جديدةً في علم الأصول، أولهما المحقق الصدر (قده)، و الثاني الشيخ ناصر مكارم الشيرازي(د.ظ) في كتابه أنوار الأصول.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo