< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

القواعد الفقهية

42/07/22

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: القواعد الفقهية/ مقدمات عامّة في القواعد الفقهية/ المقدمة الرابعة: في هندسة القواعد و ترتيبها (النظرية الرابعة والنظرية الخامسة).

1- -هناك مجموعة من المقدمات التي يجب البحث فيها قبل الشروع في البحث عن القواعد الفقهية، وهي:

المقدمة الأولى: ما المقصود من القاعدة؟

المقدمة الثانية: ما الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية؟

المقدمة الثالثة: ما هي مصادر القواعد الفقهية؟

المقدمة الرابعة: في تقسيم القواعد الفقهية وترتيبها بشكلٍ منطقي وهندسي بحيث تتناسب مع البحث في الأبواب الفقهية دون تداخلٍ بينها.

لازال الكلام في مجموعة من المقدمات التي يجب البحث فيها قبل الشروع في البحث عن القواعد الفقهية، وصلنا إلى:

2- -المقدمة الرابعة: في هندسة القواعد و ترتيبها:

2.1- -بادر جماعةٌ من الفقهاء إلى تقديم تقسيمٍ فنيٍ للقواعد الفقهية؛ ليسهل التعرّف عليها و على انتمائها، و فيما يلي سنستعرض بعض هذه النظريات:

-النظرية الثالثة: نظرية المحقق الصدر (قده)، و هي ما ذكره المحقق الصدر (قده) عند استعراضه للفرق بين القاعدة الأصولية و القاعدة الفقهية، حيث قسّم القواعد الفقهية إلى خمسة أقسام، و هي:

القسم الأول: ما ليس قاعدة بالمعنى الفني للقاعدة.

القسم الثاني: ما يكون بنفسه حكماً واقعياً كلّياً مجعولاً بجعلٍ واحد.

القسم الثالث: ما يكون حكماً ظاهراً يُحرز به صغرى الحكم الشرعي.

القسم الرابع: ما يكون حكماً ظاهرياً يمكن أن يتوصّل به إلى الحجّة على الحكم الشرعي.

القسم الخامس: القواعد الفقهية الاستدلالية.

-و الظاهر: من ذكر هذه الأقسام في بحث التمييز بين القواعد الأصولية و القواعد الفقهية في مقام الردّ على من أشكل على التعريف المدرسي لعلم الأصول؛ بشموله للقواعد الفقهية، أنّ الملحوظ فيه، جانب ما يقع في طريق الاستنباط من القواعد الفقهية و ما لا يقع، و ليس ناظراً إلى ما يميّز القواعد الفقهية في نفسها، و لعلّه لأجل ذلك لا يلاحظ أساس لهذه القسمة.

وبعبارةٍ أخرى: ليس الملحوظ التقسيم بلحاظ تمايزها فيما بينها؛ لوضوح أنّ هناك بعض القواعد الفقهية التي لا تدخل تحت أيٍّ من هذه الأقسام الخمسة، كقاعدة المصلحة، التي تعني أنّ المصلحة في النظام الإسلامي تسوّغ ارتكاب المحرّمات الأولية، فإنّها قاعدةٌ من الجهة الفنّية، و هي ليست حكماً واقعياً و لا حكماً ظاهرياً، و لا قاعدة استدلالية، و إنّما هي موضوعٌ لجواز ارتكاب الحرام الأولي فقط.

قبل أن نجيب عليها، نذّكر الاخوة: أنّ المحقق الصدر (قده) يذكر هذا التقسيم؛ لبيان المائز بين القواعد الفقهية مرّة، ومرّة يبيّن الأقسام بداعٍ آخر، حيث ذكر تلك الأقسام الخمسة لمناقشة تعريف علم الأصول المدرسي، حيث تذكرون أنّهم عرّفوه: "القواعد التي تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي"، وأشكل على التعريف؛ شموله للقواعد الفقهية؛ لأنّها تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي، وجاء الردّ من مدرسة المحقق النائيني(قده): أنّ القواعد الفقهية ليست استنباطية، وإنّما تطبيقية (تطبيق الكلّي على مصاديقه، ولا مغايرة بين الكلّي و مصاديقه، إلاّ من حيث الكلّية والجزئية)، أي: (مغايرة المستنبط والمستنبط منه)، في بعض الموارد إباحة، فنستنبط منها الإباحة، المهمّ هناك مغايرة بين المستنبط و المستنبط منه، في هذا المجال جاء المحقق الصدر، ليردّ: أنّ القواعد الفقهية تطبيقية بينما القواعد الأصولية استنباطية، قال القواعد الفقهية على خمسة أقسام...القسم الخامس: القواعد الفقهية الاستدلالية، و هي القواعد التي يقرّرها الفقيه في الفقه، و يستند إليها في استنباط الحكم الشرعي، كقاعدة ظهور الأمر بالغسل في الإرشاد إلى النجاسة التي تشبه قاعدة ظهور الأمر بشيء في وجوبه.

إذن السيد لم يستعرض هذه الأقسام الخمسة لبيان المائز، وإنّما ليبيّن أنّه لا يوجد قاعدة فقهية استنباطية.

-الإشكال الوارد على هذا التقسيم: لمن ينتخبه تقسيماً وتوزيعاً للقواعد الفقهية، أنّه لا يعتمد على أساس، فهل الأساس ما يكون قاعدة فنّية و ما لا يكون؟ أو الأساس هو الحكم المنتج من القاعدة؟

نرجع إلى ما ذكره السيد الحكيم (قده)، من تقسيمها إلى: (قواعد واقعية-قواعد ظاهرية) [1] ، ما هو أساس القسمة الذي أدّى إلى هذا التقسيم الخماسي؟ يجب أن يكون ثنائي؛ لأنّ الأربعة الأوائل فنّية والخامس غير فنّي، أضف إلى ذلك الإشكال الكبير الذي يرد على القسم الأول، ماذا يعني أنّها لا تسمّى فنّية، وإنّما كبريات، وأنت خبيرٌ قاعدة (لا ضرر)، ورد لسانها التقعيدي بلسان الشارع، ونحن جمّعناها، قال النّبي (ص): "لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَارَ" [2] ، حتّى علّق بعض القانونيين، وقالوا: " إنّ هذا البيان لمحمدٍ (ص) معجزةٌ بيانية، فعلى صغرها تحمل مضموناً كبيراً يحتاج إلى آلاف الصفحات لشرحها"، فهذا واردٌ في لسان الشارع، ونحن طبّقناها على جزئياته.

نصل في النهاية إلى النظريتين الأخيرتين في تصنيف القواعد الفقهية، ونحن نختارهما، لم يذكرهما أحدٌ نحن نذكرهما:

-النظرية الرابعة: وهي (النظرية الأولى) لنا:

نقترح أن تقسّم القواعد الفقهية بحسب موقعها في الأبواب الفقهية، بأنّ ما يقال إنّ القواعد الفقهية مبدئياً تنقسم إلى قسمين:

-الأول: القواعد المشتركة في جميع الأبواب الفقهية، كقاعدة الصّحة وقاعدة القرعة وقاعدة لا ضرر ولا حرج، وغيرها، فإنّ الملحوظ في هذه القواعد جريانها في جميع الأبواب من الطّهارة إلى الدّيات.

-الثاني: القواعد الخاصّة في بعض الأبواب، ولا تجري في البعض الآخر، كقاعدة الطّهارة الجارية في بابها فقط، وقاعدة البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر، فأنّها تجري في باب القضاء فقط، أو كقاعدة الإمكان الجارية في باب الحيض فقط، ويمكن تقسيم هذا القسم أيضاً إلى أقسام، وهي:

-القسم الأول: ما لا يجري في كلّ الأبواب الفقهية، ولكنّها تجري في أكثر من باب، كقاعدة الفراغ والتجاوز بناءً على جريانهما في غير كتاب الصلاة، أو قاعدة الغرر الجارية في كلّ العقود.

-القسم الثاني: ما لا يجري إلّا في بابٍ واحدٍ فقط، ولا يمكنه الجريان في غيره، كقاعدة الطّهارة وكقاعدة الإقرار.

-القسم الثالث: ما لا يجري إلاّ في بعض مسائل الباب الواحد، كالشكّ للإمام والمأموم مع حفظ الآخر، وكقاعدة الإمكان، وغيرها.

وعلى هذا الأساس: يمكن أن يرتّبوا القواعد الفقهية حسب التسلسل الفقهي، حيث يستوعب كلّ القواعد الفقهية.

-النظرية الخامسة: وهي (النظرية الثانية) لنا:

نقترح أيضاً أن تقسّم القواعد الفقهية إلى تقسيمٍ أكثر منطقيةٍ من النظرية السابقة؛ لأنّه في النظرية المتقدّمة اعتمدنا في التقسيم على التوزيع المدرسي للمباحث الفقهية، حيث يبدأ من الطّهارة وينتهي إلى الدّيات، فتوزع القواعد بحسب دخالتها في تلك الأبواب، وأمّا هذه النظرية فنعتمد فيها على التوزيع الموضوعي للقواعد، فنقول: إنّ القواعد الفقهية وعلى أساس ارتباطها بأحكام النظام والمجتمع والفرد، تنقسم إلى:

-القسم الأول: القواعد التي لها ارتباطٌ بالنظام الإسلامي بشكلٍ عامٍّ دون لحاظ خصوصية المجتمع أو الفرد، ومن نماذج هذا القسم القواعد التالية:

قاعدة لا ضرر.

2- قاعدة لا حرج، تستهدف التشريع بغض النظر عن المكلّف، تبّين الحكم الشرعي حال الاضطرار.

قاعدة المصلحة.قاعدة الحكومة.قاعدة حرمة إهانة المحترمات.قاعدة تداخل الأسباب.

-القسم الثاني: القواعد التي تنظّم علاقات أفراد المجتمع، وهو على قسمين:

-الأول: ما ينظّم روابط الشيعة مع غيرهم، ومن نماذج هذا القسم:

قاعدة الإسلام يجبّ ما قبله. قاعدة نفي السبيل.

3- قاعدة التّقية، لتنظيم العلاقات مع غير الشيعي.

قاعدة لكلِّ قومٍ نكاحهم.

-الثاني: ما ينظّم علاقة الناس بشكلٍ عامٍّ في مقام التعامل فيما بينهم، بغض النظر عن أخذ الإسلام أو التولّي ضمن هذا التنظيم:

قاعدة العقود تابعة للمقصود.

2- قاعدة الغرر، حيث يرجع المغرور على من غرّه سواء مسلم أو مسيحي أو هندوسي أو ...

قاعدة حجّية البيّنة. قاعدة الإقرار. قاعدة اليد. قاعدة الإتلاف.إلى غير ذلك.

-القسم الثالث: القواعد المرتبطة بعمل الفرد دون لحاظ غيره فيه، أي تنظيم حياة الفرد إمّا العبادية أو العملية، ولا شأن لها بتنظيم علاقة الفرد مع غيره، وهي كثيرة أيضاً، ومن نماذج ذلك:

قاعدة الإمكان.

2- قاعدة لا تعاد الصلاة إلّا من خمس، تنظّم صلاة الفرد.

قاعدة مشروعية عبادات الصّبي.قاعدة من ملك شيئاً ملك الإقرار به.

وهكذا يا أخي، أجريت كلّ القواعد الفقهية، فلم تتخلّف ولو قاعدةٌ واحدة؛ لذلك نسميه (التقسيم الموضوعي)، أي موضوع له ربطٌ واحد، وهي أكثر مناسبة لهذا العصر، وأكثر تطوراً.

وعلى هذا التقسيم جميع القواعد الفقهية، وطبعاً في كلّ قسمٍ توجد تصنيفات عديدة للقواعد، ففي القسم الأول، تتنوّع القواعد المرتبطة بالنظام الإسلامي إلى ما يرتبط بالقائد، كقاعدة الحكومة و الولاية، ومنها ما يرتبط بالتشريع كقاعدة المصلحة و لا ضرر، وهكذا في القسم الثاني بقسميه، وعلى هذا فق

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo