الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
38/04/18
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : القراءة في الصَّلاة(9)
وقال الخليل : (العين والحاء والهاء حلقيّة ، لأنَّ مبتدأها من الحلق .
والقاف والكاف لَهويتان - أي من اللسان - .
والجيم والشّين والضّاد شمريّة ، لأنَّ مبدأها من شمر الفم ، أي مفرجه .
والصّاد والزّاي والسّين أسلية ، وأسلة اللسان مستدقّ ظرفه - أي تخرج من طرف اللسان والثنايا - .
والطّاء والدّال والتّاء نطعيّة ، لأنَّ مبدأها من نطع الغار الأعلى - النطع ما ظهر من غار الفم الأعلى - .
والظّاء والذَّال والثَّاء لثويَّة ، لأنَّ اللسان يخرج خارج اللثّة ، والفاء والباء والميم شفويّة .
والواو والياء والألف والهمزة هوائيّة ، إذ هي من الهواء لا يتعلّق بها شيء) [1]
قوله : (وتشديدها)
لأنَّ الإخلال بالتشديد إخلال بحرف .
ومن هنا ذكروا أنَّ التشديد معتبر ، وفي فوائد الشَّرائع لا نعرف فيه خلافاً قال فيه : (لا ريب أنَّ رعاية المنقول في صفات القراءة والتسبيح والتشهّد - من حركات وسكنات للإعراب والبناء وغير ذلك - مما يقتضيه النهج العربي ، كالإدغام الصَّغير ، على ما صرَّح به شيخنا الشّهيد في البيان ، والمدّ المتّصل - واجبة ، ومع الإخلال بشيء من ذلك تبطل الصّلاة ، ولا نعرف في ذلك كلّه خلافاً ؛ ويحصل ترك التشديد إمَّا بحذف الحرف المدغم مثلاً ، أو يتحريكه ، أو بفكّ الإدغام ... ) ، ومراده من الإدغام الصّغير هو التشديد .[2]
وأمَّا المدّ المتّصل فهو ما اجتمع حرف المدّ والهمزة في كلمة واحدة ، مثل جاء وسوء وجِيء ، وحروف المدّ هي الواو المضموم ما قبلها ، والياء المكسور ما قبلها ، والألف المفتوح ما قبلهما ؛ وأمَّا الواقع في كلمتين فهو المدّ المنفصل .
إذا عرفت ذلك فنقول : أمَّا اعتبار التشديد فلا إشكال فيه بين الأعلام ، بل هو متسالم عليه ، فلو قال بدل {إنَّا أنزلناه} بالتفكيك بطل ، لكونه على خلاف القرآن المنزَل .
وأمَّا المدّ فالمعروف بين الأعلام أنَّ المدَّ المتّصل واجب بخلاف المدّ المنفصل .
والإنصاف : أنَّ المدّ غير واجب ، سواء في المتّصل أو المنفصل ، إذ لا دليل عليه ، وإنّما هو شيء مذكور عند علماء التجويد ، حتّى المدّ في كلمة {الضَّالِّين} .
نعم ، الأحوط وجوباً الالتزام بالمدّ المتّصل ، لاسيّما كلمة {الضَّالِّين } .
وأمَّا الإدغام في مثل (مدّ) (وردّ) ممَّا اجتمع في كلمة واحدة مثلان فهو واجب ، لاعتبار ذلك في صحّة الكلمة ، ووقوعها عربيّة ، فالتفكيك على خلاف قواعد اللغة ، كما نصّ على ذلك الأقرب .
وأمَّا الإدغام في كلمتين ممَّا اجتمع فيه المثلان ، مثل {اذهب بكتابي} ، و{يدرككم} ، فلا دليل على وجوبه ، كما أنَّه لا يجب الإدغام إذا كان بعد النون السَّاكنة أو التنوين أحد حروف (يرملون) ، لعدم الدّليل عليه ، وإن صرّح علماء التجويد بوجوبه .
نعم ، يجب إدغام اللام مع لام التفريق في أربعة عشر حرفاً ، تسمَّى بالحروف الشّمسيَّة ، وهي التّاء والثّاء والدّال والذّال والرّاء والزّاي والسّين والشّين والصّاد والضّاد والظّاء والطّاء واللام والنون .
ويجب إظهارها في بقية الحروف ، وتسمّى بالحروف القمريَّة .
والسِّرّ في ذلك : أنَّ ما ذكرناه داخل في صحّة اللفظ ، بحيث لو أبدل فأدغم في مورد الإظهار ، أو بالعكس ، لعدّ لحنا في الكلام .
والخلاصة إلى هنا : أنَّ أكثر ما ذكره علماء التجويد لا دليل على وجوب الالتزام به ، بل هو من المحسّنات ، والله العالم .
قوله : (وموالاتها فيعيدها لو قرأ خلالها من غيرها نسيانا أو عمدا ، وقيل تبطل صلاة العامد ، وكذا لو سكت في أثنائها بنيَّة القطع ، والأقرب بناؤه على تأثير نية المنافي ، أو على طول السّكوت ، بحيث يخرج به عن اسم الصّلاة)[3]
المعروف بين الأعلام أنّه تجب الموالاة في القراءة ، بل في الجواهر : (لا أجد فيه خلافاً بين أساطين المتأخّرين منهم ... ) .[4]
والمراد بالموالاة أن لا يتخلّل بين أبعاضها سكوت معتدّ به ، أو كلام مغاير ، عدى ما ورد النصّ بجوازه ، بسؤال الرّحمة والتعوُّذ من النَّار عند قراءة آيتيهما ، والدّعاء فإنّه جائز .[5]
ثمّ إنّه لو قرأ خلالها من غيرها ، فإن كان عمداً فظاهر المصنِّف رحمه الله في الذّكرى بطلان الصّلاة .
ونقل عن الشّيخ رحمه الله في المبسوط أنَّه يستأنف القراءة ، ولا تبطل الصَّلاة ، ولو كان ناسياً استأنف القراءة على ما صرّح به المصنّف رحمه الله في الذكرى .[6]
وفي المبسوط : (أنّه يبنى على ما قرأ أوَّلاً) ، وفي المصنّف رحمه الله هنا في الدّروس وافق الشّيخ رحمه الله في استئناف القراءة في صورة العمد .[7]
وأمّا في صورة النسيان فكما في الذكرى من إعادة القراءة ، وقال في الذكرى أيضاً : ( لو سكت في أثنائها بما يزيد على العادة ، فإن كان لأنَّه ارتج عليه ، فطلب التذكّر ، لم يضرّ إلّا أن يخرج عن كونه مصليّاً ، وإن سكت متعمِّداً لا لحاجة حتّى خرج عن كونه قارئاً استأنف القراءة ، ولو خرج بالسّكوت عن كونه مصليّاً بطلت .[8]
ولو نوى قطع القراءة ، وسكت قال في المبسوط : يعيد الصّلاة ، بخلاف ما لو سكت لا بنيّة القطع ، أو نوى القطع ، ولم يسكت ، مع أنَّه يقول : إنّ الصلاة لا تبطل بنية فعل المنافي ؛ وربما يجاب بأنّ المبطل هنا نيّة القطع مع القطع فهو نيّة المنافي مع فعل المنافي) .[9]
أقول : قد استدلّ لوجوب الموالاة ببعض الأدلّة :
منها : التأسِّي ، فإنّ النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) م، وكذا الأئمة عليهم السَّلام ن بعده ، كانوا يوالون في قراءتهم مع قوله (صلى الله عليه وآله) : (صلّوا كما رأيتموني أصلّي) .[10]