< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/01/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة الجمعة وآدابها(32)

ثمَّ إنَّه لو علم بمقدار الوقت، وأنَّه عشر دقائق مثلاً، وشكّ في أنَّ هذا المقدار هل يسع للخطبتين مع الصَّلاة أم لا؟ فيجب عليه الدُّخول في الصَّلاة، لإطلاق الأدلَّة، فإذا انكشف عدم إدراك ركعة من الصَّلاة فينتقل إلى الظُّهر.

ولا يخفى أنَّ ما ذكرناه إنَّما هو فيما إذا علم أو ظنّ أو شكّ في سِعة الوقت للخطبتين وركعتين.

وأمَّا إذا علم أو ظنّ أو شكّ في سعة الوقت للخطبتين وركعة واحدة فالمشهور بين الأعلام أنَّه لا يدخل في الصَّلاة.

قال في التذكرة: (لا يجزي في المقام الرِّكعة، خلافاً لأحمد، قال صاحب الجواهر رحمه الله: وظاهره الاتِّفاق فيه، وكأنَّه في محلِّه، لأنِّي لم أعرف من اجتزأ بإدراكها مع الخطبتين قبل الشَّهيد، ومن عرفت... ).

أقول: جزَم الشَّهيدان والمحقِّق الميسي(رحمهم الله)، أي خيرة العامليين، بكفاية سِعة الوقت للخطبتَيْن وركعة.

وهو الإنصاف، وذلك لِعموم "مَن أدرك"، حيث نزّل إدراك الرِّكعة منزلة إدراك جميع الوقت، بلا فرق بين الجمعة وغيرها، فتكون قاعدة "مَنْ أدرك" حاكمة على ما تقتضيه أدلَّة الموقّتات من عدم شرعيَّة إيقاع شيء منها في خارج الوقت، والله العالم.

قوله: (ويجب على البعيد السَّعي قبل الزَّوال ليدركها).

قد يشكل ذلك بأنَّ تنجّز التكليف بفِعْلها إنَّما يكون عند الزَّوال.

وعليه، فلا يتنجز التكليف بالسَّعي إليها إلَّا بعد تحقُّق النِّداء الذي كُنِّي به عن الزَّوال، حيث قال الله سبحانه وتعالى: {وإذا نودي للصَّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ...}.

وعليه، فكيف يجب السَّعي قبل الزَّوال؟! والله العالم.

قوله: (والمأموم يدركها بإدراك الإمام راكعاً ولو في الثانية، ولا يضرّه فوات الخطبتين، وشرط الشَّيخ إدراك تكبيرة الرُّكوع، ولو فاته الرُّكوع في الثانية صلَّى ظهراً).

يقع الكلام في أمرَيْن:

الأوَّل: هل تصحّ الجمعة من المأموم إذا لم يحضر الخطبة، ولكن أدرك مع الإمام ركعةً؟

الثاني: في كيفيَّة إدراك الرِّكعة مع الإمام.

أمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بين الأعلام أنَّه تصحّ منه جمعةً إذا أدرك ركعةً مع الإمام.

وفي الجواهر: (بلا خلاف، بل الإجماع بقسمَيْه عليه، كما أنَّه يمكن دعوى تواتر النصوص عليه...).

أقول: يظهر أنَّ المسألة متسالم عليها بينهم، بحيث خرجت عن الإجماع المصطلح عليه.

وأمَّا الرِّوايات الواردة في المقام فهي كثيرة جدّاً:

منها: صحيحة الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: إذا أدرك الرَّجل ركعةً فقد أدرك الجمعة، وإن فاتته فليصلِّ أربعاً)(1).

ومنها: صحيحة عبد الرَّحمان العرزمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: إذا أدركت الإمام يوم الجمعة، وقد سبقك بركعة فأضف إليها ركعةً أخرى، واجهر فيها، فإن أدركته وهو يتشهّد فصلّ أربعاً)(2).

ومنها: حسنة الحلبي (قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عمَّن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة، قال: يصلِّي ركعتَيْن، فإنْ فاتته الصَّلاة فلم يدركها فليصلِّ أربعاً، وقال: إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الرِّكعة الأخيرة فقد أدركت الصَّلاة، وإن أدركته بعدما ركع فهي الظُّهر أربع)(3).

وأمَّا ما في صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: الجمعة لا تكون إلَّا لِمَنْ أدرك الخطبتَيْن)(4).

ففيها أوَّلاً: أنَّها محمولة على نفي الكمال والفضيلة دون الإجزاء، لِما عرفت من التسالم بين الأعلام، وللرِّوايات المتقدِّمة الواضحة جدًّا.

وثانياً: أنَّه يحتمل في هذه الصَّحيحة التقيَّة لموافقتها لمذهب عمر بن الخطاب وعطاء وطاووس ومجاهد، والله العالم.

_________

(1)و(2)و(3)و(4) الوسائل باب26 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح2و5و3و7.

الأمر الثاني: لا إشكال في تحقُّق إدراك الرِّكعة بإدراك الإمام حين إرادة الرُّكوع، بأنْ دخل في الصَّلاة قبل تكبير الرُّكوع، كما أنَّ المشهور بين الأعلام تحقُّقها بإدراك الإمام راكعاً في الثانية.

وفي الجواهر: (شهرةً عظيمةً، نقلاً وتحصيلاً، بل في الخلاف الإجماع عليه، بل في المحكي عن المنتهى الإجماع أيضاً، على أنَّه يستحبّ للإمام إذا أحسّ بداخلٍ أن يطيل ركوعه حتَّى يلحق به، مضافاً إلى النصوص المستفيضة في ذلك، منضمةً إلى النصوص المستفيضة جدًّا في إدراك الرِّكعة، والصَّلاة بإدارك الإمام راكعاً، أي يشاركه في الرُّكوع...).

أقول: حُكِي الخلاف في المسألة عن الشَّيخ المفيد والشيخ في التهذيب والاستبصار والقاضي ابن البرّاج، حيث اعتبروا إدراك تكبير الرُّكوع في إدراك الرِّكعة.

ولكنّ الظّاهر أنَّ نسبة المخالفة إلى الشَّيخ المفيد رحمه الله غير متحققة ، كما أنَّ عبارة ابن البراج رحمه الله غير صريحة في المخالفة فتحتمل التأويل.

وأمَّا الشَّيخ رحمه الله فقد وافق المشهور في المبسوط وكتاب الخلاف، مع أنَّ كتاب الخلاف تصنيفه متأخّر عن التهذيب.

نعم، يظهر من مكاتبة الحميري الآتية -إن شاء الله تعالى- وجود المخالِف بين أصحاب الحديث.

وحُكي عن العلَّامة رحمه الله في التذكرة أنَّه اعتبر في إدراك الرِّكعة ذكر المأموم قبل رفع الإمام رأسه، هذه هي الأقوال في المسألة.

وحُكي عن العلَّامة ¬ في التذكرة أنَّه اعتبر في إدراك الرِّكعة ذكر المأموم قبل رفع الإمام رأسه، هذه هي الأقوال في المسألة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo