< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/02/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة العيدَيْن(8)

 

قوله: (وصفتهما كما مرّ)

المعروف بين الأعلام أن الخطبتين هنا كخبتي الجمعة في جميع ما تقدَّم وفي المعتبر: (عليه العلماء، لا أعرف فيه خلافاً...).

قوله: (ويستحبّ ذِكْر الفطرة وأحكامها في عيد الفطر)

كما يستفاد ذلك من مرسلة الفقيه، قال: (خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الفطر، فقال: الحمد لله الذي خلق السَّماوات والأرض، وجعل الظُّلمات والنُّور، ثمّ الذين كفروا بربهم يعدلون -إلى أن قال:- وأدُّوا فطرتكم، فإنَّها سنَّة نبيّكم، وفريضة واجبة من ربِّكم، فليؤدِّها كل امرئ منكم عنه، وعن عياله كلّهم ذَكَرهم وأُنثاهم، صغيرهم وكبيرهم، وحُرّهم ومملوكهم، عن كلّ إنسان منهم صاعاً من بُرٍ أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير...)(1)، وهي طويلة جدًّا، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.

_________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج1/ ص325، رقم1486.

 

قوله: (والأُضْحِيَّة وأحكامها في الأضحى، والحثّ عليهما، وأمام الحاج يذكر المناسك)

هذا هو المعروف بين الأعلام، ويدلّ عليه ما ورد في مرسلة الفقيه (قال: وخطب (عليه السلام) في عيد الأضحى، فقال: فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ زِنَةَ عَرْشِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَعَدَدَ قَطْرِ سَمَائِهِ، وَبِحَارِهِ‌ -إلى أن قال:- وَمَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ بِجَذَعٍ مِنَ الْمَعْزِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِي عَنْهُ، وَالْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ يُجْزِي، وَمِنْ تَمَامِ الْأُضْحِيَّةِ اسْتِشْرَافُ عَيْنِهَا وَأُذُنِهَا، وَإِذَا سَلِمَتِ الْعَيْنُ وَالْأُذُنُ تَمَّتِ الْأُضْحِيَّةُ، وَإِنْ كَانَتْ عَضْبَاءَ الْقَرْنِ أَوْ تَجُرُّ بِرِجْلَيْهَا إِلَى الْمَنْسِكِ فَلَا تُجْزِي، وَإِذَا ضَحَّيْتُمْ فَكُلُوا وَأَطْعِمُوا وَأَهْدُوا وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا رَزَقَكُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ‌...)(1)، وهي أيضاً ضعيفة بالإرسال.

 

قوله: (ولو قلنا: بوجوبهما لم نوجب القيام)

مقتضى كون الخطبتين كخطبتي الجمعة في جميع ما تقدَّم هو وجوب القيام فيهما لو كانت صلاة العيد واجبة، والله العالم.

قوله: (ووقتهما بين طلوع الشَّمس إلى الزَّوال)

قال صاحب المدارك: (أجمع الأصحاب على أنَّ وقت صلاة العيدين من طلوع الشَّمس إلى الزَّوال حكاه العلَّامة (رحمه الله) في النِّهاية...).

وفي الجواهر: (على المشهور بين الأصحاب، بل عن النِّهاية والتذكرة وجامع المقاصد الإجماع عليه، كما عن المنتهى الإجماع على الفوات بالزَّوال، وهو الحُجَّة في الأخير...).

أقول: هناك تسالم بين جميع الأعلام من المتقدّمين والمتأخّرين، وفي جميع الأعصار والأمصار، على أنَّه لا يجوز تقديم الصَّلاة على طلوع الشَّمس، فإنَّ النَّهار عندنا وعند أغلب الأعلام وإن كان يبتدئ بطلوع الفجر، إلَّا أنَّ هناك تسالماً بينهم على عدم جواز التقديم على طلوع الشَّمس؛ مضافاً للرِّوايات التي سنذكرها -إن شاء الله تعالى-.

وأمَّا أنَّ وقتها يبتدِئ من طلوع الشَّمس لا بعد الطُّلوع بقليل فهو المشهور بينهم، بل عليه الإجماع كما عرفت، بل لولا عبارة الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط بأنَّ وقتها إذا طلعت الشَّمس وانبسطت، وعبارة ابن أبي عقيل بأنَّ وقتها بعد طلوع الشَّمس ، لأمكن تحصيل التسالم أيضاً على أنَّ وقتها يبتدئ من طلوع الشَّمس.

بل يمكن تحصيله أيضاً بأنَّ مرادهما من هذا الوقت وقت الفضيلة لا وقت الإجزاء، ويُقال: إنَّهما متقاربان، كما عن المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى، حيث ذكر أنَّ انبساط الشَّمس مقارِب لطلوعها ، وكذا المراد من عبارة ابن أبي عقيل (رحمه الله).

ومهما يكن، فقد استُدل لكون وقتها من طلوع الشَّمس ببعض الرِّوايات:

منها: حسنة زرارة (قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): ليس يوم الفطر والأضحى أَذان ولا إقامة، أَذانهما طلوع الشَّمس إذا طلعت خرجوا...)(2).

ولا يخفى أنَّه (عليه السلام) نزَّل الطُّلوع منزلة الأَذان الذي شُرِّع للإعلام بدخول وقت الفرائض.

وعليه، فالطُّلوع بمنزلة الأَذان في كونه إعلاماً بدخول وقت الصَّلاة.

ومنها: موثَّقة سماعة (قال: سألتُه عن الغدو إلى المصلِّي في الفطر والأضحى، فقال: بعد طلوع الشَّمس)(3).

وإنَّما قال بعد طلوع الشَّمس، لأنَّ الغالب الذَّهاب إلى المصلَّى بعد طلوع الشَّمس.

وقد عرفت في أكثر من مناسبة أنَّ مضمرات سماعة مقبولة.

ومنها: ما رواه السَّيد العابد عليّ بن موسى بن طاووس (رحمه الله) في كتاب الإقبال، بإسناده إلى يونس بن عبد الرَّحمان عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير المرادي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخرج بعد طلوع الشَّمس)(4)، ودلالتها كالسَّابقة، إلَّا أنَّها ضعيفة لأنَّ ابن طاووس (رحمه الله) لم يذكر طريقه إلى يونس بن عبد الرّحمان، فتكون مرسلةً أو بحكم المرسلة.

ومنها: ما رواه (رحمه الله) أيضاً في الإقبال بإسناده عن أبي محمَّد هارون بن موسى، بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (قال: لا تخرج من بيتك إلَّا بعد طلوع الشَّمس)(5).

_________

(1) من لا يحضره الفقيه: ص328، رقم 1487.

(2و3) الوسائل باب29 من أبواب صلاة العيد ح1و2.

(4و5) الوسائل باب18 من أبواب صلاة العيد ح1و2.

ولكنها ضعيفة من جهتين :

الأُولى: أنَّ ابن طاووس (رحمه الله) لم يذكر طريقه إلى أبي محمَّد هارون بن موسى التَّلعَكْبَري المتوفي سنَّة خمس وثمانين وثلاثمائة للهجرة.

الثانية: أنَّه لم يذكر إسناد أبي محمَّد هارون بن موسى إلى زرارة.

وعليه، فهي مرسلة أو بحكم المرسلة من جهتين.

ومنها: حديث خروج الرِّضا (عليه السلام) إلى صلاة العيد بتكليف من المأمون، المروي في كتابي الكافي وعيون أخبار الرِّضا (عليه السلام).

ورواها في الكافي عن عليّ بن إبراهيم عن ياسر الخادم، والريَّان بن الصَّلت جميعاً (قالا: لمّا انقضى أمر المخلوع، واستوى الأمر للمأمون، كتب إلى الرِّضا (عليه السلام) يستقدمه إلى خراسان -إلى أن قال:- فحدثني ياسر، قال: لمّا حضر العيد بعث المأمون إلى الرِّضا (عليه السلام) ، يسأله أن يركب ويحضر العيد، ويصلِّي ويخطب -إلى أن قال: - فلمَّا طلعت الشَّمس قام (عليه السلام) فاغتسل، وتعمَّم بعمامة بيضاء من قطن...)(1).

والرِّواية صحيحة، فإنَّ ياسر الخادم من مشايخ عليّ بن إبراهيم المباشرين الواقع في تفسير عليّ بن إبراهيم؛ والريان بن الصّلت ثقة، هذا كله بالنسبة لابتداء وقتها.

وأمَّا انتهاء وقتها بالزَّوال، فقد قال صاحب الحدائق (رحمه الله): (ولم أقف في الأخبار بعد التَّتبع التَّام على ما يدلّ على الامتداد إلى الزَّوال، كما ذكروه، ولا أعرف لهم مستنداً غير الإجماع الذي ادّعوه، مع ظهور الخلاف من ظاهر عبارتي الشّيخَيْن المنقولتين).

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo