< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة العيدَيْن(21)

 

ثمَّ إنَّه يوجد عندنا بعض الرِّوايات تدلّ على زيادة التكبير على خمس عشر:

منها: صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام (قال: سألتُه عن التكبير في أيام التشريق، قال: يوم النَّحر صلاة الأُولى إلى آخر أيام التشريق من صلاة العصر، يكبِّر ويقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام)(1).

____________

(1) الوسائل باب21 من أبواب صلاة العيد ح15.

 

ومنها: رواية غيلان (قال: سألتُ أبا الحسن عليه السلام عن التكبير في أيام الحجّ، مِنْ أيِّ يومٍ يُبتدأ به، وفي أيِّ يومٍ يقطعه، وهو بمِنى وساير الأمصار سواء؟ أو بمِنى أكثر؟ قال: التكبير بمِنى: يوم النَّحر عقيب صلاة الظُّهر إلى صلاة الغَدَاة من يوم النَّفر، فإنْ أقام الظُّهر كبَّر، وإنْ أقام العصر كبَّر، وإن أقام المغرب لم يكبِّر؛ والتكبير بالأمصار يوم عرفة: صلاة الغَدَاة إلى النَّفر الأوَّل، صلاة الظُّهر، وهو وسط أيام التشريق)(1)؛ وكذا غيرها من الرِّوايات.

وفيه: أنَّ هذه الرِّوايات -مضافاً إلى ضعف الرِّواية الأخيرة بجهالة كلٍّ من غِيلان وسَلْمة بن الخطاب، وأحمد بن عيسى- محمولة على التقيَّة، لموافقتها للعامَّة، فإنَّ التكبير في الأمصار في يوم عرفة في رواية غِيلان محمول على ما عند العامَّة، فإنَّ العامَّة في الأمصار هكذا تفعل.

ثمَّ إنَّك قد عرفت سابقاً أنَّه حُكي عن السَّيد المرتضى وابن الجنيد والشَّيخ (رحمهم الله)، القول: بوجوب التكبير، تمسُّكاً بظاهر الأمر الوارد في الآية الشَّريفة، وفي الرِّوايات.

أمَّا الرِّوايات، ففي حسنة محمَّد بن مسلم (قال: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن قولِ الله عزَّوجل: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}، قال: التكبير في أيام التشريق: صلاة الظُّهر من يوم النَّحر إلى صلاة الفجر من يوم الثالث؛ وفي الأمصار: عشر صلوات، فإذا نفر بعد الأُولى أَمْسَك أهل الأمصار، ومن أقام بمِنى فصلَّى بها الظُّهر والعصر فَلْيُكبِّر)(2)، وكذا غيرها من الرِّوايات.

وفيه: أنَّ الأمر محمول على الاستحباب، بشهادة صحيحة عليِّ بن جعفر المتقدِّمة عن أخيه موسى عليه السلام (قال: سألتُه عن التكبير أيام التشريق أواجب هو، أم لا؟ قال: يستحبّ، فإنْ نسيَ فليس عليه شيء)(3)، فإنَّها صريحة في الاستحباب، فتُحْمل الرِّوايات الظَّاهرة في الوجوب على الاستحباب.

وأمَّا الآية الشَّريفة، فهي المذكورة في حسنة محمَّد بن مسلم، وصحيحة منصور بن حازم الآتية.

ثمَّ إنَّ العلَّامة رحمه الله في المختلف نقل عن الأسكافي القول: (باستحباب التكبير عقيب النوافل...).

أقول: وهذا هو الأقوى.

ويدلّ عليه جملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام (قال: سألتُه عن النَّوافل أيام التشريق، هل فيها تكبير؟ قال: نعم، وإنْ نسي فلا بأس)(4).

ومنها: موثَّقة عمَّار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: التكبير واجب في دُبُر كلِّ صلاة، فريضةً أو نافلةً، أيام التشريق)(5).

والوجوب محمول على الاستحباب المؤكَّد، بقرينة عدم وجوب التكبير في النافلة بالاتِّفاق.

ومنها: معتبرة حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليه السلام (قال: على الرِّجال والنِّساء أن يكبِّروا أيام التشريق في دُبُر الصَّلوات، وعلى مَنْ صلَّى وحده، وعلى مَنْ صلَّى تطوعاً)(6).

وأمَّا ما ورد في صحيحة داود بن فرقد (قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: التكبير في كلِّ فريضة، وليس في النافلة تكبير أيام التشريق)(7)، فهي محمولة على نفي تأكُّدِ الاستحباب، لا نفي المشروعيَّة، والله العالم.

_________

(1) الوسائل باب21 من أبواب صلاة العيد ح13.

(2)و(3) الوسائل باب21 من أبواب صلاة العيد ح13.

(4)و(5) الوسائل باب21 من أبواب صلاة العيد ح13.

(6) الوسائل باب21 من أبواب صلاة العيد ح13.

(7) الوسائل باب21 من أبواب صلاة العيد ح13.

 

قوله: (وهو "الله أكبر" ثلاثاً، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، الحمد على ما هدانا، وله الشُّكر على ما أولانا، ويزيد في الأضحى: ورزقنا من بهيمة الأنعام)

قدِ اختلفت كلمات الأعلام في كيفيَة التكبير في الفطر والأضحى، كما أنَّ الرِّوايات مختلفة في ذلك، قال الشَّيخ المفيد رحمه الله في تكبير الفطر: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، والحمد لله على ما هدانا، وله الشكر على ما أَوْلَانا، وفي الأضحى: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، والحمد على ما رزقنا من بهيمة الأنعام...).

 

وقال الشَّيخ رحمه الله في النِّهاية في صِفة تكبير الفطر: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولله الحمد، الحمد لله على ما هدانا، وله الشُّكر على ما أَوْلَانا، وفي الأضحى كذلك، إلَّا أنَّه يزيد فيه: ورزقنا من بهيمة الأنعام...).

وقال ابن أبي عقيل في الأضحى: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر (الله أكبر خ ل)، ولله الحمد على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، والحمد لله على أَبْلَانا...).

وقال ابن الجنيد رحمه الله: (في الفطر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولله الحمد على ما هدانا، وفي الأضحى: الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثاً، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ماهدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام...)، إلى غير ذلك من عبارات الأعلام المختلفة الذي يملّ السَّمع بالتعرّض لتمامها، خصوصاً مع مخالفتها لِما في الرِّوايات.

بل قد وقع الاختلاف في الكيفيَّة من الشَّخص الواحد في الكتاب الواحد، كما حصل للمحقِّق رحمه الله، حيث ذكر في صلاة العيدين كيفيَّةً، وفي الحجّ في استحباب التكبير بمِنى كيفيَّةً أُخرى.

ومهما يكن، فالموجود في الرِّوايات في تكبير الفطر ثلاث روايات:

الأُولى: رواية سعيد النقَّاش المتقدِّمة(1)، وهي على ما في الكافي، وأكثر نُسَخ التهذيب هكذا: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا)، ولكن مع زيادة: (والحمد لله على ما أَبْلَانا)، في الفقيه خاصَّة، وفي بعض نُسَخ التهذيب تثليث التكبير.

الثانية: رواية الأعمش المتقدِّمة أيضاً: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أَبْلَانا)(2)، وقد عرفت أنَّ الرّوايتَيْن ضعيفتان، وهما كيفيَّتان مختلفتان.

الثالثة: ما في الإقبال لابن طاووس رحمه الله قال: (روينا بإسنادنا إلى أبي محمَّد هارون بن موسى التُّلَّعُكْبَري بإسناده إلى معاوية بن عمَّار، قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنَّ في الفِطْر تكبيراً -إلى أن قال:- والتكبير أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلَّا الله ، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد على ما هدانا...)(3)، وهذه كيفيَّة ثالثة.

والرِّواية ضعيفة، لأنَّ ابن طاووس رحمه الله لم يذكر طريقه إلى أبي محمَّد هارون بن موسى، كما أنَّ التُّلَّعُكْبَري لم يذكر طريقه إلى معاوية بن عمَّار، فتكون مرسلةً من جهتَيْن.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّ هذه الكيفيَّات متقاربة .

ولكن في المدارك -بعد أن ذكر رواية النقَّاش- قال: (وينبغي العمل عليها في كيفيَّة التكبير ومحلِّه وإنْ ضعف سندها، لأنَّها الأصل في هذا الحكم).

وفي المعتبر: (ويحسن عندي ما رواه النقَّاش).

أقول: بما أنَّه لم يثبت بطريق معتبر كيفيَّة خاصَّة في التكبير في الفِطْر فيجزي أيُّ كيفيَّةٍ كانت؛ لا سيَّما أنَّ الاختلاف بينها يسير غير قادح في حصول المطلوب.

________

(1)و(2) الوسائل باب20 من أبواب صلاة العيد ح2و6.

(3) الإقبال: ص 271.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo