< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

ومنها: مرسلة الشَّيخ الصَّدوق في الفقيه (قَاْل: وسُئِل أمير المؤمنين (عليه السَّلام) عن اليوم المشكوك فيه؟ فقال: لإنْ أصوم يوماً من شعبان أحبّ إليَّ من أنْ أُفطر يوماً من شهر رمضان)(1)، وهي ضعيفة بالإرسال.

ومنها: ما رواه الشَّيخ المُفيد (رحمه الله) في المُقنعة عن أبي الصَّلت عبد السَّلام عن الرِّضا (عليه السَّلام) عن آبائه (عليهم السَّلام) ( قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَنْ صام يوم الشَّكّ فراراً من ديته، فكأنَّما صام ألف يومٍ من أيام الآخرة غرًّا زهرًا لا تُشاكل أيام الدُّنيا)(2).

وهي ضعيفة بالإرسال، وكذا غيرها من الرِّوايات.

وأمَّا الرِّوايات المُتضمّنة للنَّهي عن صومه، وقد تقدَّمت في الصُّورة الأُولى، وهي محمولة على صيامه على أنَّه من شهر رمضان جمعاً بينها وبين موثَّقة سماعة المُتقدِّمة، حيث ورد فيها (إنَّما يُصام يوم الشَّكّ من شعبان، ولا تصومه من شهر رمضان؛ لأنَّه قد نُهي أن ينفرد الإنسان بالصِّيام في يوم الشَّكّ...)(3).

وهناك جملة من الرِّوايات يُستفاد منها مرجوحيّة الصَّوم آخر يوم من شعبان ما لم تكن علّة وشبهة تُورث الشَّكّ بكونه من شهر رمضان:

منها: صحيحة مُعمّر بن خلَّاد عن أبي الحسن (عليه السَّلام) (قَاْل: كنتُ جالساً عنده آخر يوم من شعبان، ولم يكن هو صائماً، فأتَوه بمائدةٍ، فقال: أُدنُ، وكان ذلك بعد العصر، فقلتُ له: جعلتُ فداك، صمتُ اليوم، فقال لي: ولم؟ قلتُ: جاء عن أبي عبدالله عليه‌السلام في اليوم الذي يُشكّ فيه أنَّه قال: يوم وُفِّق له، قال: أليس تدرون أنَّما ذلك إذا كان لا يعلم أهو من شعبان أم من شهر رمضان، فصام الرَّجل، فكان من شهر رمضان، كان يوماً وُفِّق له، فأمَّا وليس علّة ولا شبهة فلا، فقلتُ: أفطر الآن؟ فقال : لا...)(4).

والشَّيخ (رحمه الله) له طريقان إلى مُعمّر بن خلَّاد:

أحدهما: ضعيفة بابن بطَّة، وأبي المُفضَّل.

والطَّريق الثَّاني: صحيح، يرويه عن ابن أبي جيّد، عن ابن الوليد، عن الصَّفّار عنه.

وعليه، فالرِّواية صحيحة، فالتَّعبير عنها بالجبر المُشعِر بالضَّعف في غير محلِّه، فإنَّ ابن أبي جيِّد شيخ النَّجاشيّ، ومشايخه الثُّقات.

ومنها: رواية هارون بن خارجة (قَاْل: قال أبو عبد الله عليه‌السلام: عدّ شعبان تسعة وعشرين يوماً، فإذا كانت متغيّمةً فأصبح صائماً، وإن كانت مصحيّة وتبصّرت فلم ترَ شيئاً فأصبح مُفطراً )(5).

وهي ضعيفة؛ لاشتراك مُحمّد بن بكر بين عدَّة أشخاصٍ.

ومنها: رواية الرَّبيع بن ولّاد عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: إذا رأيت هلال شعبان فعُدّ تسعاً وعشرين يوماً، فإنْ صحَّت، ولم ترَه، فلا تصم، وإن تغيّمت فصُمْ)(6)، وهي ضعيفة بجهالة ابن ولّاد.

قال صاحب الحدائق (رحمه الله): (والظَّاهر أنَّ ما دلّ عليه الخبران الأوَّلان صريحاً، والثَّالث ظاهراً من عدم صوم يوم الثَّلاثين مع عدم العلّة والشُّبهة هو مستند الشَّيخ المفيد (قدس سره) في ما نقل عنه من كراهيّة صوم هذا اليوم مع الصَّحو، كما نقله عنه في البيان، حيث قال: ولا يكره صوم يوم الشَّكّ بنيّة شعبان، وإنْ كانت الموانع من الرُّؤية منتفية، وقال المفيد: يُكره مع الصَّحو إلَّا لِمَنْ كان صائماً قبله، انتهى، وما نُقل هنا عن الشَّيخ المُفيد (قدس سره) لعلَّه من غير المُقنعة؛ لأنَّ كلامه في المُقنعة صريح في الاستحباب مُطلقاً، كما لا يخفى على مَنْ راجعه...)، إلى آخر كلام صاحب الحدائق (رحمه الله).

أقول: يظهر من هذه الرِّوايات بيان عدم الاعتناء باحتمال كونه من رمضان مع الصَّحو، وأنَّ ما ورد من الحثّ والتَّرغيب في صوم يوم الشَّكّ أُريد به ما إذا كان هناك علّة مانعة من الرُّؤية من غيم ونحوه، لا مع الصَّحو، وعدم تبيّن الهلال، فلم يقصد بالنَّهي عن صومه أو الأمر بالإصباح مفطراً إلَّا الرُّخصة، وبيان أنَّه ليس إلَّا كغيره ممَّا مضى من الأيام الَّتي لم يكن له داعٍ إلى صومه.

نعم، ظاهر رواية هارون بن خارجة، ورواية ربيع بن ولَّاد، وجوب صومه مع الغيم احتياطاً في صوم رمضان، كما هو وجهه الظَّاهر الَّذي ينسبق إلى الذَّهن من الأمر بصوم يوم الشَّكّ.

ولكن -مع قطع النَّظر عن ضعف سندهما- يجب حملهما على تأكُّد الاستحباب جمعاً بينهما وبين غيرهما من الرِّوايات المُتقدِّمة الَّتي هي صريحة الدَّلالة في الاستحباب ونفي الوجوب، والله العالم.

_____________________

(1) الوسائل باب5 من أبواب وجوب الصَّوم ونيّته ح9.

(2) الوسائل باب6 من أبواب أحكام شهر رمضان ح6.

(3) الوسائل باب5 من أبواب وجوب الصّوم ونيّته ح4.

(4) الوسائل باب5 من أبواب وجوب الصّوم ونّيته ح12.

(5) الوسائل باب3 من أبواب أحكام شهر رمضان ح14.

(6) الوسائل باب16 من أبواب أحكام شهر رمضان ح2.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo