< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

هل يجب القضاء على السكران

وفيه: أنَّ رواية مَنْ فاتته فرضة نبويّة ضعيفة، كما ذكرنا في أكثر من مناسبة، ولا دليل بالخصوص على وجوب القضاء هنا.

ومقتضى الصِّناعة العلميّة: عدم وجوب القضاء عليه.

نعم، الأحوط الأولى: أن يقضى بعد الإفاقة، والله العالم.

    

 

*قوله: (والنَّائم بحكم الصَّائم مع سبق النِّيّة أو انتباهه قبل الزَّوال وتجديدها، ولو نام أياماً قضى ما لم ينوِ له، وفي المبسوط: يصح كلّها مع سبق النِّيّة، بناءً على إجزاء النِّيّة للأيام)*

قال في المدارك: (وأمَّا صحَّة صوم النَّائم إذا سبقت منه النِّيّة، وإنِ استمرّ نومه في مجموع النَّهار، فعليه اتِّفاق العلماء لتحقُّق الصَّوم الَّذي هو عبارة عن الإمساك عن تعمُّد فعل المُفطِّر مع النِّيّة...).

وفي الجواهر: (وأمَّا النَّائم فلا خلاف ولا إشكال في صحَّة صومه إذا سبقت منه النِّيّة، ولوِ استمرّ إلى اللَّيل، بل الإجماع بقسمَيْه عليه، بل لعلَّه من الضَّروريّات المستغنية عن الاستدلال بالإجماع والرِّوايات...).

أقول: تسالم الأعلام قديمًا وحديثاً، وفي جميع الأعصار والأمصار، على صحة صوم النَّائم، ولو في تمام النَّهار إذا سبقت منه النِّيّة في اللَّيل، بل المسألة من الواضحات المُستغنية عن الاستدلال.

وقد ذكرنا سابقاً أنَّه لا يُعتبر في الصَّوم أن تكون التُّروك المُعتبرة فيه ناشئاً عن عزمه؛ لأنَّ للتُّروك أسباباً كثيرة لا يُعدّ ولا تُحصى؛ إذ قد يجتمع مع العزم على التَّرك عدم المقتضي للفعل، فيكون التَّرك مُستنداً في العرف إلى عدم المقتضي.

وبالجملة، فإنَّه يكفي في مقام الامتثال مجرّد عدم ارتكاب المُفطِّرات، وإن كان ذلك لعدم المقتضي أو لعدم وجود الطَّعام والشَّراب عنده، فإذا أمرنا المولى سبحانه وتعالى في شهر رمضان المبارك بترك الأكل والشُّرب، ونحو ذلك من التُّروك، فإنَّه يكفي في مقام إطاعة أمر المولى أن يعزم على ترك تلك الأمور، وأن لا يفعلها، وإن كانت تلك الأمور أو بعضها غير حاصلةٍ لديه، فإنَّه يكفي في المقام أن يعزم على ترك المُفطِّرات لو كانت موجودةً، وإن لم تكن حاضرةً لديه.

ومن هنا، لو عزم في اللَّيل على أن لا يأكل في الغد لكفى ذلك في المقام، وإن نام عقيب هذه النِّيّة طول النَّهار أو غفل عن الأكل، إلى أن ينتهى اليوم، فإنَّ صومه صحيح، بل ذكرنا سابقاً أنَّه لو نام أياماً، فيصحّ صومه فيها كلّها مع سبق النِّيّة؛ لما عرفت من إجزاء النِّيّة للأيام كلّها.

وأمَّا ما ذكره ابن إدريس (رحمه الله) في السَّرائر من أنَّ النَّائم غير مُكلفٍ بالصَّوم، وليس صومه شرعيّاً، فمحمول على إرادة أنَّ الإمساك في حال النَّوم لا يُوصف بوجوب، ولا ندب؛ لعدم الأمر حينئذٍ، فلا يُوصف بالصِّحّة الَّتي هي بمعنى موافقته بخلاف الصِّحّة الَّتي هي بمعنى إسقاط القضاء.

وممَّا ذكرنا يتضح لك: أنَّه إذا لم تسبق منه النِّيّة، ثمَّ طلع الفجر عليه نائماً، واستمر حتَّى زالت الشَّمس، فعليه القضاء بالاتِّفاق.

وفي الجواهر: (بلا خلاف ولا إشكال لفساد الأداء بفوات النِّيّة الَّتي هي شرط فيه...).

وهذا لا كلام فيه، وإنَّما الكلام فيما لو استيقظ قبل الزَّوال، فهل يُجدّد النِّيّة، ويصحّ صومه أم لا؟

ذكر جماعة من الأعلام أنَّه يُجدِّد النِّيّة، ويصحّ صومه، كما في الواجب غير المُعيَّن.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّه لا دليل على ذلك في شهر رمضان، والواجب المُعيَّن غيره، فإنَّ فيهما لابُدّ أن تكون النِّيّة من الفجر أو قبله.

نعم، ورد ذلك في المسافر الَّذي وصل إلى وطئه قبل الزَّوال، ولم يتناول المُفطِّر، فإنَّه يُجدد النِّية، ويصحّ صومه.

وأمَّا فيما نحن فيه، فلا دليل على تجديد النِّيّة إذا استيقظ قبل الزَّوال، ولم يكن نوى من اللَّيل، أو الفجر.

وعليه، فلابُدّ من القضاء، والله العالم.

    

 

*قوله: (والكافر يجب عليه)*

ذكرنا سابقاً، وفي أكثر من مناسبة، أنَّ الكفّار مُكلّفون بالفروع، كما أنَّهم مُكلّفون بالأُصول، خلافاً لجماعة من الأعلام، حيث إنَّهم ذهبوا إلى أنَّ الكفَّار مُكلّفون بالأُصول فقط، فراجع ما ذكرناه في مبحث الحجّ، حيث ذكرنا الأدلَّة بالتَّفصيل.

    

 

*قوله: (ولا يصحّ منه)*

وفي المدارك: (أمَّا أنَّه لا يصحّ صوم الكافر بأنواعه، فلا ريب فيه، بل الأصحّ اعتبار اعتبار الإيمان أيضاً...).

وفي الجواهر: (فلا يصحّ صوم الكافر إجماعاً...).

أقول: تسالم الأعلام قديماً وحديثاً على عدم صحَّة الصَّوم من الكافر.

أمَّا بناءً على عدم تكليف الكفّار بالفروع، فالأمر واضح؛ إذ لم يتوجّه التَّكليف إليه ليصحّ العمل منه.

وأمَّا بناءً على تكليفهم بالفروع، كما هو الصَّحيح عندنا، فأيضاً لا يصحّ صومهم؛ لاشتراط الصَّوم، وكلّ عبادةٍ بنيّة القربة، ولا تتمشّى القربة منه.

ويشهد لذلك أيضاً: جملة من الآيات الشَّريفة:

منها: قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}.

ومنها: قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ}.

فإذا كان الكفر مانعاً من قبول النَّفقة، فهو مانع من صحّة الصَّوم من باب أولى.

ويدلّ أيضاً على عدم الصِّحّة من الكافر: ما ذكرناه في أكثر من مناسبة من اشتراط الإيمان -أي الولاية- في صحَّة العمل، ولذا ذهبنا إلى بطلان عبادة المخالفين.

وعليه، فهذا الشَّرط يدلّ على بطلان عبادة الكافر بطريق أولى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo